بعد أكثر من 100 يوم من المظاهرات المستمرة فى فنزويلا، التى تنظمها المعارضة ضد الرئيس اليسارى نيكولاس مادورو، تدخل الأزمة الفنزويلية فى نفق مظلم ينذر بتداعيات أمنية وسياسية خطيرة.
وبدأ الرئيس الفنزويلى تلقى العديد من الانتقادات اللاذعة بسبب اتباعه العنف ضد المتظاهرين من المعارضة، وتدخلت الكنيسة الكاثوليكية على خط الأزمة ووصفت مادورو بـالـ"ديكتاتورى".
وأغلقت المعارضة جميع الطرق الرئيسية فى فنزويلا، بالحبال والمتاريس والأشجار وحتى القمامة، لمدة 10 ساعات متواصلة، وذلك احتجاجا على انتخابات الجمعية التأسيسية التى أمر بها الرئيس مادورو لتعزيز سلطته وحكمه على البلاد، مما أسفرت عن مقتل اثنين وعشرات المصابين، بسبب اشتباكات قوات الأمن والمحتجين.
وكان مقتل مرشح فى انتخابات الجمعية التأسيسية خوسيه لويس ريفاس على أيدى المعارضة بعد إطلاق النار عليه فى تجمع انتخابى فى مدينة ماراكاى بولاية أراجوا، أثار غضب الحكومة، بالإضافة إلى مقتل 9 جنود فى انفجار قام به المتظاهرين فى كاراكاس، مما يجعل الأزمة فى البلد الأمريكى لاتينى تزداد تعقيدا.
وقال عمدة مدينة تشاكاو، رامون موشاتشو، أن 21 شخصا على الأقل أصيبوا فى الاشتباكات التى جرت بين قوات الأمن والمتظاهرين.
وأعرب الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية، لويس ألماجرو عن إدانته لمقتل متظاهر شاب فى فنزويلا، مؤكدا أن الديمقراطية وحدها هى التى ستنهى العنف ضد الشعب.
ومن ناحية آخرى، أجرى مادورو اتصالات هاتفيا لحليفه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وقال "نحن نبذل جهودا كبيرة لتطبيع الوضع السياسى فى فنزويلا، كما وصف كلا من زوجة مادورو، سيليا فلوريس، المرشحة فى الجمعية التأسيسية، وأيضا نجله، المتظاهرين من المعارضة بــ"المجانين" الذين قاموا بإغلاق الشوارع.
ووفقا لاستطلاع للرأى أجراه مركز داتا اناليسيس فإن 80% من الفنزويليين يرفضون الرئيس الاشتراكى مادورو، و70% يرفضون الجمعية التأسيسية.
وقال زامبرانو، وهو أحد المتظاهرين سنستمر فى الشارع، فنحن الآن الأقرب إلى تحقيق ما نرغب فيه من الإطاحة بمادورو، وإجراء انتخابات مبكرة، ولا يمكن أن نتوقف، وآمل أن البلد كله يتخلى عن الخوف من التحرك ضد الجمعية التأسيسية.
ومن الواضح أن الإجراءات السياسية والاقتصادية التى أعلنها مادورو، لاحتواء غضب المعارضين، ومن بينها الشروع فى إجراءات تعديل الدستور وتقديم حوافز اقتصادية للعمال، أو حتى إطلاق سراح أحد قادة المعارضة اليمينية البارزين، كافية لحل الأزمة السياسية المتفاقمة، وفى تكثيف للضغوط السياسية على الرئيس، ففضلا عن انقلاب النائب العام لويزا أورتيجا على مادورو، ورفضها لأعمال العنف التى تمارس من قبل قواته ضد المتظاهرين، فقد اتخذت الكنيسة الكاثوليكية موقفا معارضا أيضا للرئيس متهمة حكومته بـ"الديكتاتورية".
واحتفلت فنزويلا، يوم الجمعة الماضى، بعيدها الوطنى، فى ظل تصاعد للضغوط السياسية الداخلية والخارجية على خلفية الأزمة السياسية، ونظم أنصار المعارضة اليمينية فى فنزويلا، تظاهرات فى البلاد ضد حكومة مادورو، التى يتهمونها بالقمع السياسى، ويحملونها مسئولية التردى الاقتصادى.
واكتسبت المعارضة الفنزويلية جرعة جديدة من الثقة بعد إطلاق سراح زعيمها المسجون ليوبولدو لوبيز، الذى حكم عليه بالسجن لمدة 14 عاما، بتهمة التحريض على العنف، خلال الاحتجاجات التى شهدتها فنزويلا ضد حكم مادورو فى العام 2014، والتى أدت إلى مقتل 43 شخصا.
وفى رسالة قرأها فريدى جيفارا، رئيس البرلمان الذى يسيطر عليه المعارضة، والرجل الثانى فى "حزب الإرادة الشعبية" المعارض، قال لوبيز أن إطلاق سراحه "خطوة فى المسيرة نحو الحرية". وأضاف "لا أحمل أى ضغينة ولن أتخلى عن معتقداتى"، مؤكدا أن "موقفى ضد هذا النظام ثابت كما الحال بالنسبة لقناعاتى فى المحاربة من أجل تحقيق سلام حقيقى وتعايش وتغير وحرية".
وبالرغم من قرار مادورو بالإفراج عن لوبيز ولكن بتقيد حريته، إلا أن وجوده فى حد ذاته من شأنه أن يعزز شوكة المعارضة الفنزويلية، خاصة أن زوجته ليليان تنتورى، تقوم بدور محورى فى التحركات المناهضة لمادورو، حيث أصبحت محور التظاهرات الشعبية، ، كما أنها عقدت لقاءات خارجية، أحدها من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض.
بالإضافة إلى ذلك، اتهم رئيس الجمعية الوطنية فى فنزويلا خوليو بورخيس مؤيدى مادرور بـ"محاصرة أكثر من 350 سياسيا وصحافيا وضيفا، خلال جلسة البرلمان، التى أقيمت بمناسبة عيد الاستقلال"، مشيرا إلى أنهم "حطموا عدد من السيارات" فى محيط مقر البرلمان، واتهم معارضون "مجموعات شبه عسكرية تشافيزية"، بالهجوم على مقر البرلمان، الذى تهيمن عليه المعارضة اليمينية، وقاموا بضرب النواب والتحرش بهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة