حينما نتحدث عن المعنويات فقانون كبحها هو قانون الضمير، وهو قانون طبيعى متسق مع قوانين الطبيعة والحيوان، وهو ارقى من جميع القوانين الانسانية الأخرى، وطالما أن هذا القانون فى عملية المفاضلة بين القوانين يعمل فى الأشياء التى سبق أن عمل فيها القوانين الأخرى، فإن قانون الضمير هذا يعد أرقى القوانين.
فالذكاء والعقل محركات والضمير هو الكبح وهو لا يعمل إلا بعد عملهما، فهو لذلك يعد قانوناً أرقى، ولا يعنى ذلك أنه اكثر فائدة منهم. فليس بالضرورة القانون الأرقى أكثر فائدة دائما من القوانين الدنيا. فالراهب يخضع لقانون الضمير والكبح خضوعاً يبلغ حداً تشد معه الحياة المألوفة. وهو بهذا أرقى من الاباحى الذى لا يحجم عن شيء. رغم أنه من الممكن أن يكون هذا الأخير (الإباحى) أكثر تمتعاً بالحياة وأكثر فائدة لنفسه ولغيره. وحتى لو كان الضمير كما يعتبر البعد هو مصطلح فلسفى اتفق عليه الناس، أو خدعة من القادة " لتخدير الشعوب " كما يقال، أو حتى حيلة من المتمتعين يضلون بها غير المتمتعين، أو على الأقل أنه غير طبيعى. حيث يقولون أن الناس أحرار ولو عملوا ما يحبون لاستقامت الحياة على نحو خير مما نحن فيه الآن من ارهاق بالخوف من المحرمات والخطيئة ( وهو ما يخالف كل تعليمات الأديان السماوية وكتاب الله عز وجل).
والحق أن كل هذا عندى خطأ كبير، فالضمير هو قانون الكبح وهو أمر طبيعى حيوى ثابت يتعلق بالمعنويات. وهى أيضاً ذات أصل طبيعى حيوى ثابت، ونصيب الفرد من هذا القانون يختلف، فحيث يكون نصيب الانسان منه كبير، يكون القديسون والأولياء والمتصوفون والمتزمتون والفضلاء. وعندما يكون نصيب الانسان منه قليلاً، يكون المتمتعون بالحياة والنفعيون وعباد اللذة والإباحيون. ولا يعنينا أيهما خير أو أكثر فائدة عند الله أو الانسانية (فهذا أمر ليس محل قياس عندي)، ولكننا نؤكد أن كلا النوعين طبيعى وأن الأوليين الخاضعين لقانون الكبح هم أرقى من الآخرين بعدة درجات.
وعلى هذا ننتهى إلى أن الضمير هو أرقى القوانين التى يخضع لها الجنس البشرى على الاطلاق، وهو انسانى محض، ولا حاجة بنا إلى البحث أو التماس قوى عليا خارجية عن الانسان لتسويغ خضوعنا له إلا التكوين الانسانى الفريد الذى وضعه الله سبحانه وتعالى وخصه به الانسان وحده " بالضمير ".
*أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة