أكرم القصاص - علا الشافعي

زينب عبداللاه

أم سعد الصغير

الجمعة، 30 يونيو 2017 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان يحمل أنابيب البوتجاز إلى بيوت أهالى منطقته بشبرا أو يدخل هذه البيوت لإصلاح بعض الأعطال، فيحصل على أجر يساعده ويساعد أسرته البسيطة على أعباء الحياة، يرى أوانى الطهى الساخنة فى المطابخ، فتعطف عليه ربة المنزل وتمنحه بعضا مما تحتويه هذه الأوانى، وقبل أن تمتد يده ليتذوق أى طعام، يبادر مطالبا ربة المنزل بأن تضع بعضا منه فى "ساندوتش" ليحمله لأمه التى يفكر فيها فى كل الأوقات ولا يهنـأ بشىء دونها.
 
هكذا كانت علاقة سعد الصغير بوالدته، لا يستحى أن يذكر دورها معه أيام الفقر وحرصها عليه أيام الغنى، وتذكيرها الدائم له بما مر عليه وعلى أسرته من ظروف صعبة قائلة "اوعى تنسى أصلك وأهلك"..
 
"أمى دى سر حياتى ومديرة أعمالى، أنا من غيرها ولا حاجة، هى سندى وسبب كل حاجة حلوة فى حياتى"..لا يخجل سعد الصغير من الحديث عن أمه فى كل مناسبة ولقاء.
 
كان سعد الصغير يسعى بكل ما أوتى من مال وشهرة لإسعاد والدته ، يذكر دورها معه دائما :" أمى كانت بتحط القرش على القرش، وتحوش علشان مستقبلى ومستقبل اخواتى وعيالى، وربنا بيكرمنى ببركة دعاها."
 
تفاصيل صغيرة كان ينتبه لها فيترجم رغبات والدته وأمنياتها دون أن تطلبها ، كانت صدمته وصدمة أمه وأسرته كبيرة عندما توفى شقيقه الأصغر وهو فى سن 22 عاما تاركا طفلين ، حاول سعد التخفيف عن والدته ، لاحظ أنها تجلس أحيانا فى شباك غرفتها وتبكى وحيدة ، فعزم على أن يبنى مسجدا أمام شباكها صدقة على روح شقيقه حتى تهدأ أحزان أمه حين تنظر من شباكها فترى المسجد ، وبالفعل اشترى الأرض الواقعة أمام منزل والدته بشبرا من جارته المسيحية التى وافقت وكتبت له العقد ، رغم أنه لم يكن يمتلك ثمن الأرض وقتها ، كما أكد سعد قائلا :" ماكنش معايا فلوس لكن بعدها ربنا كرمنى وطلبونى فى إعلانات شركات كبيرة وجبت شنطة فلوس اديتها لجارتى اللى مش هنسى جميلها".
 
كان يحرص دائما على أن يصطحب والدته إلى رحلات الحج والعمرة كى يخفف عنها .
 
حكى أن والدته قالت له:" نفسى أسكن فى فيلا حلوة" ، فبنى الفيلا ودعاها للانتقال إليها ، ولكنها رفضت مؤكدة أنها أرادت أن يبنيها لزوجته وأبنائه ، قالتلى :" هوة انا بتاعت فيلل أنا هاعيش وأموت فى بيتى فى شبرا ، الفيلا دى ليك ولعيالك".
 
كانت والدة سعد الصغير تعشق الإسكندرية ، وتحب شارع خالد بن الوليد ، والشواطئ الشعبية فحرص على أن يجعلها تقضى بعض أيام الصيف هناك، وكان يحرص أن يقضى معها يوما:" أمى بتقعد على البحر وتشاورلى أنزل وتقوللى: هتكبر على الناس يابن ال..".
 
كانت والدة سعد سيدة مجاملة ككل أمهاتنا ، تحرص على علاقاتها بجيرانها فى شبرا وترتبط بهم ارتباطا شديدا، وكان سعد يحرص على مجاملتهم، حبا فى والدته وحرصا على علاقات الود مع الجيران وعشرة العمر.
 
يعترف سعد بأنه ليس مطربا أو ممثلا وأن موهبته محدودة ، ويقول : سر نجاحى عند ربنا ، باعمل خير ولو مش معايا فلوس بلاقيها جت من حيث لا أدرى." وقد تكون علاقته بأمه هى سر الأسرار فيما وصل إليه.
 
ينتقده الكثيرون ، وكثيرا ما يثير الجدل أو الغضب ، ولكن يبقى هذا الجزء الذى لا تستطيع معه إلا أن تحترمه، أو تعزو إليه ما حققه من نجاح وشهرة ومال، علاقته بأمه وحرصه على رضاها ، هذا المفهوم الذى يغيب عن الكثيرين ، أو تشغلهم عنه أعباء الحياة ومشاغلها، ولا يفيقون إلا حين يفقدون الأم ، وحينها يراجعون أنفسهم ، ويعرفون بعد فوات الأوان أنهم قصروا ، وأنه لا شيئ يعوض هذا التقصير ، وتلك الأشياء البسيطة التى يمكنها إسعاد أمهاتنا ولكننا كثيرا ما نغفل عنها.
 
تفوق سعد الصغير على الكثيرين ، فانتبه لأشياء قد يغفلها من هم أكثر منه علما وثقافة ومكانة ، عرف منذ صغره كيف يبر والدته ، لم يبخل عليها ولم يترك فرصة لإسعادها أو ذكرها بالخير والعرفان بفضلها إلا وسارع إليها.
 
ماتت أم سعد الصغير ولكن ستبقى كل ذكرى طيبة أسعدها فيها ابنها عالقة فى ذهنه ، تخفف عنه آلام الفراق يسترجعها فتصبره على فراق من أكرمه الله لأجلها حتى يحين اللقاء.
 
انتقدوا سعدا أو اغضبوا مما يقدمه ، ولكن تعلموا من هذا الذى يرى نفسه غير موهوب كيف كان بارا بأمه وكيف التفت إلى ما يغفل عنه الكثيرون ولا ينتبهون له إلا بعد فوات الأوان. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

الله يرحمها

فعلا سعد كان بار بامه ودايما يتكلم عنها ويعترف بفضلها عليه واكيد رضاها سبب نجاحه ربنا يرحمها ويصبره

عدد الردود 0

بواسطة:

عايده

لقد ابكيتني ايها الكاتبة

لقد تذكرت امي كانت مثل ام سعد هكذا في التصرفات و الاقوال ..بسيطة ..تحب كل الناس..حاولت جاهدة ان اكون بارة بها .. الله يرحمها ... لم اري سعادة من يوم الفراق ...الله يرحم كل ام توفيت .....

عدد الردود 0

بواسطة:

هدي عبدالرحمن

شكرا يا زينب

شكرا يا زينب علي مقالك المؤثر جدا...رحم الله أم سعد و جازاه الله كل خير علي بره بوالدته

عدد الردود 0

بواسطة:

هدي

الله يرحمها

اكيد انت عايش بدعائها لك الله يجزيك خيرا علي ما فعلتة معها

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

رضا الام

سعد نجح برضا الام وربنا وسع رزقه ببركة دعاها ورضاها ياريت ناس كتير تفهم وتعرف لكن ياخسارة كتير مابيحسوش بقيمة الام الا لما تروح منهم

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

بر الوالدين من أسباب سعة الرزق

قد ننتقد أو نختلف فى عمل سعد ولكن نتفق ونثق من خلال تجارب ودروس الحياة أن البر لايبلى ...كيف لو كان البر بالأم كما فعل سعد ... نكرر الراحمون يرحمهم الله ...كيف لو خفض جناح الذل من الرحمة للأم كما فعل سعد ... سعد مازال صغيرا عند أمه تحوطه بخالص الدعوات .. وتلاحقة بأرحم النظرات ... وتدثره وتحفظه فى سويداء الفؤاد وما أدراكم أن تلك الرحمة المتناغمة قد أنبتت شجرة طيبة أصلها فى الأرض وثمارها فوق السماء وظلها عرش الرحمن ... فقد أخفى الله رضاه فى طاعته يا سعد قد فاضت روح أمك الطاهرة إلى باريها .. ونادى منادى : ماتت التى كنا نكرمك من أجلها ... فانظر ياسعد ماذا ترى ؟ ... وما أنت فاعل ؟... ترحم على أمك عرفانا لها أن أسمتك سعدا لا لتكون سعيدا فى الدنيا الفانية فقط .. بل لتكون سعيدا فى الباقية الطويلة الأبدية السرمدية التى لا موت بعدها فعجل وسارع بفعل الخيرات كما أوصتك وترك المنكرات اللهم اجعلى وإياك من الذين سعدوا فى الدنيا والآخرة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة