اختلف جاران على حدود منزليهما، وضع الأول يده على غرفة جانبية صغيرة من بيت جاره، ولجأ الثانى للقضاء، وأمام المحكمة أحضر أوراقه ووثائقه والشهود، ولدقة ما تضمنته دفوعه، حسم الأمر وقضت المحكمة بأحقيته فى الغرفة، ولكن فى زحمة الدعوى، قال شهود الإثبات: إن الحديقة الخلفية مملوكة لجار ثالث، على الفور تدخل المذكور فى القضية طالبا حقه، وبمراجعة الأوراق، تأكدت المحكمة من الأمر، فقضت بالغرفة للثانى، وبالحديقة للثالث، فاحتج صاحب الدعوى متهما وثائقه الشخصية التى اتخذها دليلا على حقه بالخطأ، مؤكدا أن لديه وثائق أخرى صحيحة تثبت أحقيته فى الحديقة.
عقلا وقانونا لا يمكنك الاعتماد على وثيقة وشهود فى قضية، والحصول على حق من خلالهم، وفى الوقت نفسه نفيهم فى إطار آخر، إن أكدوا حقا مغايرا لما تراه فى موضوع ثانٍ، القاعدة القانونية بطبعها مجردة، والوثيقة لها حجيتها المرتبطة بأثرها المادى والتاريخى، والأدوات التى يمكنك استغلالها لإثبات أحقيتك فى الغرفة، لا يصح نقضها إن أثبتت أحقية جارك فى الحديقة، ولا يمكن اتهامها بالخطأ وتقديم وثائق بديلة، ترتب أوضاعا جديدة وتنفى حقوقا أخرى قد لا تلحظها وسط حمّى التفكير بالقطعة، فضلا عن أنها تأتى فى سياق زمنى أحدث، وعلى أرضية ترتيبات سياسية بين سلطتى احتلال وانتداب، كما سنشرح لاحقا، والحقيقة القاطعة أن التورط فى هذا الموقف تهديد عاصف لكل الحقوق، قديمها وجديدها، وهذا بالضبط حالنا إزاء قضية «تيران وصنافير».
الخارجية الأمريكية و«CIA» بين طابا وتيران
عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبدء جلاء إسرائيل عن سيناء، رأت الأخيرة أن حالة الحدود توفر لها فرصة للتلاعب بخط التماس على رأس خليج العقبة، لتوسيع ميناء إيلات بعد الاستيلاء على «أم رشراش»، والتمتع بوجود أكبر وأكثر تأثيرا فى الخليج الحيوى، نافذتها الوحيدة على البحر الأحمر، بما له من أهمية جيوسياسية وبحرية كبرى، فكان قرارها بالتلاعب بالعلامة الحدودية 91.
الفترة التالية شهدت حالة شد وجذب، حتى نجحت مصر فى الذهاب بإسرائيل للتحكيم الدولى، وبدأت معركة خاضها 24 خبيرا بينهم 9 من أساطين القانون الدولى، وانتهت فى 1988 بحصول مصر على حكم بحقها الكامل والقاطع فى طابا، بعد جهود طويلة، والاستعانة بمئات الوثائق والخرائط والبرقيات، وكل هذا مثل %60 فقط من أدلة مصر على أحقيتها فى المدينة الصغيرة/ الغرفة الجانبية، بينما ارتبطت النسبة الباقية بالشواهد العملية على ممارسة حقوق السيادة، وعدم منازعة الآخرين بها من قبل وثائق وشهادات إسرائيل نفسها.
ضمن الأدلة التى استندت إليها مصر، خرائط ووثائق صادرة عن بريطانيا، وبرقيات من سفرائها بالمنطقة، ووثائق تعود للدولة العثمانية، ومعاهدة لندن 1840، ومرسومان عثمانيان صادران فى 1892 و1906، وأيضا وثائق وخرائط صادرة عن المخابرات المركزية الأمريكية «CIA» ومعتمدة لدى خارجيتها، وخرائط باللغة العبرية قبل 1967 وبعدها، وفرها الجغرافى يوسف أبوالحجاج، تكشف حدود التلاعب الإسرائيلى للتضليل وتشويه قضية طابا، وهى الوثائق نفسها التى للمفارقة العقلية والقانونية، تؤكد أحقية الجار الثالث فى الحديقة، أو بوضوح ومباشرة، أحقية السعودية فى تيران وصنافير.
خرائط الكونجرس ووثائق الأرشيف البريطانى
فى مكتبة الكونجرس الأمريكية، يمكنك مطالعة الخريطة الصادرة عن المخابرات المركزية، والمعتمدة من الخارجية، وتتناول مسطح البحر الأحمر وخليج العقبة، وما يشملانه من جزر، وتقطع الخريطة بشكل واضح بسعودية تيران وصنافير.
الخريطة المؤرخة بالعام 1979، سبقتها نسخ أخرى لخرائط وصور جوية، لدى الخارجية الأمريكية وفى مكتبة الكونجرس أيضا، تشير لخروج الجزيرتين من المياه المصرية، والتعامل معهما منذ 1956، ثم فى 1967، باعتبارهما سعوديتين محتلتين من إسرائيل.
الخريطة السابقة هى الأحدث فى مكتبة الكونجرس، إذ تضم المكتبة 5 خرائط أقدم منها كثيرا، مؤرخة بالأعوام 1800 و1900 و1922 و1947 و1955، كلها تصنف تيران وصنافير جزيرتين سعوديتين، ويصل الأمر فى بعضها لاعتبار سيناء كلها تابعة للحجاز عدا الجزء الشمالى حتى قطاع غزة، بحسب ما تورده خريطة 1800، بينما تحمل نسخة 1947 اسم «خريطة الدول العربية»، وتضم السعودية ومحيطها عدا مصر التى لا تشملها الخريطة، بينما تظهر تيران وصنافير ضمن حدود المملكة.
على الجانب الإنجليزى، يضم الأرشيف البريطانى أكثر من 100 وثيقة، تعود أقدمها للعام 1929، تتضمن مكاتبات مع سفراء لندن فى عدد من دول المنطقة، وبرقيات متبادلة بين الحكومة البريطانية وحكومتى مصر والسعودية، وخرائط وإحداثيات تؤكد كلها سعودية الجزيرتين، واتفاق مصر والسعودية الواضح على ملكيتهما للمملكة، وتبعيتهما مؤقتا للقاهرة.
بحسب وثائق الأرشيف البريطانى، أرسل المدير العام لإدارة الحدود البريطانية، برقية لوزير الأشغال المصرى، حسين سرى باشا، فى 26 يناير 1929، يسأله فيها عن وضعية تيران وصنافير، ورد الأخير: «البعد السياسى لهما غير واضح تماما، ولكنهما جغرافيا تتبعان المياه العميقة خارج الحدود المصرية»، وتشمل الوثائق برقية سعودية لبريطانيا مؤرخة بالعام 1937، تؤكد تبعيتهما لها وتطلب السماح لها ببسط سيطرتها عليهما، وفى 1956 التقى سفير بريطانيا بالسعودية، الشيخ يوسف ياسين، نائب وزير الخارجية، وسأله عن وضع الجزيرتين، فرد المسؤول السعودى: «نتفهم على مستوى الصداقة أن تكونا مع مصر، حماية لهما من إسرائيل، ولكن لم ننقل سيادتهما»، وذلك وفق برقية السفارة لوزارة الخارجية البريطانية تحت تصنيف «سرى للغاية».
ضمن الوثائق التى استند لها الفريق المصرى، وتدعم أحقية مصر فى خط الحدود الجغرافى من طابا إلى مدخل خليج العقبة، وجزيرة فرعون، خريطة صادرة عن البحرية الهندية، مؤرخة بالعام 1830، رسمتها بعثة تابعة لشركة هندية للتنقيب عن المعادن فى البحر الأحمر، وتوثق ملكية الحجاز، المملكة العربية السعودية فيما بعد، لجزيرتى تيران وصنافير، اللتين كان اسماهما وقتها «طرحان» و«سن عفار».
قاضى طابا يحكم فى «تيران وصنافير»
فى معركة التحكيم الدولى التى خاضتها مصر ضد إسرائيل، عمل الفريق المصرى على جمع مئات الوثائق من دور المحفوظات والدوائر الرسمية حول العالم، وتولى الدكتور حامد سلطان، أستاذ القانون الدولى، تمثيل مصر فى هيئة المحكمة المكونة من 5 أعضاء، 3 من فرنسا وسويسرا والسويد، وممثلين لمصر وإسرائيل.
الوثائق التى اطلع عليها «سلطان» واستخدمها فى استعادة طابا، هى نفسها التى أكدت له سعودية تيران وصنافير، فقال فى كتابه «القانون الدولى العام وقت السلم» الصادر 1972: «ويوجد عند كتفى خليج العقبة، بمدخله الجنوبى، أرخبيل يشتمل على عدد من الجزر الصخرية الصغيرة، يبلغ حوالى 30 جزيرة، كانت كلها تابعة للسعودية، وأكبرها جزيرتا تيران وصنافير اللتان تتحركان فى مدخل الخليج، ولقد كان لاحتلال أم الرشراش أثر بالغ لدى مصر، فاتفقت مع سلطات المملكة على أن تحتل قواتها الجزيرتين».
وضمن الفريق المصرى فى طابا، أقر الدكتور مفيد شهاب بسعودية تيران وصنافير، وهو الأمر نفسه الذى أكده كثيرون من أعضاء الفريق والعناصر الفنية المعاونة باللجنتين القانونية والعسكرية، منهم عبدالحميد بدوى، وكمال حسن على، وعبدالفتاح محسن، وحسن عيسى، ونقل الدكتور أحمد القشيرى، أستاذ القانون الدولى، عن الدكتور وحيد رأفت، عضو الفريق المصرى، أنه «عرض عليه فى عام 1954 طعن يخص قطاع غزة، ضمن ما شمله وثائق تخص تيران وصنافير، وقال بعد مطالعة التقرير: «إنه كان يتبنى رأيا بأن السيادة حيث العلم، وقرر مراجعة هذا المبدأ».
إلى جانب عشرات الفنيين والعسكريين وأساتذة القانون ممن خاضوا معركة طابا، اشتبك مع الملف عشرات الكتاب والمؤرخين والجغرافيين، منهم محمد حسنين هيكل، وأستاذ التاريخ عاصم الدسوقى، وأستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد، والدكتور محمد طلعت الغنيمى، والدكتور عمرو عبدالفتاح خليل، والدكتور عبدالمنعم محمد داود، وكلها شهادات موثقة وأبحاث مدعومة بخرائط واتفاقات وفرمانات تعود للدولة العثمانية، وتؤكد خروج تيران وصنافير من حدود المياه المصرية، ودخولهما فى عصمة الحجاز، أو المملكة العربية السعودية التى تأسست 1932.
بين صراع 1882 وقضية الفرمان
لقرون طويلة خضعت مصر للاحتلال العثمانى، وأصبحت منذ بدايات القرن السابع عشر ولاية عثمانية، وكذلك كانت منطقتا الشام والحجاز، حتى وقعت مصر تحت الاحتلال البريطانى فى 1882، وقبل هذا التاريخ لم يكن هناك أى نزاع أو ترسيم للحدود، باستثناء فترة تمدد محمد على واصطدامه بأوروبا وعقد معاهدة لندن، التى تضمنت شروطا قاسية لتحجيم مصر فى البحر المتوسط، ولكنها لم تقترب من تيران وصنافير باعتبارهما خارج الولاية المصرية، وباعتبار المنطقة بأكملها إقليما عثمانيا، ولا ترسم الدولة حدودا بين أجزائها، وظل الأمر مستقرا بين مصر والدولة العثمانية الأم، ولكن مع بداية الاحتلال البريطانى بدأ الصراع.
فى الشهور الأولى لخضوع مصر لبريطانيا، أصدر الباب العالى فرمانا يقضى بنزع الأراضى المطلة على خليج العقبة من مصر، وضمها لفلسطين والأردن اللتين كانتا تابعتين للدولة العثمانية، لتشتعل «قضية الفرمان» التى شهدت نزاعا عنيفا بين لندن والعثمانيين، انتهى جزئيا وبشكل مؤقت بإرسال جواد باشا، الصدر الأعظم، برقية للمندوب البريطانى بمصر، تؤكد أن سيناء آخر الأراضى المصرية، وحدودها تنتهى عند الخط المتجه من العريش ورفح لرأس خليج العقبة، وتم الاتفاق وترسيم الحدود رسميا ووفق وثائق دولية، تضمنت طابا بالطبع، ولكنها لم تتضمن تيران وصنافير.
فى مرحلة تالية، صدر فرمان عثمانى بتاريخ 1892، تضمن تأكيد الخرائط القديمة والحديثة تبعية الجزيرتين للحجاز، بعد فترة قصيرة تجدد الصراع مرة أخرى، وتحديدا خلال العمل فى إنشاء الدولة العثمانية لخطة قطار يربط «معان» والعقبة، الذى احتاج وفق الدراسات الفنية لزحزحة خط الحدود، فتقدمت قوة عسكرية عثمانية، وسيطرت على طابا فى يناير 1906، وسرعان ما انطلقت قوة بريطانية، وتمكنت من تصفية الوجود التركى.
لم تكتف بريطانيا بالخطوة العسكرية، فوجهت إنذارا للحكومة العثمانية، عبر مذكرة رسمية لوزير خارجية الباب العالى، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تركية مصرية لوضع خريطة تعيين الحدود والفصل بين الحجاز والقدس وشبه جزيرة سيناء، بحضور أحمد منزافور بك، والبكباشى محمد فهيم بك، ممثلين للسلطنة، والأمير إبراهيم فتحى والأدميرالاى آر سى آر أوين، مندوبين عن الخديو، وأسفر الأمر عن اتفاق الطرفين على تعيين الحدود وغرس العلامات فى أكتوبر 1906، وضمن تفاصيل الاتفاق أعيد النص على امتداد خط الحدود من العريش حتى مدخل العقبة جنوبا، ولم يتناول تيران وصنافير، تأسيسا على أن النزاع يرتبط بطابا والعقبة ولم يشمل الجزيرتين المحسوم أمرهما قبل ربع القرن تقريبا، منذ نزاع 1882 واتفاق 1906 يستند عليه كثيرون من الرافضين لفكرة سعودية الجزيرتين، متجاهلين الاتفاق الذى تأسس عليه ترسيم الحدود للمرة الثانية، والوثيقة الأقدم التى ترتب أثرا قانونيا حاكما، وكون مراسيم 1906 لم تشر للجزيرتين أصلا، ولا يمكن اعتبار تجاوزهما بالصمت إقرارا لوضع جديد، عكس ما نص عليه اتفاق سابق بين الطرفين نفسيهما قبل 24 سنة.
خرائط مصر ووثائق مسؤوليها وحكوماتها
تتضمن عريضة الأسباب التى يحتج بها القائلون بمصرية تيران وصنافير، كتبا دراسية سعودية لا تشمل الجزيرتين، وهو الأمر نفسه الذى واجهته مصر فى قضية طابا، إذ قدمت إسرائيل خريطة من المناهج الدراسية لدينا، تظهر طابا خارج الأراضى المصرية، إلا أن المحكمة لم تعول عليها، وأكدت اعتمادها على الخرائط الأصلية.
المفارقة فى قائمة الخرائط والوثائق، خريطة صادرة عن الحكومة المصرية بتاريخ 1949، تتناول المقاصد السياحية ومناطق الغوص بمياه مصر، ولا تضم الجزيرتين، تضاف لهذا قائمة طويلة من المراسيم والشهادات والمكاتبات، التى تكتسب حجية الإقرار بالحدود وترتب حقوقا مباشرة والتزامات تستجيب لها الدولة، ومنها إخطار مصر للولايات المتحدة الأمريكية فى 30 يناير 1950، ولبريطانيا فى 28 فبراير التالى، باحتلالها لجزيرتى تيران وصنافير، لتأمين مصالحها ومواجهة تهديدات إسرائيل، وأكدت ضمانها لانتظام الملاحة فى مضيق تيران، واستعدادها لإخلائهما حال استقرار الأوضاع، وهو ما أكده مندوب مصر الدائم لدى مجلس الأمن فى جلسة 27 مايو 1967، قائلا: «لم تحاول مصر فى أى وقت من الأوقات ادعاء السيادة على الجزيرتين، بل إن أقصى ما أكدته هو أنها تتولى مسؤولية الدفاع عنهما».
فى وقت سابق، قال سفير مصر لدى الأمم المتحدة، الدكتور محمد القونى: «الجمهورية العربية المتحدة لم تكن لديها أى نية لضم جزيرتى صنافير وتيران، ولن تضمهما مستقبلا»، وفى 1981 نقل الرئيس السودانى جعفر نميرى رسالة من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، للملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، تطالبه بعدم إثارة موضوع الجزيرتين حتى يتم الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المصرية، وفى 1989 أصدرت المملكة منشورا يتضمن «تيران وصنافير» ضمن حدودها، ولم تعقب مصر أو تعترض، تلاه إصدار رئيس الجمهورية قرارا برقم 27 لسنة 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمى والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وإخطار الأمم المتحدة به، وقد أخرج القرار الجزيرتين من البحر الإقليمى المصرى، وفى 2003 تعهد «مبارك» أمام قمة الملوك والرؤساء العرب برد الجزيرتين للمملكة.
خلال عام 1988 تبادل وزير الخارجية السعودى رسائل عدة مع الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية المصرى آنذاك والمشرف على معركة طابا، وتضمنت الرسائل مطالبة السعودية بإعادة تيران وصنافير لها بعد انتهاء سبب إعارتهما، وبحسب تقرير «عبدالمجيد» المرفوع لمجلس الوزراء بتصنيف «سرى للغاية»، أكد الوزير أنه بعد دراسة الموضوع استوثق من سعودية تيران وصنافير، وأوصى بردهما.
النقطة الغريبة فى الاستشهاد بمصرية تيران وصنافير، قربهما من الحدود المصرية أكثر من السعودية، ورغم أن الفارق أقل من ميل بين المسافتين، فإن هذا الأمر لا يرتب أى حقوق بمفرده، بحسب القانون الدولى وسوابق المنازعات، فقد قضت محكمة العدل الدولية فى نزاع قطرى بحرينى عام 2001، بسيادة المنامة على جزيرة «حوار» رغم قربها من قطر، وهو الأمر نفسه الذى قضت به هيئة التحكيم الدولية فى قضية جزر «حنيش» وأحقية اليمن فيها رغم قربها من إريتريا، وكما لا ترتب المسافة حقوقا، فإن الوجود المباشر لا يرتب سيادة، ولا يمكن اعتبار الوجود على الجزيرتين منذ اتفاق المملكة ومصر فى ديسمبر 1949، أو غياب السعودية عنهما، ترتيبا للسيادة، إذ تقوم السيادة برابط التاريخ والوثائق وإقرار الجيران وعدم منازعتهم، ولا يرتب الاحتلال، سلميا أو قسريا، أى سيادة على إقليم من الأقاليم، كما لا ينتقص الغياب منها، وإلا كانت الصحراء الغربية خارج سيادتنا لغياب الوجود المصرى عنها، ووفق أطر ثبوت السيادة وإقرارها، فإنه لا وثيقة أو خريطة تنفى سيادة السعودية على الجزيرتين، وتتوفر وثائق وخرائط وإقرار من مصر بالعكس، إلى جانب أن الأدلة التى أعادت طابا لمصر وأنقذتها من الانتزاع، هى نفسها ما يؤكد أن تيران وصنافير خارج المياه المصرية، وأنهما تنتميان للمملكة بالتاريخ والوقائع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة