لم يكن الاتجاه لوكالة البلح، أو محاولة اكتشاف أسواق أخرى أقل سعراً وأكثر "حنية" على جيوب الزبائن هى النتائج الوحيدة لارتفاع أسعار الملابس، حتى أصبح "طقم العيد" بحاجة لميزانية لا يقوى على توفيرها الغالبية العظمى من الأسر المصرية، خاصة إذا كانت الأسرة مكونة من 5 أو 6 أفراد، لذلك تولدت الحاجة لحلول تناسب ميزانية الأسرة المصرية، وكانت العودة مرة أخرى للتفصيل أمر منطقى فى ظل هذا الارتفاع فى أسعار الملابس الجاهزة والمستوردة.
وبما أن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، فإن الارتفاع الهائل فى أسعار الملابس، أنعش سوق "الترزية"، وأعاد إحياء مصطلح "الخياطة" التى عادت لها الفتيات لتفصيل الأزياء التى تراها على "الانترنت" ولا تتمكن من توفير أسعارها.
وفى جولة لاكتشاف هذا الباب الذى أعاد فتحه ارتفاع الأسعار، دخل "اليوم السابع" عالم الترزية للتعرف على ما لمس هذا العالم من تغييرات على مدار سنوات طويلة..
بداية الرحلة كانت من داخل ممر الكونتيننتال الذى يتكون من عدة أدوار، الأول ملىء بالملابس الجاهزة ، ثم الدور العلوى الذى قابلنا به عم "على السمخاوى" ترزى حريمى قضى 40 سنة من عمره فى هذا المهنة بعدما هاجر من مدن القناة.
"سوق التفصيل رجع يتنفس من آخر السنة اللى فاتت"، هكذا بدأ "عم على حديثه لـ "اليوم السابع" عن انتعاش سوق التفصيل بعد غلاء الجاهز، ويقول : "منذ نهاية العام الماضى بدأت الناس اللجوء للتفصيل بعد سنوات طويلة توقف عملنا فيها، سوى من "تركيب سوستة، أو تضييق أو توسيع أو تطريز"، ولكن الوضع اختلف حالياً وخاصة بعد الارتفاع الأخير لسعر الدولار.
ويقول : بالطبع لن يعود سوق التفصيل مثل السابق، ولكنه على الأقل سينتعش بعد ركود طويل، وبالطبع أصحاب الذوق هم من يقبلون على التفصيل.
محل آخر مجاور لا تزيد مساحته كثيراً عن محل عم "على"، فى منتصف الممر يجلس "نادر منسى" ترزى البدل الرجالية، وهو ما يزيد الأمر صعوبة نظراً لتخصصه فى واحدة من أصعب القطع التى تحتاج لخياط ماهر، ويحكى "منسى" عن مهنته قائلاً : "إلى جانب زمن الأبيض وأسود، تعتبر فترة التسعينيات من أزهى عصور التفصيل عندما كانت الأقمشة المصرية فى متناولنا جميعاً، أما بعد أن أنتجت المصانع "البيجامات" وانتشر المستورد "مابقاش الموضوع جايب همه"، ويضيف : "السوق رجع شوية بعد ما الدنيا ولعت، بس لازم يبقى فى اهتمام بالمهنة قبل ما تنقرض".
بعيداً عن ممر الكونتيننتال، وفى محل منفصل يعرفه أهالى وسط البلد جيداً، يستقر شيخ الترزية "سيد عبد الرحيم" الشهير بالشيخ "سيد مانى" تربية الأسطى "مانى" الإيطالى منذ أكثر من خمسين عاماً وهو يعمل فى مهنة التفصيل، ومتخصص فى تفصيل القميص اللوكس، و يأتى له الأجانب من كل أنحاء العالم.
"عم سيد" ليس فقط من أشهر صناع "القميص اللوكس" وأكثر الترزية شهرة ، ولكنه صاحب لقب "ترزى النجوم" حيث كان أشهر نجوم الزمن الجميل يترددون على محله المتواضع، مثل "عادل إمام، سعيد صالح، حسن مصطفى، وعبد المنعم مدبولى" وغيرهم.
ويضيف الشيخ سيد أن القميص الجاهز هو الأسوأ على الإطلاق، لذلك هو متمسك بتفصيل القميص اللوكس "بتاع زمان" والذى كان يطلبه الزبون من آخر الدنيا بحسب قوله، موضحا أن التفصيل سينتعش مرة أخرى لأن الجاهز غالى "على الفاضى".
الترزية-(16)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة