فتح تحرير الموصل فى العراق من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابى الذى سيطر عليها لمدة تقترب من الـ 3 سنوات، الميدان للسباق الإيرانى على حصر الغنائم وتسجيل البطولات والمزايدة على دول المنطقة فى مكافحة الإرهاب، بعد أن نجح الجيش العراقى فى تحرير أهم معاقل التنظيم الإرهابى مدعوماً بقوات البشمركة، وقوات الحشد الشعبى الشيعية، المدعومة من إيران.
وهنا جاء دور وسائل الإعلام الإيرانية التى عظمت من دور مليشيا الحشد الشعبى فى معارك تحرير الموصل، فى سلوك لم يكن مستغربا من طهران تجاه مقاتلين نالوا دعم غير محدود من الدولة العميقة والحرس الثورى الإيرانى، منذ أن تشكلت مستفيدة من فتوى المرجع الشيعي علي السيستانى منتصف 2014، التى دعت إلى التطوع فى الأجهزة الأمنية لمساندة القوات العراقية فى حربها ضد الإرهاب، وهو ما جعل مرشد إيران على خامنئى يصفها ـ"بالكنز الكبير لليوم والغد".
ولم يخفى صانع القرار فى طهران، والدوائر السياسية المغلقة طموحاتهم التى خرجت إلى الأضواء العام الماضى، وعبرت عن نوايا الدولة الشيعية فى جعل هذه المليشيا المدربة والتى تقدر أعدادها بعشرات الآلاف وتضم من منظمات وفصائل مختلفة (من بينها منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا الإسلام وغيرها من الجماعات الشيعية المسلحة)، نواة لـ"جيش طائفى" أطلقت عليه "جيش التحرير الشيعى"، جاء ذلك على لسان الجنرال الإيرانى، محمد على فلكى، قائد فيلق "سيد الشهداء" فى اغسطس العام الماضى، والتى قال فيها إن مليشيات الحشد، ستكون نواة لـ"الجيش الشيعى"، فى وقت تضرب المنطقة الملتهبة الصراعات الطائفية، وحذرت فيه منظمات دولية عدة من الدور الخفى لمليشيات الحشد الشعبى، من بينها منظمة العمل الدولية، قائلة إنه ارتكب جرائم حرب وهجمات انتقامية وحشية فى حق السنة الفارين من تنظيم داعش.
مليشيا الحشد الشعبى
سليمانى: الحشد الشعبي أقوى من كل جيوش المنطقة
وبعد تحرير الموصل، فتحت كلمة ألقاها قائد فيلق القدس الذراع العسكرى للحرس الثورى الإيرانى بالخارج، اللواء قاسم سليمانى بمناسبة تأبين أحد قادة الحرس الثوري الذى لقى مصرعه فى الموصل، الباب بقوة أمام اعتزام طهران الإعلان عن تشكيل الجيش الشيعى الذى سيعلن ولائه للمرجعيات الشيعية فى إيران، والتى وصف فيها ميليشيات الحشد الشعبي بأنها "أقوى من كل جيوش المنطقة"، وشدد سليمانى فى كلمته "على أهمية قوات الحشد".
وكشف سليمانى عن تأمين بلاده لسلاح تلك المليشيا ودور طهران فى معركة الموصل قائلا: "إيران قدمت خيرة أبنائها وقادتها العسكريين للدفاع عن الموصل"، كما كشف عن السلاح الإيرانى الذى زودت به الحشد قائلا: "إن المصانع العسكرية في بلاده عملت على مدار الساعة لتسليح القوات المسلحة العراقية وقوات الحشد الشعبي بعد تأسيسه"، وتابع "الجمهورية الاسلامية الايرانية لن تألو جهدا فى دعم العراق دون أن تنتظر مقابلا من جمهورية العراق".
وعظّم سليمانى، الذى عمل مستشارا لدى القوات العراقية من دور الحشد قائلا "أن الحشد الشعبى كان نجاحا كبيرا للعراق وأن دوره يتمثل فى تطهير الأراضي العراقية من الإرهابيين والتصدى لأى مؤامرة تحاك ضد العراق"، كما أشاد بدور رئيس الوزراء حيدر العبادي ومجلس النواب لمصادقتهما على قانون الحشد الشعبى، مانحين إياها الصبغة القانونية ، وأكد على أن العراق لن يسمح ببقاء أى قوات أجنبية طامعة اشاد بدور رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى ودور البرلمان العراقى أيضا عبر مصادقته على أضفاء الشرعية على الحشد الشعبى.
قاسم سليمانى
روحانى: وفرنا الجزء الأكبر من السلاح للعراقيين فى حربهم على الإرهاب
وبخلاف مساندة الحشد الشعبى، أكد الرئيس الإيرانى على منح بلاده السلاح إلى العراقيين لمؤازرته فى الحرب على الإرهاب، وأكد روحانى، فى كلمته اليوم، الثلاثاء، بمهرجان العمران والسلامة فى طهران "أن بلاده وفرت القسم الأعظم من السلاح والعتاد إلى العراقيين فى علمياته لمناهضة الإرهاب، كما أنها ساعدت أيضًا سوريا فى أصعب الظروف"، وأضاف روحانى، تم توفير متطلبات تقديم المساعدة إلى الجيران، فى أصعب الظروف الاقتصادية.
وقال "نحن شعب کبیر ومضحی، ووقفنا على أقدامنا، وساعدنا الشعوب الاقلیمیة کالشعبین العراقی و السوری فی أحلك الظروف الاقتصادیة"، وأشار إلى أن حكومته صنعت الصواريخ الاستراتيجية التى يتم إرسالها إلى العراق، وتلك التى تم إطلاقها على مراكز الإرهابيين فى دير الزور السورية.
وعقب تحرير الموصل وتعاظم دور المليشيا المدعومة من إيران، تتفاقم المخاوف من قبل مراقبين من الدور الذى سيلعبه هذا الجيش الطائفى الموال للمراجع الشيعية فى إيران، واحتمالية أن يكون المدخل لحرب طائفية جديدة فى المنطقة الملتهبة التى تعج بالأزمات السياسية، وفى هذا السياق حذر المراقبون أن يكون انتصار الموصل تمهيداً لتوسيع نشاط مليشيات الحشد فى مناطق الأزمات.
وبخلاف الحشد الشعبى، والدور الإيرانى فى العراق، تثير التحركات الإيرانية فى خضم الأزمة الخليجية العديد من المخاوف، تجاه محاولات لتغلغل فى الخليج عبر بوابة قطر التى أمدتها إيران بالدعم اللا محدود لاستفزاز أطراف الأزمة، لتلتحق الدوحة بمراكز النفوذ الإيرانى فى العديد من الدول العربية وفى مقدمتها العراق وسوريا واليمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة