مع تحريك أسعار الوقود الأخيرة، وارتفاع سعر بنزين 92 ليصل إلى 5 جنيهات للتر، بات خيار تحول قطاع كبير من المواطنين إلى وسائل النقل العام خيارًا مرجحًا بشدة لدى الكثير الذين يستخدمون السيارات الخاصة فى التنقل.
وبالنظر إلى الوضع فى العديد من الدول الأوربية فإن استخدام وسائل النقل الجماعى أمر شائع للغاية، ففى تقرير أصدرته الحكومة البريطانية عن نسبة استخدام وسائل النقل الجماعية فى الذهاب إلى العمل؛ استخدم حوالى 44% من المواطنين البريطانيين وسائل نقل جماعية بخلاف سياراتهم للتنقل إلى أعمالهم، وفى الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا فى ولاية نيويورك والتى تمتاز بشبكة مترو تضم 29 خطًا، يستخدم حوالى 31% من قوة العمل بالولاية مترو الأنفاق فى التنقل إلى أعمالهم، بخلاف استخدام وسائل أخرى كالأتوبيسات وغيرها.
وفى مصر قدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالى عدد ركاب وسائل النقل بلغ 2.2 مليار راكب عام 2015/ 2016، أى أن 2 مليار و2 مليون تذكرة مواصلات عامة قطعت فى هذا العام، منها نحو 1 مليار لأتوبيسات النقل العام، و842 مليون راكب لمترو الأنفاق.
لا تتوافر بيانات حول نمط استخدام المواطنين المواصلات العامة فى الذهاب إلى أعمالهم فى مصر، لكن الحاجة اليوم إلى مواصلات عامة أكثر آدمية، وأسهل ركوبا، وتليق بالمواطن المصرى بات ملحًا عن أى وقت مضى.
أرقام أخرى ذكرها الجهاز المركزى للمحاسبات تدل على "انكماش" واضح فى استخدام وسائل النقل العامة المملوكة منها للدولة، حيث ذكر التقرير أن عدد المركبات المملوكة والعاملة لهيئات وشركات ومرافق النقل العام بلغ 8.8 ألف مركبة منها (2.4 ألف مركبة مكيف) عـام 2015- 2016 مقابل 9.1 ألف مركبة عام 2014-2015 بنسبة انخفاض 3.5%.
التقرير ذكر أيضا أن عدد خطوط هيئات وشركات ومرافق النقل العام بلغ 2500 خط عام 2015-2016 مقابل 2700 خط عام 2014-2015 بنسبة انخفاض 9.6٪، بسبب تصفية النشاط لبعض المرافق والجمعيات التعاونية.
توجهنا بالسؤال إلى عدد من أعضاء لجنة النقل بالبرلمان، حول هذه الأرقام، ولماذا لا يتم طرح وسائل النقل العام كبديل واضح بدلاً من السيارات الخاصة فى مصر عامة، وفى القاهرة خاصة والتى تشهد أزمة مرورية خانقة، يعانى منها القاهريون كل صباح.
النائب محمد بدوى دسوقى عضو لجنة النقل فى البرلمان أكد لـ"اليوم السابع" أنه فى لقاءه الأخير مع وزير النقل، سأله "متى تقدمون خدمة جيدة للمواطن تجعل من صاحب السيارة لا يستخدمها ويذهب إلى عمله بسيارة خاصة؟"، فكانت الإجابة أن الأمر صعب، ويحتاج إلى أموال وإمكانيات، وهو أمر غير متوفر حاليا.
وأشار "دسوقى" إلى أن خسائر هيئة النقل العام والموجودة فى القاهرة بلغت 260 مليون جنيه، فى حين بلغت خسائر هيئة نقل الركاب فى الإسكندرية 120 مليون جنيه، ما يعنى أن هذه الهيئات تخسر، وبالتالى فإن إمكانية تطوير خدماتها لتليق بالمواطن أمر يكاد يكون شبه مستحيل فى ظل هذه الخسائر.
وقال النائب إن الحل هو دخول القطاع الخاص فى هذه المنظومة، معتبرًا أن دخول الدولة فى منظومة النقل العام "كلام اشتراكى" على حد وصفه لم يعد له مكان فى الوقت الحالى، مؤكدا أن القطاع الخاص سيكون حلاً جيدًا لإدارة منظومة النقل الجماعى.
النائب سعيد طعيمة رئيس لجنة النقل فى البرلمان أكد لـ"اليوم السابع" أن النقل العام الذى يجب أن ينظر إليه بشكل صحيح هو الموجود "تحت الأرض" أى مترو الأنفاق، قائلاً: "طالما النقل العام اللى فوق الأرض غير منتظم بالدقيقة يبقى ما ينفعش".
وأضاف اللواء سعيد طعيمة: "أنا عايز الموظف يسيب عربيته ويلاقى مواصلة مناسبة يمشى بيها، لكن فى نفس الوقت عايزه يوصل شغله فى ميعاد مظبوط، يبقى الحل هو المترو وتنميته"، أما أتوبيسات النقل العام فهى خطوة لاحقة تأتى بعد حل مشكلة المرور المعقدة.
واستطرد رئيس لجنة النقل: "طول ما مفيش حركة مرور سلسلة وميسرة يبقى ماينفعش نتكلم عن تطوير أتوبيسات النقل العام، هطوره لمين؟، فئة معينة من الغلابة فقط.. حتى الأتوبيسات المكيفة لم تنجح فى الترويج للنقل الجماعى، لأنها لابد أن تكون بالساعة والدقيقة".
النائب محمد عبد الله زين، وكيل لجنة النقل قال إن إصلاح منظومة النقل الجماعى والنقل العام، يبدأ بوجود إدارة صحيحة للمنظومة، لا تهدر المال العام ولا آدمية المواطن.
ولفت إلى أن المواطن فى بعض الدول الأوربية لا يستخدم سيارته الخاصة سوى فى الإجازات، مؤكدا أن اللجنة فتحت الأمر لأكثر من مرة مع وزير النقل سواء الحالى أو السابق.
وأكد "زين" أنه قدم اقتراح من قبل باستخدام طريق "ترام مصر الجديدة" المهجور كمسار مخصص للنقل العام، مشيرًا إلى أن وجود وسيلة مواصلات محترمة وآدمية ستدفع المواطن صاحب السيارة لترك سيارته، وهو ما سينعكس بالتالى على المظهر الحضارى، وحل وانخفاض معدل التلوث، وحل أزمة المرور.
وكيل لجنة النقل، ضرب المثال بمنظومة "أوبر وكريم"، قائلا إنه لابد من وجود منظومة مثلها فى مجال النقل الجماعى، تدار باحترافية، معقبًا: "سواق الميكروباص بيفتح بيت واتنين وبيدفع قسط العربية، وبيكسب كويس، والنقل الجماعى قطاع يحقق أرباحًا غير عادية وآن الأوان للاهتمام به".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة