لتوثيق ذاكرة مصر الزراعية واستغلال المساحات الخالية بمحيط المتحف الزراعى، بدأت وزارة الزراعة واستصلاح الاراضى، خطة تنفيذية عاجلة لتطوير المتحف الزراعى المصرى لأهميته التاريخية فى حياة الفلاح والزراعة المصرية، حيث يعد بمثابة نافذة تطل منها كل الأجيال على حضارة مصر الزراعية، فضلاً عن كونه مركزًا للثقافة الزراعية.
وقال الدكتور صفوت الحداد، نائب وزير الزراعة لشؤون الخدمات الزراعية، إن الحكومة اعتمدت للمرة الأولى 22 مليون جنيه لتطوير المتحف الزراعى، وتجديد 7 مبانٍ أثرية داخله، وتطوير المسطحات الخضراء وتركيب كاميرات مراقبة، إذ تم إسناد أعمال التطوير لشركةe.finance التى تنفذ أعمال التطوير حاليا.
فيما تشمل خطة تطوير المتحف، تركيب كاميرات مراقبة داخل المتاحف الاثرية الملحقة بالمتحف والتى تضم 7 متاحف، وأجهزة إنذار، وزيادة عمال النظافة والمراقبين والمرشدين والترويج للمتحف من خلال وسائل الاعلام لجذب السياحة، الاتفاق مع وزارة الاثار لمراجعة جميع القطع الأثرية التى تم تسجيلها بالمتحف الزراعى لتسجيلها ضمن المقتنيات الآثرية.
وأكد مصدر مسئول بوزارة الزراعة، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن خطة التطوير تشمل أيضا ساحة انتظار للسيارات وخاصة المساحات الفضاء أسفل كوبرى 6 أكتوبر، وعمل كافيتريات داخل المتحف، وتخصيص جزء للأماكن الترفيهية للأطفال التى تجذب الزائرين، وزيادة العمالة وأفراد أمن الحراسة، موضحًا أن هناك اقتراح بطرح مبادرة على عدد من رجال الأعمال والقطاع الخاص لاستغلال المساحات الكبيرة الفضاء التى تقدر بمليارات الجنيهات، وتحويلها إلى محال للتسوق على غرار شوارع التسوق الشهيرة فى أوروبا، وإنشاء مطاعم ومحال لبيع المنتجات الغذائية الشهيرة للترويج للسياحة الداخلية وجذب السياح.
فيما كشف تقرير لوزارة الزراعة، أن المتحف الزراعى يضم 7 متاحف داخلية منها المتحف الزراعى الفرعونى، ويوجد به أدوات من العصر الحجرى، وأوانى أثرية وأنواع للخبز والبسكويت ما قبل 1500 عام، وصومعة لتخزين القمح وآلة النيل وتمساح طوله 5.5 متر محنط وملفوف بالكتان مدهون بطبقة "القار"، كما يوجد به أول فأس عرفه الفلاح الفرعونى قبل 5 آلاف سنة، ويوجد بالمتحف لوحات إرشادية عن صيد الطيور بالفخاخ، وصيد الأسماك، ووجود الاطباق، والمطرحة، والغربال، لتنقية الحبوب وبانوراما للعمليات الزراعية قبل حرث الارض، وأدوات الحقل الفرعونى.
ويضم متحف المجموعات العلمية، خريطة خط النيل والدلتا والمحاصيل التى تزرع فى كل منطقة، والتعرف على حالة المجتمع الريفى من صناعات كصناعات الزجاج والسجاد والمنجد البلدى والسوق الريفى، وهناك البيت الريفى المصرى، كالاحتفال بالمولود والاحتفال بزفة العروس، وخريطة كاملة لأصناف الأقطان فى مصر والألات الصناعية لتصنيع الملابس.
وهناك المتحف اليونانى الرومانى، ويضم محطات للطيور الجارحة وتماسيح محنطة، فيما يضم متحف المقتنيات الأثرية (قصر الأميرة فاطمة إسماعيل سابقا)، و137 لوحة فنية وأثرية، والطوافة التى أهدتها الأميرة فوزية للملك فاروق يوم زفافه، كما يضم حجرة للأميرة فاطمة خلاف البهو الملكى.
ويتمثل مدخل المتحف الزراعى الفرعونى، فى بهو كبير يضم تمثالًا رمزيا للنيل مُهدى من "الفاتيكان"، يصور النهر كرجل مفتول العضلات يمسك فى يده اليمنى خصلة من سنابل رمزًا لخيرات الوادى، ويستند إلى أبو الهول، ويحيط به 16 طفلا يلهون ويلعبون، وقاعدة التمثال خريطة مصنوعة من البللور الثمين لدول حوض النيل، وعلى مقربة منها نموذج لتمثالين منحوتين من الجرانيت الأسود يمثلان الإله حابى وكل منهما واقف خلف مذبح عليه أسماك وطيور وأعواد لوتس، وفى المدخل أيضا طاولة عليها دفتر لتسجيل الزيارات المهمة، وكان الملك فاروق أول الموقعين عليه.
ومن الروائع التى يضمها المتحف، حجرة شهيرة تسمى"حجرة القطن"، وتعد الأشهر بين حجرات المتحف لأن بها صنفا من القطن زرع فى عهد محمد على، على يد رجل فرنسى أسمه "جوميل"، الذى قام بعمل إكثار له حتى لا يضاهيه من الناحية الإنتاجية صنف من أصناف القطن الموجودة فى العالم فى ذلك العصر.
كما يضم المتحف، حجرة "الصحارى"، التى تزخر بالخرائط الاستكشافية للصحراء الغربية منذ اندلاع الحرب العالمية الأولى، والخرائط الجيولوجية لصحراء سيناء ومناجمها والصحراء الشرقية والغربية، تليها حجرة وزارة الزراعة، ثم حجرة "التعاون" التى تتوسطها خريطة مضاءة لتوضيح مقادير المحاصيل الرئيسية بالقطر المصرى ومدى تقدمها كل 5 سنوات من حيث الإنتاجية الفدانية.
كما يضم المتحف، حجرات "الزيوت، والقصب، والكحول والدخان، والأخشاب، والبساتين، وبهو البقول، وحجرات "الدجاج، والأغنام والماعز"، وحجرات "الأحياء المائية"، وحجرات مخصصة لعرض نماذج "تربية النحل، ودودة القز"، وحجرة "المجموعة الحشرية"، وصالتى "التاريخ الطبيعى والحيوانى".
كما خصص المتحف، صالة بأكملها لتمثيل حياة الفلاح تتوسطها نافورة مياه من الطراز العربى محاطة بعدد من المقاعد الخشبية، بجانبها تماثيل ملونة من الجبس تمثل أشخاصا ريفيين فى أوضاع عديدة ومناظر مختلفة، وتضم القاعة نموذجا كبير الحجم لإسطبل "جاموس" بدائرة الأمير كمال الدين بشارع الهرم، وزينت حوائط القاعة بلوحات زيتية تمثل مناظر ريفية ملونة، وصورًا للأمراض الشائعة بين الفلاحين مسجلا عليها من أسفل طرق الوقاية منها.
كما يوجد حجرة للرى نموذج لقناطر نجع حمادى، التى أنشئت عام 1930 من أجل رفع المياه، ورى زمام جرجا وأسيوط، ومن ضمن مقتنيات المتحف الزراعى "المذراة" ذات الأصابع التى كانت تستعمل لجمع السنابل والقش عند "الدراس"، والتى كان يستخدمها المصريون حتى بداية التسعينيات من القرن الماضى.
وبدأ العمل بالمتحف عام 1930 عندما أصدر قرار مجلس الوزراء المصرى فى 21 نوفمبر من عام 1927، وأطلق عليه فى البداية اسم "متحف فؤاد الأول الزراعى"، يقع المتحف الزراعى بالدقى بالقرب من شارع نادى الصيد ويضم آلاف المعروضات والمقتنيات ويمثل قبلة للعلماء والباحثين في مجال الأبحاث والدراسات الزراعية والبيطرية والتاريخية ويحتوى المتحف على مقتنيات ونباتات نادرة بعضها انقرض من الوجود، مثل نبات (البرساء) الذى كان مقدساً عند الفراعنة.
كما يحتوى على نماذج لآلات زراعية تاريخية، مثل المجرش أو آلة طحن الحبوب، التى يعود تاريخها إلى 16 ألف سنة وبذور الحبوب كالقمح والذى يعود الى عهد الفراعنة ، ومحنطات لأسماك منذ العصر الفرعونى أيضاً، وعدد من الثعابين والعقارب النادرة التى تقدر قيمتها المادية بالملايين،هذا فضلاً عن الكثير من الصور الفوتوغرافية والأعمال الفنية الزيتية التى تحيلك إلى أجواء الماضى، وتطور الأساليب الزراعية لدى الفلاح المصرى، وأشكال الحياة القروية عبر التاريخ.
وتبلغ مساحة المتحف الزراعى حوالى 30 فدانا (125 ألف متر مربع)، تشغل منها مبانى المتاحف حوالى 20 ألف متر مربع، وباقى مساحة المتحف حديقة تضم أنواعا متعددة من الأشجار والنباتات النادرة، والمسطحات الخضراء والأدوات بداية من الادوات التى كانوا يستخدمونها فى الزراعة وحتى مجموعة من الأزهار والحبوب والأدوات المنزلية، وهياكل الحيوانات الأليفة ومومياواتها، وصوامع القمح، والشعير، والقطن، كما يعرض أهم الأدوات المستخدمة فى العمليات الزراعية مثل "الفؤوس" التى عرفها المصرى القديم، وتطوراتها من الفأس الحجرى، إلى الفأس الخشبى مرسوماً على دبوس الملك العقرب منذ أكثر من 5200 سنة.
حديقة المتحف تضم أنواعا متعددة من الأشجار والنباتات النادرة، والمسطحات الخضراء، إضافة إلى حديقتين على الطراز الفرعونى ،بالإضافة الى مقتنيات خاصة بحكام مصر منذ عهد محمد على ،ويعود فضل إنشاء المتحف الزراعى إلى الملك فؤاد الأول، الذى كان يرى أنه من الضرورى أن يكون لمصر متحف زراعى تكون مهمته نشر المعلومات الزراعية والاقتصادية فى البلاد،وتمت الاستعانة بمصمم المتحف الزراعى فى العاصمة المجرية "بودابست" ليقوم بتصميم المتحف الزراعى المصرى، ووقع الاختيار على سراى الأميرة فاطمة إسماعيل،ابنة الخديو إسماعيل، وشقيقة الملك فؤاد الأول،ليكون متحفاً زراعياً،على مقربة من وزارة الزراعة لتنعكس فيه جهود أقسامها المختلفة، سواء مركز البحوث الزراعية أو الهيئات التابعة لها.
وبدأ تنفيذ التعديلات المعمارية اللازمة لتحويل السراى إلى متحف فى مارس 1930،وخُصص لعرض معروضات المملكة الحيوانية، وتنفيذاً لخطة إنشاء متحف تتناسب مع عظمة ومكانة مصر الزراعية أنشئ مبنى جديد مستقل،على نفس طراز القصر ،لعرض مقتنيات المملكة النباتية فى عام 1935.
كما أنشئ مبنى آخر ليكون قاعة للمحاضرات والسينما ومكتبة فى عام 1937، وفى 16 يناير 1938، افتتحه الملك فاروق، وأطلق عليه اسم متحف فؤاد الأول الزراعى ، واستمرت خطة الإنشاءات للمتاحف الجديدة، فأضيف متحف "البهو العربى" فى 1961، ومتحف "الزراعة المصرية القديمة"، الذى تم تقسيمه إلى متحفين "الزراعة المصرية القديمة فى العصر الفرعونى، والزراعة المصرية القديمة فى العصور اليونانية الرومانية، والقبطية والإسلامية، و"متحف القطن" فى 1996، وأخيراً"متحف المقتنيات الفنية"فى عام 2002،واستكمال إنشاء متحف "الحياة البرية والبيئة"،ومتحف آلات الرى والزراعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة