على مدى يومين كاملين استمع الدكتور مصطفى الفقى إلى العديد من الاقتراحات التطويرية لدور مكتبة الإسكندرية من جانب عشرات المثقفين والمفكرين والباحثين الذين جاءوا من إلى المكتبة بدعوة كريمة «الفقى» من أجل هذا الغرض، وفى الحقيقة فإننى لا أتورع عن شكر مكتبة إسكندرية على هذه السنة الإيجابية، ولم أملك سوى الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة، فمراجعة الذات من الفضائل الكبرى التى لم اتبعها المجتمع كله لتغيير الحال، وما خاب من استشار أبدا، ومعنى أن يبدأ «الفقـى» عهده فى إدارة المكتبة بالاستماع إلى كل الأصوات على اختلافها وتباينها هو أنه يريد أن يترك بصمة مميزة لفترة إدارة لخلق مستقبل أفضل لمكتبة الإسكندرية التى تعد من أهم المنارات الثقافية فى محيطنا الإقليمى.
هنا لابد أن نؤكد أن المكتبة فى الفترة السابقة برغم ما شهدت من أحداث وتطورات استطاعت أن ترسم لنفسها مسارا مختلفا، كما استطاعت أن تميز نفسها بين المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية على حد سواء، وفى الحقيقة فإن أى تفكير فى تطوير المكتبة لابد أن ينبع من فهم عميق لدورها، فالمكتبة ليست مؤسسة أكاديمية بحثية برغم ما تقوم به من أبحاث، وليست أيضا مؤسسة «أنشطة ثقافية» برغم ما تقوم به من أنشطة متعددة، لكنها خليط من هذا وذاك، ومن العبث أن نبحث للمكتبة عن دور «شعبوى» فى ظل وجود عشرات المؤسسات الثقافية ذات الاتجاه الشعبى الجماهيرى، ومن العبث أيضا أن نبحث للمكتبة عن دور «أكاديمي» فى ظل وجود عشرات الكليات المتخصصة فى البحث العملى والأدبى والتاريخى، فما الذى يجب أن تتبناه المكتبة فى الفترة القادمة؟
من وجهة نظرى فإنه يجب على المكتبة أن تعى دورها كـ«لاعب حر» فى الملعب الثقافى والأكاديمى، ولهذا فإن دورها المنشود يجب أن يتمحور حول فكرة إعداد «رسل الثقافة» فى المجتمع، عن طريق تخصيص منح ثقافية أشبه بالمنح التى تقوم بها الأكاديمية المصرية بروما، لثقل الكوادر الثقافية المتخصصة سواء فى البحث الأدبى أو الأثرى والتاريخى أو الموسيقى أو المسرحى أو السينمائى، وأنى على يقين من أن المكتبة تستطيع أن تستضيف أهم القامات الثقافية والفنية من جميع أنحاء العالم ليقوموا بالتفاعل المباشر مع الكوادراالثقافية المصرية الشابة، وبهذا نضمن أن نعد جيلا جديدا من «رسل الثقافة» على قدر كبير من الخبرة والثقل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة