ماجدة إبراهيم

كيف نستفيد من التجربة البرازيلية فى مصر ؟

السبت، 01 يوليو 2017 06:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«مصر هى أمى نيلها هو دمى شمسها فى سمارى شكلها فى ملامحى حتى لونى قمحى لون نيلك يا مصر»
لا أعرف لماذا تذكرت هذا المقطع من الأغنية الشهيرة، التى تغنى بها الفنان الراحل فؤاد المهندس فى فيلم «فيفا زلاطة».
ربما يحاصرنى شعور من الإحباط يمتلكنى، وما يلبث كالآف المصريين البسطاء الطيبين أن يزول ولا أعرف سببا لزواله، ربما يكون الأمل الذى لولاه ما تحركنا خطوة واحدة، ولقمنا بالتخلص من حياتنا.
 
ولفت نظرى بلد عظيم ظروفه تقترب من ظروف بلادنا فى فترة من الفترات، وهو الآن فى مصاف الدول وذى تجربة متفردة وفريدة، هو البرازيل.
 
بدأها الرئيس السابق «لويس أيناسيو لولا دا سيلفا» الشهير بلولا، الذى تقلد الحكم فى عام 2003 إلى 2010 وقد أجريت دراسة فى أحد المراكز السياسية، التى سلطت الضوء على تجربة النهضة الاقتصادية البرازيلية فى تلك الفترة، والتى نقلت البرازيل من الإفلاس إلى قمة التقدم الاقتصادى خلال حوالى ثمانى سنوات، كيف نقلت الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى ومن أين بدأ «لولا» بالضبط؟
 
ورغم أن «لولا» له أصول وأفكار يسارية وتربى فى طبقة فقيرة وسجن، وكان يعمل ماسحا للأحذية، فإنه اندمج فى قطاعات الشعب الكادحة وخاض النضال الشعبى، مما أعطاه الخبرة وجعله يدرك أن للطبقة الفقيرة حقوقا وأيضا للطبقة الغنية حقوق لا تقل عن حقوق الفقراء، مما جعله يتسرب إلى عقول وقلوب رجال الأعمال، واستطاع أن يحول خوف رجال الأعمال والمستثمرين المحليين إلى ثقة متناهية.
 
ففى كل تجارب النضال، نجد أن الحس الاشتراكى يسعى المناضلون لتطبيقه متناسين الطبقة الرأسمالية ورجال الأعمال التى لولاها ما أنشئت المصانع والمشاريع.
 
وعندما جاء «لولا»، قرر أن يعيد بناء بلاده بعد انهيار قيمة الريال البرازيلى أمام الدولار والتضخم وارتفاع مستويات الدين العام، سواء الخارجى أو الداخلى، والنقص الحاد فى توصيل الكهرباء، بالإضافة إلى التسرب من التعليم، وتردى أحوال المدارس، بالإضافه إلى البطالة والفقر الحاد والتفاوت الشديد بين الطبقات، هذا ما كانت تعانيه البرازيل قبل «لولا»، وما كنا نعانيه فى مصر قبل ثورة يناير 2011.
 
وقبل أن يأتى «لولا» للحكم، كانت البرازيل لديها خبرة 17 عاما من التجربة الديمقراطية، هذا المناخ الذى أفرز إرادة شعبية قوية ورغبة عارمة فى تحقيق النمو والتقدم، رغم الفقر الشديد، وأول خطوات برنامج «لولا» هو برنامج التقشف، وفقا لخطة صندوق النقد الدولى هى نفس الخطة التى تتبعها مصر فى عهد الرئيس السيسى بهدف سد عجز الموازنه، وأعلن «لولا» بمنتهى الصراحة أن سياسة التقشف هى الحل الأول والأمثل، وطلب دعم الطبقات الفقيرة له والصبر على هذه السياسات، وأدى برنامج التقشف إلى خفض عجز الموازنة، وارتفاع التصنيف الائتمانى مما أدى لتلقى البرازيل نحو 200 مليار دولار استثمارات مباشرة من 2004 وحتى 2011 وأدت الاستثمارات إلى رفع الطاقة الإنتاجية للدولة والتوسع فى الزراعة، واستخراج المعادن والصناعات التى تقوم على المواد الخام المتوفرة.
 
كذلك لم ينس «لولا» الفقراء، حيث نفذ خطة الإعانات الاجتماعية المباشرة للفقراء والاهتمام بالتعليم.
 
وقد وضحت الدراسة أن هناك دروسا مستفادة يجب أن نهتم بها فى مصر، منها ضرورة توفر الرؤية الواضحة والإرادة السياسية القوية والصدق والشفافية فى التعامل مع الجماهير، ولولا صدق الرئيس البرازيلى وتمسكه والتزامه ببرنامج التقشف ودعم الشعب له، لما كتب له النجاح.
 
أما الحكومات المصرية المتعاقبة بعد الثورة اتبعت طريق المسكنات وإعطاء وعودا بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إجراءات فورية لم تستطع الوفاء بها، مما أدى إلى وصولنا إلى ما نحن فيه.
 
نحن فى حاجة إلى أن نصدق رئيسنا، وأن نلتزم بسياسة التقشف لخفض العجز فى الموازنة.
 
وأشد ما أبهرنى فى التجربة البرازيلية هى التصور لحل مشكلات الفقر وبرامج الإعانات الاجتماعية، فقد قدم الرئيس البرازيلى برنامج «بولسا فاميليا»، وهى تجربة تستحق الدراسة وتكرارها فى مصر، فهو ليس برنامجا لإعطاء أقساط مالية لمساعدة الفقراء فقط، وإنما كان برنامجا مشروطا بإرسال العائلات الفقيرة بأولادها للمدارس، والالتزام بإعطائهم الأمصال الوقائية، وهذا يهدف إلى تحويل مسار أبناء الفقراء، حتى لا يكون الفقر والمرض وراثيا وطبقيا.
 
ونحن لا نغفل فى مصر دور الجمعيات الخيرية الإسلامية والمسيحية والشبابية فى إعانة عائلات فقيرة كاملة، لكننا نحتاج أن تطبق مصر مثل هذا البرنامج «بولسا فاميليا»، لأننى أعتقد أنه الشق الثانى الذى يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع حالة التقشف التى تعيشها مصر هذه الأيام، والتى من شأنها أن تصل بمصر فى يوم من الأيام إلى مصاف الدول.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة