قد يتبادر إلى ذهنك عشرات الأعمال الدرامية الناجحة، ولكنك ربما تنسى اسم صناعها، بمجرد انتهاء حلقاتها، ولكن لا ينطبق هذا الكلام على مخرجة بعقلية كاملة أبو ذكرى، والتى تطل علينا هذا العام، بمسلسل "واحة الغروب" المأخوذ عن رواية الروائي الكبير بهاء طاهر.
أثبتت كاملة نفسها كمخرجة سينمائية بجدارة بأعمالها "عن العشق والهوى" و"ملك وكتابة" و"واحد صفر" و"يوم للستات"، ولكن كان الحضور الدرامى لكاملة أبو ذكرى، أكثر إبهارًا، ولكن ما يلفت الأنظار أن الأعمال الـ 3 التى قدمتها كاملة في التليفزيون، كانت مأخوذة من أعمال روائية، وهو ما يؤكد أنها لا تبحث عن مجرد عمل "والسلام"، ولكنها تسعى دوما إلى الجمع بين المتعة الدرامية للمسلسل، والقيمة الأدبية، فهي دائما ما تبحث عن التفاصيل، بل أنها لا تكتفى بذلك، ولكن "تورط" المشاهد في تلك التفاصيل، وتجعله جزءا من "حدوتها" باللعب على وتر المشاعر الذى أجادت فيه من خلال مسلسل"ذات" لإبراهيم أصلان وقدمتها نيللى كريم، ومسلسل "سجن النسا" لفتحية العسال وقدمتها أيضا نيللى كريم وروبى ودرة، وحقق المسلسلان نجاحا جماهيريا كبيرا، وضع الثلاثي نيللى كريم وكاملة أبو ذكرى مريم ناعوم، في مناطق فنية أكثرا تميزا.
ما يميز ثلاثية ذات وسجن النسا وواحة الغروب، هو التفاهم الواضح تماما بين كل من كاملة أبو ذكرى، ومريم ناعوم، لقدرتهما على خلق عالم حقيقي للرواية الأصلة، والغوص بداخلها لأكثر عمق من التفاصيل، وجعل الشخصيات "لحم ودم" بمشاعر انسانية، أحيانا واضحة وكثيرا تكون متناقضة، ليس النماذج المثالية التى أعتاد المتفرج على مشاهدتها في كلاسيكيات الدراما.
تجربة "واحة الغروب" قد تكون الأصعب في الأعمال الدرامية الروائية التى قدمتها كاملة خلال السنوات الـ 5 الأخيرة، لا لأي شيء، سوى أن أحداثها تسبح في الماضى البعيد، وتحديدا في القرن التاسع عشر، في مجتمع لا نعرف عنه شيئا، وهو مجتمع الواحة في ذلك الوقت، الأمر الذى يتطلب قدرا من الخيال، وتقديم ما يلاءم تلك الفترة الزمنية من ديكورات وأزياء وأضاءة، فضلا عن "أماكن التصوير" والتى قد تحتاج جهدا ومشقة، حتى يخرج العمل بأفضل صورة.
كاملة لديها الفرصة، لتكون النموذج الحديث والمعاصر من مخرجين، تميزوا في معالجة الأعمال الروائية دراميا وفنيا، مثل حسن الإمام وحسام الدين مصطفى وصلاح أبو سيف وكمال الشيخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة