لم يعد الغش التجارى مقصورا على تقليد منتج غذائى أو قطعة ملابس فقط، وإنما تحول إلى غول كبير يلتهم الأخضر واليابس ويغطى على جميع المنتجات المعروضة سواء كانت أدوية أو سلع معمرة أو زيوت سيارات أو أسلاك كهرباء ،ولم تقتصر جريمة الغش التجارى على تقليد منتج بشكل ردىء، وإنما أصبحت كارثة قد تنفجر فى وجه الحكومة فى أى وقت من خلال حريق ضخم نتيجة استخدام أسلاك غير جيدة التوصيل، أو انهيار عقار نتيجة الغش فى مواد البناء .
قانون الغش والتدليس
وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 و المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص فيها "يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة وبغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.
وحدد القانون الغش بعدة حالات وهي،ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه ، وحقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، نوع البضاعة أو منشؤها أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا فى التعاقد، عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أووزنها أو طاقتها أو عيارها
وتكون العقوبة الحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتجاوز خمس سنوات وبغرامة لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولاتجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر او بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أوقياسها أوكيلها أو فحصها غير صحيحة " .
و قررت محكمة النقض ذلك فى أحكامها " يكفى لتحقق الغش خلط الشىء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته و لكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها فى صورة أحسن مما هى عليه .
من أمن العقوبة أساء الأدب
من جانبه طالب علاء علم الدين المحامى بالنقض من المشرع بتغليظ العقوبة وإعطاء القاضى حرية المرونة فى توقيع العقوبة فى جرائم الغش التجارى التى يترتب عليها أثار جسيمة.
وأوضح علم الدين فى حديثه لـ "اليوم السابع "،أنه قد يترتب على جريمة غش دواء وفاة مريض،مشددا على أن عدم تحقيق الردع الكافى من قبل القانون على المتهم يترتب عليه شيوع وانتشار الجريمة.
واختتم علم الدين حديثه قائلا إن الغش التجارى من الجرائم التى تضر الاقتصاد المصرى وتشوه سمعة المنتج المصرى من خلال خداع المستهلك .
واتفق مصطفى عبد الستار، مدير الشئون القانونية بجهاز حماية المستهلك، مع سابقه فى ضرورة تغليظ عقوبة جريمة الغش التجارى ، لردع التجار فى الأسواق ، مؤكدا أن عقوبات جرائم الغش التجارى غير ذات جدوى، بالرغم من أنها تؤثر على الناتج القومى للدولة وكذلك ميزانية الأسرة البسيطة،ناهيك عن الأثار الجسيمة فى الصحة والبنية التحتية نتيجة السلع غير المطابقة للمواصفات .
وأوضح مدير الشئون القانونية بجهاز حماية المستهلك فى حديثه لـ " اليوم السابع " ، عن آلية الجهاز فى محاربة الغش التجارى ، عن محورين أولهما الرصد والتفتيش من خلال استخدام الضبطية القضائية، مؤكدا أنه بصدد إنشاء شبكة إنذار مبكر سوف تتواصل بها مع الأجهزة الرقابية والحكومية بالدولة، والمحور الثانى عن طريق تلقى الشكاوى والبلاغات وزيادة فروع الجهاز فى المحافظات.
واستطرد مصطفى عبد الستار قائلا أن الجهاز تلقى 38 ألف شكوى خلال عام 2016 تعامل مع 85% منهم ، فيما قام بمعالجة أكثر من 120 ألف سيارة معيبة وإعادة طرحها مرة أخرى للمستهلك.
وحول آلية تحرك الجهاز فى الشكاوى والبلاغات أكد عبد الستار،أننا نتحرك حسب الجرم وتأثيره على المواطنين فالاستجابة لبلاغ حول سلعة غذائية منتهية الصلاحية يكون أسرع من البلاغ عن غسالة بها عطل .
وصف الدكتور حسين منصور رئيس وحدة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء قانون الغش التجارى الموجود بأنه قانون مطاط وغير واضح ويحتوى على عبارات ومفاهيم مختلفة لا تراعى التطور الحديث لجرائم الغش التجارى وعلى سبيل المثال كلمة تدليس المذكورة فى القانون وليس لها مفهوم واضح .
وقال الدكتور حسين منصور فى تصريح صحفى خاص لـ " اليوم السابع" ، إن مفاهيم الغش التجارى اختلفت فى العالم أجمع ونحن مازلنا نحارب الغش التجارى بقانون عقيم منذ 77 عام ، تغيرت خريطة العالم فيها.
وشدد رئيس وحدة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء، على ضرورة اعداد قانون حديث يراعى التطورات الجديدة لجرائم الغش التجارى وذلك فور تشكيل الهيئة القومية لسلامة ، مضيفا أن هناك فرق بين الغش التجارى والغش بهدف الربح والغش المتعمد والغش الذى يؤثر فى عدد من الناس ، والغش الذى ينتج عنه تلوث غذائى ، مؤكدا ان القانون الجديد سوف يراعى كل ذلك .
وفى نهاية حديثه طالب الدكتور حسين منصور بسرعة تشكيل الهيئة القومية لسلامة الغذاء، للقيام بدورها فى محاربة جرائم الغش التجارى ، التى تؤثر فى الاقتصاد المصرى بشكل مباشر وغير مباشر ، وتعطل حركة الإنتاج.
رصد لبعض وقائع الغش التجارى
تمكن ضباط إدارة شرطة التموين من القبض على "أسامه ز ن"، 26 سنة، صاحب مؤسسة للأدوات والأسلاك الكهربائية، لقيامه بتصنيع الأسلاك الكهربائية مقلدة ومغشوشه مستخدما علامة تجارية مملوكه للغير " السويدى " بداخل مصنع بدون ترخيص "ملكه"، بقصد التصرف فيها بالبيع لتحقيق أرباح غير مشروعة.
تم استهداف المصنع و أمكن ضبطه وعثر بداخله علي 28 ألف متر سلك من الأسلاك الكهربائية مختلف الأنواع مدون عليها ( السويدى) مجهولة المصدر وغير مصحوبة بأية مستندات تدل على مصدرها .
فيما شنت الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة حملات تموينية موسعة لمحاربة الغلاء والاحتكار وضبط الأسعار، والحفاظ على استقرار كل السلع والمواد التموينية، وتفعيل مراقبة أسعار السلع الغذائية الأساسية والخضراوات والفاكهة واللحوم والوقود بالأسواق، بهدف ضبط كل السلع الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك قبل ترويجها على المواطنين.
وتمكن ضباط إدارة شرطة التموين والتجارة من القبض على "محمد.س.ى" 28 سنة سائق، مقيم مصر القديمة، لحيازته كميات كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر، وتم استهدافه بمأمورية أسفرت عن ضبطه أثناء تواجده بمنطقة أرض يعقوب، فى السيدة زينب، وضبط بحوزته السيارة رقم أ ت ب 6145 نقل.
وبتفتيش السيارة عثر بداخلها على كمية من اللحوم المستوردة بإجمالى (1.700 طن لحوم مجمدة) مجهولة المصدر وغير صالحة للاستخدام الآدمى وغير مصحوبة بأى مستندات تدل على مصدرها.
وداهمت الإدارة العامة لشرطة التموين برئاسة اللواء ياسر صابر مساعد وزير الداخلية، بالتنسيق مع لجان من الهيئة العامة للطب الوقائي ومفتشي الأغذية بوزارة الصحة، مصانع للأغذئية والحلويات بمحافظتي القاهرة والقليوبية، والتي تنتج السلع الغذائية "البسكويت، وكعك العيد، وبيتي فور" مستخدمين خامات سابقة الاستخدام "الهوالك" الغير صالحة للاستخدام الأدمي والبعض الأخر خالية من أية مستندات تفيد مشروعية حيازتها أو مصدرها "مجهولة المصدر، وإدخالها في عملية التصنيع وتعبئة المنتج النهائي داخل عبوات جديدة لطرحها للجمهور بمناسبة قرب حلول عيد الفطر المبارك، مدخلين الغش والتدليس على جمهور المستهلكين ومعرضين صحتهم وحياتهم للخطر، بهدف تحقيق أرباح طائلة غير مشروعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة