أقل مايمكن أن تصف به الراحل محمود الجوهرى بأنه حدوتة غيرت مجرى التاريخ الكروى فى المحروسة، بعدما صنع مجداً لاينسى وتخطت شعبيته كل الحدود وتألم لفراقه المصريين جميعاً بمختلف الانتماءات .
ولد الجوهري عام 1938 في محافظة القاهرة وكان عاشقاً لكرة القدم منذ نعومة أظافره كونه كان يحمل موهبة كبيرة لفتت نظر أحد أساتذته في المرحلة الإعدادية مما جعله يصطحبه معه إلي النادي الأهلي عام 1955 لينضم للفريق الأول بالقلعة الحمراء وهو لم يكمل عامه السابع عشر .
بزغ نجم الجوهري مبكراً وأجبرت موهبته القائمين علي المنتخب الوطني المصري علي الاستعانة به ، ليخوض غمار النسخة الأولي من بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 1957 ، ويقود الفراعنة للتتويج بالبطولة التي حصل علي لقب هدافها .
كما شارك الجوهري أيضاً في دورة الألعاب الأولمبية في روما عام 1960 ، لكن مسيرته في الملاعب لم تدم كثيراً إذ أنه تعرض لإصابة خطيرة في ركبته فشل الأطباء حينها في معالجته ليعلن بعدها اعتزاله .
بدأ مسيرته التاريخية في مصر مع ناديه الأم النادي الأهلي حيث تدرج في العمل داخل قطاع الناشئين حتي تولي تدريب الفريق الأول في بداية الثمانينات ليقوده لإحراز أول لقب أفريقي عام 1982 .
كما نجح أيضاً في الفوز مع الأهلي ببطولة كأس مصر أعوام 1983 و1984 قبل أن يرحل لتدريب نادي الشارقة الإماراتي ، ومن ثم العودة مجدداً للأهلي ليقوده للفوز ببطولة الأندية الأفريقية أبطال الكؤوس ( قبل أن يتغير اسمها للكونفدرالية مؤخراً ).
تولي تدريب الفراعنة عام 1988 لينجح في تحقيق الحلم الأوحد للجماهير المصرية وهو الصعود لكأس العالم 1990 في إيطاليا بعد غياب دام لأكثر من 56 عام ، واستطاع أن يحقق نتائج إيجابية مع الفراعنة حيث قادهم للتعادل أمام هولندا بطلة أوروبا آنذاك ، والتعادل مع أيرلندا ، قبل الخسارة من إنجلترا بهدف نظيف .
لكنه رحل عن المنتخب بعدها بأشهر قليلة جراء هزيمة في أحد المباريات الودية أمام المنتخب اليوناني ، إلا أنه وكالعادة استجاب لنداء الجماهير المصرية العاشقة له والتي طالبته بالعودة مرة أخري عقب خروج المنتخب وقتها من كأس أمم أفريقيا عام 1992 ، ليعود مرة أخري ويحرز مع المنتخب المصري بطولة كأس العرب في نفس العام .
ثم تولي تدريب نادي الزمالك عام 1993 وأحرز معه بطولة أفريقيا للأندية ،والسوبر الأفريقي الذي حصل عليه الزمالك متغلباً علي النادي الأهلي .
وبعد فترة من التنقلات مابين العمل بنادي الوحدة الإماراتي أو منتخب عمان عاد مجدداً لقيادة الفراعنة للفوز ببطولة أمم أفريقيا 1998 لأول مرة منذ 12 عام ، ليكون أول مدرب مصري وعربي وأفريقي يفوز بالبطولة كلاعب وكمدرب .
وبعد خروجه من كأس القارات عام 1999 قدم الجوهري استقالته ليعود كعادته مرة أخري لقيادة الفراعنة عام 2002 قبل أن يرحل بلا عودة بعد ضغوطات شديدة تعرض لها عقب خروجه من بطولة مالي 2002 .
لم يكن الجنرال "ملاكا" معصوما من الخطأ، فقد اتخذ قرارات خاطئة واختار لاعبين دون المستوى فهو بشر في النهاية يخطئ ويصيب، لكنه كان صادقا ومخلصا، لم يكن مجرد مدرب يبحث عن الأموال وإنما كان باحثاً عن مجد كروى تستحقه هذه البلد .
ومع انتهاء قصة الجوهرى في عالم التدريب برحيله تظل كلماته واقواله المأثورة محفورة في الأذهان، فالكارهون للجنرال مهما حاولوا "تلويث" تاريخه لن ينجحوا، فلديه"جيشا" يدافع عنه عن "حب" و"اقتناع"، فالأمر تخطى مجرد مدرب حقق بطولات مع نادي أو منتخب لكن الأمر تخطى كل الحدود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة