بوتيرة متسارعة، تواصل الدول الأوروبية تحركات منفردة وأخرى مشتركة لمواجهة التنظيمات والكيانات الإرهابية فى ميادين القتال، وميادين السوشيال ميديا والإنترنت على حد سواء، بعدما اكتوت عواصم القارة العجوز على مدار الأشهر القليلة الماضية بنيران الإرهاب الذى نال من مدنين ورجال أمن وخلف وراءه مئات الضحايا فى لندن وبرلين وباريس وغيرها.
وقبل أيام أجرت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى مشاورات مع الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون لتحضير حزمة من الإجراءات والتشريعات الموجهة لمكافحة التطرف عبر شبكة الإنترنت منها "فرض غرامات على منصات أون لاين على غرار فيس بوك وجوجل، فى حال عدم اتخاذهم إجراءات لمكافحة ترويج التطرف. كذلك الحد من تشفير المحادثات، حيث أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، آمبر رود، عن منع التشفير فى "المسنجرات"، وعبرت عن تأييدها لتقديم إمكانية وصول الأجهزة المختصة إلى بيانات مستخدمى الإنترنت.
وسبق للرئيس الفرنسى الإعلان عن معارضته لتشفير نقل البيانات الإلكترونية، وقال فى تصريحات سابقة: "حتى الآن ترفض شركات الإنترنت الكبرى كشف مفاتيح التشفير أو إتاحة إمكانية الوصول إلى البيانات، وتلك الأوضاع مرفوضة".
ومن لندن إلى بروكسل، كشفت قناة "بلجيك 24" فى تقرير لها اليوم أن الشرطة الاتحادية البلجيكية وأجهزة أمن الدولة والاستخبارات العسكرية تعتزم البدء فى استخدام تطبيق برنامج إلكترونى متطور يمكنهم من جمع المعلومات الاستخبارية، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب.
وسيتيح هذا البرنامج للأجهزة الأمنية فى بلجيكا الكشف عن الإرهابيين المفترضين ودعاة الكراهية على الإنترنت، وفقا لما أوضحه بيان الداخلية البلجيكية.
الخطوة البلجيكية الجديدة جاءت بعد موافقة مجلس الوزراء بداية العام الجارى على شراء برنامج إلكترونى آخر قادر على الكشف تلقائيا عن المواقع التى تنشر الكراهية. وستقرر الحكومة، بعد فصل الصيف الحالى، المؤسسة التى ستقوم باستضافة البرامج الجديد وتشغيله.
ومن المتوقع أن تبدأ الشرطة وأجهزة تحقيق أمن الدولة، وأجهزة الاستخبارات العسكرية فى استخدام هذا البرنامج فى نهاية العام الحالى، أو مع بداية العام المقبل على الأرجح، وستبلغ التكلفة الإجمالية لشراء البرنامج وتشغيله ما يقارب 8.6 مليون يورو.
ومنتصف الشهر المقبل، تجتمع ممثلون عن بريطانيا واستراليا والولايات المتحدة وكندا ونيوزيلاندا لمناقشة إجراءات الضغط على مصممى برامج التراسل ونقل البيانات للسماح بفك تشفير الرسائل الإلكترونية عند الضرورة.
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، عكست تصريحات المسئولين الأوروبيين وتحركات الدوائر الحكومية والقضائية فى دول القارة الأوروبية اعتزام القارة العجوز اتخاذ إجراءات جادة تجاه منصات السوشيال ميديا وتطبيقات المراسلات الإلكترونية، حيث قال رئيس الوزراء الاسترالى مالكولم تيرنبال "لا يمكن لخصوصية الإرهابى أبداً أن تكون أهم من أمن المواطنين".
بدوره، قال بيان لحزب المحافظين البريطانى، خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة "البعض يقول أن تنظيم عمل التقنيات والإنترنت وعملية نقل البيانات ليس من صلاحيات الدولة.. لكننا نختلف مع ذلك ولا نتفق مع تلك الآراء". وقبل أيام أصدرت محكمة نمساوية حكماً إلزامياً لموقع "فيس بوك" بحذف النشرات المهنية المثيرة للكراهية والتطرف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة