- الذقن والصلاة والتسبيح بحماس وحزب الله.. مفتاح العمل بالقناة للتقرب من مديرها الفلسطينى وضاح خنفر.. و القناة تحولت إلى بوق لحماس بعد استيلاء الحركة على غزة عام 2007
- تيسير علوانى كان المراسل الوحيد فى أفغانستان وانتقل إلى بغداد ثم إسبانيا حيث تم الحكم عليه بالسجن بتهمة التعاون مع خلايا إرهابية
- تم تعيين جمال الشيال وعبدالله موسى فى الجزيرة الإنجليزية واكتشفت أنهما من الإخوان المتشددين ومعهما أمريكى قدم نفسه على أنه مارينز سابق
أمام مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وفى صباح يوم الاثنين 19 سبتمبر 2016، وبينما كانت الأجواء هادئة داخل المبنى الأممى، وقف مصريان فى الطريق الذى يسلكه الإعلاميون المسموح لهم بتغطية فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولهما طلب وحيد، هو أن يعرف كل الصحفيين والإعلاميين حقيقة ما حدث معهما، أثناء عملهما لدى قناة الجزيرة القطرية.
الاثنان كانا محمد فهمى، مراسل الجزيرة الإنجليزية السابق، وزميله المصور محمد فوزى، وهما لمن لا يعرف كانا متهمين فى قضية «خلية ماريوت»، التى صدر فيها حكم غيابى ضد فوزى بالسجن 10 سنوات لإدانته بتهمة تلفيق الأخبار والتآمر مع جماعة الإخوان من خلال قناة الجزيرة.
من نيويورك، قال محمد فوزى إنه موجود مع زميله محمد فهمى كبداية حملة ضد قناة الجزيرة وضد ممارستها غير الأخلاقية وغير المهنية والتى تسببت فى الحكم عليهم بالسجن، مشيرا إلى أنه عمل 12 سنة بالقناة ولم يكن يتوقع أن يتم خداعهم بهذه الطريقة، مضيفا: «ماكنتش أتمنى إن المكان ده ممكن يضحى بى وبزملائى علشان هدف خفى فى دماغه.. هم استغلوا قضيتنا لهدف سياسى ضد بلدنا اللى احنا بننتمى لها وأنا هنا فى أمريكا علشان أجيب حقى وحق بلدى أمام الإعلام الغربى أولا وأمام العالم.. قناة الجزيرة تجنت على مصر فى قضية «خلية الماريوت»، وارتكبت مخالفات واستغلت وجودنا».
قبل أن يقف فوزى أمام الأمم المتحدة، كان قد أقام دعوى قضائية فى واشنطن على القناة مطالبا بتعويض وأضرار بقيمة 7.4 مليون دولار، لما قامت به من تضليل وخداع وإخلال بعقد العمل، وهو ما تسبب له فى مشاكل كبيرة، وقال فى دعواه إن القناة القطرية لم توضح لموظفيها الطبيعة غير القانونية لعملهم فى مصر، رغم علمها بقرار الجهات المصرية المختصة بإلغاء ترخيص جميع قنوات الجزيرة فى 8 سبتمبر عام 2013 وصدور حكم من المحكمة الإدارية بحظر «الجزيرة مباشر مصر» بوصفها منصة لجماعة الإخوان الإرهابية، وتهديدا للأمن القومى، كما تجاهلت القناة تحذيره لها بعدم بث لقطات له مع قناة «الجزيرة مباشر مصر» غير القانونية، مما أدى لاتهامه وزملاء له بالعمل مع قناة تدعم الإرهاب، وكانت النتيجة الحكم عليه «غيابيا» بالسجن 10 سنوات، لإدانته بتهمة تلفيق الأخبار والتآمر مع جماعة الإخوان من خلال قناة الجزيرة، وهو الآن يعيش بعيدا عن أبنائه وزوجته، وتحت ضغط نفسى وظروف قاسية، لأنه لا يستطيع الرجوع إلى مصر، وفى نفس الوقت لا يستطيع مباشرة عمله بحرية، حيث تم توقيفه قبل ذلك بتركيا وترحيله إلى الدوحة.
قصة محمد فوزى مع الجزيرة طويلة، يحكيها لنا بقوله إنه عمل مصورا صحفيا لأكثر من عقدين فى تغطيه أهم أحداث العالم خلال تاريخنا المعاصر مع قنوات أمريكية وأوروبية وعربية، وطيلة هذه المدة لم يفكر يوما فى نشر أخبار كاذبة أو التحيّز لقضيه بعينها، لأن الأساس عنده هو أن يحترم مهنته كمصور صحفى، التى ينظر لها باعتبارها مهنة تمثل جزءا لا يتجزأ من أى مجتمع ديمقراطى ناجح.
محمد بدأ العمل مصورا صحفيا منذ عام 1993، وخلال أكثر من عقدين من الزمن قام بتغطيه معظم أحداث العالم بمهنية وحياد لصالح العديد من المحطات الأمريكية والأوروبية والعربية، فغالبية الأحداث التى وقعت كان هو شاهدا عليها، حرب رواندا، وأحداث الإرهاب فى الجزائر، وما حدث فى العراق ولبنان، والحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان وقطاع غزة، وغيرها من الأحداث الساخنة والملتهبة التى سجلها فوزى صوتا وصورة.
علاقته بقناة الجزيرة جاءت عن طريق الصدفة، فبعد أن التحق بقناة «أبوظبى»، وخاض خلالها تجربة وصفها بالرائعة، ذهب فى 2002 إلى جنوب أفريقيا لتغطية مؤتمر قمة الأرض، وهناك التقى فوزى بوضاح خنفر، الذى تولى بعد ذلك إدارة الجزيرة، وكان وقت أن التقاه فوزى مراسلا عاديا للجزيرة فى جنوب أفريقيا.
فى جوهانسبرج حدث التعارف بين فوزى وخنفر الذى رأى فى محمد الأداء المهنى والحرفى، وعرفه فى إحدى المرات خلال وجودهما فى جنوب أفريقيا على أحد الأثرياء من الإسلاميين بمدينه ديربن، ثم التقى فوزى بوضاح خنفر مرة أخرى فى أفغانستان، وبعدها توثقت العلاقة بين فوزى وخنفر، فكانت جوهانسبرج هى بداية رحلة الشقاء، كما يقول محمد فوزى.
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وبدء الهجمات والغارات الأمريكية على أفغانستان، طلب محمد فوزى أن يذهب للعاصمة كابول لتغطية الأحداث على الأرض مع بداية الحرب، حيث عمل لقناة أبوظبى، ووكالة رويترز، وشهدت هذه الفترة سيطرة حركة طالبان بقيادة الملا عمر، وتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، على الأرض تماماً، وهناك شاهد محمد فوزى العلاقة الوثيقة التى كانت تربط مراسلى قناة الجزيرة بقيادات طالبان والقاعدة، فهناك رأى لأول مرة تيسير علونى، السورى، مراسل قناة الجزيرة.
تيسير علونى من مواليد 1955 فى مدينة دير الزور السورية، سافر إلى إسبانيا فى 1983 وتزوج هناك، وعمل مراسلا لقناة الجزيرة، وكان المراسل الصحفى الوحيد فى أفغانستان فى أكتوبر 2001، وبعدها توجه فى مارس 2003 إلى بغداد لتغطية أحداث الحرب العراقية، وفى زيارة عائلية لإسبانيا فى سبتمبر 2003 اعتقلته السلطات الإسبانية بتهمة إساءة استخدام موقعه كصحفى للقيام بمقابلة صحفية مع أسامة بن لادن، وتم الإفراج عنه بكفالة لأسباب صحية بعد حوالى شهر من اعتقاله، وفى 26 سبتمبر 2005 تم الحكم عليه من قبل المحكمة الإسبانية بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة التعاون مع خلايا إرهابية وإجراء المقابلات والاتصال مع منظمة القاعدة، وفى مارس 2012 أفرج عنه، وبعد الإفراج عنه ذهب إلى قطر فى 11 مارس 2012 .
ويقول فوزى، إنه تعرف على تيسير علونى عن طريق مسؤول الإعلام لحركة طالبان الذى كان فى نفس الوقت مسؤولا عن مكتب الجزيرة فى كابول، فبعد وصول فوزى إلى كابول عن طريق قندهار ذهب إلى مسؤول الإعلام لطالبان الذى عرفه على تيسير علونى.
وفى كابول سجل محمد فوزى بعينيه العلاقة القوية بين علونى وطالبان، فمراسل الجزيرة كان قريبا جدا من الحركة، وهو ما سبق وأكده تيسير نفسه فى حوار له مع موقع «هافينجتون بوست»، حينما وصف الملا عمر الذى أجرى معه حواراً فى 2001 بأنه «حاكم حقيقى ورجل دولة رغم أن مظهره يتميز ببساطته الشديدة وربما كان أقل الحاضرين أناقة، لكن حضوره طغى على الجلسة تماما».
ويكمل فوزى بقوله: «عن طريق تيسير طلبت طالبان منى أن أقيم فى منزل قريب من منزل الجزيرة، لكنى رفضت وصممت على الإقامة بفندق إنتركونتننتال، وكنت دائما أتعجب من نوع الثقة بين القاعدة وطالبان وطاقم عمل قناة الجزيرة فى كابول وقندهار، فكنت أرى تيسير علونى دائم التردد على الفندق للقاء أحد ضيوفه من القاعدة، ويدعى أبوجهاد السورى، وبعدها انسحبت طالبان من المدينة وأصبح كل عربى مهددا بالقتل، وخلال هذه الفترة حضر وفد مصرى هناك، ونجحت فى إقناعهم بأن يخرجوا فى الوقت المناسب، ثم خرجت لاحقا فى مغامرة كبرى عبر عدة دول».
من أفغانستان انتقلت الغارات الأمريكية إلى العراق، ومعها شد محمد فوزى الرحال إلى بغداد، حيث كان مرافقا للقوات الأمريكية، وفى نفس الوقت شاهدا على كذب وتهويل قناة الجزيرة، خاصة فى الأخبار التى يتناولون خلالها تقدم القوات الأمريكية أو انسحاب الجيش العراقى والروح المعنوية له.
بعد انتهاء حرب العراق وتحديدا فى 2004، تلقى محمد فوزى اتصالا هاتفيا من الجزيرة، يبلغونه أنه تم ترشيحه للعمل فى القناة، وطلبوا منه زيارة الدوحة فى أقرب وقت، وبالفعل التحق محمد بالقناة فى مايو 2004، ويقول عن هذه الفترة: «عندما بدأت العمل اكتشفت أننى أمام خدعة كبرى اسمها «الجزيرة»، فهى قناة تمتلئ بالحقد والكره والمؤامرات، وحاولت بشتى الطرق أن أتحاشى التعامل معهم، خاصة أن معظم مراسليهم لا يخفون كرههم لمصر ولرئيسها فى هذا الوقت، حسنى مبارك، وأتذكر أن هناك شخصا أردنيا كان يتولى منصب رئيس تحرير القناة، ودائما كان يردد أن العالم العربى بحاجة لثورة».
نقطة التغير الجوهرية فى قناة الجزيرة، كما يرصدها محمد فوزى، حينما استولت حركة حماس على السلطة عنوة فى قطاع غزة عام 2007، بانقلاب دموى، وقتها تحولت الجزيرة إلى بوق لنظام حماس يغطى ويعظم كل ما يقومون به، بل إن الأمر تحول إلى تسابق داخل القناة لإظهار التأييد لحماس وللمدير الجديد للقناة «وضاح خنفر».
وضاح خنفر، من مواليد 20 سبتمبر 1968، وهو صحفى فلسطينى، كان المدير العام لقناة الجزيرة بين عامى 2003 و2011، وبدأت علاقته بالجزيرة فى 1997 فى بداية انطلاقتها، ثم عين مراسلاً لها فى جنوب أفريقيا وغطى عددا من الأحداث فى مختلف أنحاء أفريقيا، ثم انتقل إلى الهند بعد أحداث سبتمبر 2001 لتغطية تداعيات الحرب على أفغانستان، وبعد سقوط طالبان ذهب خنفر إلى أفغانستان وواصل تغطية الأحداث فى مختلف أنحاء أفغانستان لمدة خمسة أشهر، بعدها انتقل للعمل فى العراق، وبعد أن سقطت بغداد انتقل إليها وعين مديرا لمكتب الجزيرة فى العراق، إلى أن عين مديرا لقناة الجزيرة فى 26 أكتوبر 2003، وفى فبراير عام 2006 عين مديرا عاما لشبكة الجزيرة التى تضم مختلف القنوات والمؤسسات التابعة للجزيرة بما فيها القناتان الإخباريتان العربية والإنجليزية والجزيرة الوثائقية والرياضية، وفى 20 سبتمبر 2011 أاستقال من الجزيرة، وفى 27 يوليو 2015 أطلق موقع هافنجتون بوست عربى وهو موقع إخبارى باللغة العربية بالشراكة مع هافنجتون بوست.
ويقول محمد فوزى عن 2007 فى الجزيرة: «كان الصحفيون يتسابقون على الظهور بمسجد الجزيرة أمام وضاح خنفر على أمل الحصول على رضاه، حيث أصبح الذقن والصلاة والتسبيح بحماس وحزب الله هو مفتاح العمل، وكان معظم مراسلى القناه بمناطق التوتر بالعالم من الإسلاميين، مثل أحمد زيدان، وأحمد فرحات، وأحمد منصور، وآخرين، بحيث تضمن القناة أسلوب التغطية حتى بدون توجيه من الإدارة العليا، وحينها قررت الانتقال للقناة الإنجليزية حيث كنت آمل فى بيئة صحية للعمل بعيدا عن التطرّف المنتشر فى القناة العربية، وكانت البداية فى الجزيرة الإنجليزية «جيدة»، فمعظم من يعمل بها من الإنجليز، إلى أن جاء يوم وتم تعيين اثنيين من الصحفيين الشباب «إنجليزى يدعى جمال الشيال» من مواليد 1984، ويحمل الجنسية البريطانية وهو من أصول مصرية، والتحق بالجزيرة فى 2006»، واسكتلندى يدعى عبدالله موسى، وهما من أصول مصرية، واكتشفت أنهما من الإخوان المتشددين فيما بعد، وأيضا تم تعيين شخص أمريكى يدعى، كلايتون سويشر، حاليا هو مدير التحقيقات بشبكة الجزيرة الإعلامية، ووقتها كان صحفيا مبتدئا قدم نفسه كمارينز سابق واستطاع خلال فترة وجيزة الوصول لأعلى المسؤولين، ونجح فى عقد لقاءات بين الإدارة الأمريكية ووضاح خنفر، والوصول إلى صيغة مرضية لواشنطن بما فيها التعاون الأمنى، والإبلاغ عن أى معلومة عن متطرفين وتسليم الأشرطة لقاعدة العديد قبل بثها، وغيرها من التسهيلات التى تم التوصل إليها».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة