خلال سنوات تآكلت الأراضى الزراعية بنسبة كبيرة، خاصة فى وسط الدلتا، وفى المرات الأخيرة التى زرت فيها بلدتى بسيون بمحافظة الغربية وجدت أن نسبة كبيرة من الأراضى التى كانت زراعية حتى وقت قريب، احتلتها المبانى، لدرجة تكاد تختفى الرقعة الزراعية فى كثير من المناطق لصالح الكتل الخرسانية.
خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد الانفلات الأمنى سارع كثيرون بالبناء على الأراضى الزراعية قامت مشروعات أو تم تبوير آلاف الأفدنة. وفشلت كل الحملات التى تم تنظيمها لإزالة التعديات، هناك حيل كثيرة لاستمرار المبانى فضلا عن الكثير من الثغرات.
نفس الأمر فيما يتعلق بأراضى طرح النهر التى تم البناء عليها أو الاعتداء عليها، ولم تقترب منها حملات استرداد أو حملات إزالة مخالفات، فى محافظة الغربية وبعض محافظات الدلتا هناك أزمة، هى أنه لا توجد أى امتدادات صحراوية، وبالتالى فإن تضاعف عدد السكان لا يقابله أى إمكانية للتوسع فى الأراضى أو بناء مدن جديدة أو صناعية.
ومن هنا يبدو الحديث عن مواجهة الاعتداء على الأراضى الزراعية خيالا، فى ظل وجود حالة اضطرار، من أجل استيعاب الزيادة السكانية، وبالتالى يرى الفلاح نفسه مضطرا وهو يسعى لبناء بيت يستوعب فيه أبناءه، فينتزع قطع أراضٍ. وما لم يتم توفير بدائل أو ظهير صحراوى لهذه المحافظات قد يأتى يوم تختفى فيه الأراضى الزراعية بالدلتا. فضلا عن فتح الباب لنمو عشوائيات، والبناء من دون تخطيط، فتقوم مبانٍ مرتفعة فى شوارع ضيقة. مع غياب البنية الأساسية من صرف أو مياه، ويضطر المواطن للصرف فى النيل أو الأراضى الزراعية وهو ما يضاعف من تأثيرات هذا الخراب.
وقد كانت هناك اقتراحات من سنوات بأن يتم ضم مركز كوم حمادة بالبحيرة إلى محافظة الغربية، لفتح مجال للتوسع وإنقاذ الأراضى الزراعية الخصبة، لكن تم تجاهل هذا، والزحف على الأراضى الزراعية وارتفعت أسعار الأراضى لتتجاوز فى بعض الأحيان أسعارها بالقاهرة.
نحن أمام أزمة تحتاج للتفكير فيها بمناسبة الحديث عن استرداد أراضى الدولة أو إزالة التعديات على الأراضى الزراعية، لأنه مالم يتم إيجاد بديل حقيقى سوف تستمر أراضى الدلتا ومنها محافظ الغربية فى التقلص والتآكل، والمواطن يرى نفسه مضطرا للتضحية بالأرض الزراعية، ليجد لنفسه متنفسا. وقد لا يكون هذا الأمر تبريرا، لكن يفترض أخذه فى الاعتبار إن كانت الحكومة جادة فى إنقاذ الأراضى الزراعية.
لقد أدت السياسات العشوائية، وتحويل المدن الجديد إلى تجارة ومضاربة، إلى اتساع العشوائيات، لأن الأغلبية لم تجد مسكنا فى ظل ارتفاعات الأسعار. وبالتالى هناك أهمية لأن يتم التعامل مع قضية الأراضى الزراعية خاصة فى الدلتا بوعى وخطط تنقذ الأرض، وتقدم بدائل معقولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة