يعرف الجميع قيمة وقدر الأستاذ الدكتور الطاهر مكى، رحمه الله، فلا نجلس فى مجلس علم أو ندوة ثقافية أو أمسية شعرية إلا كانت سيرته الطيبة حاضرة، وكان علمه الغزير باعثا أثره فى المكان، يشيد الحاضرون ببحثه ومنهجه وعلمه وتشعبه وجده وعزيمته ويعترفون بفضله الكبير على العربية وعلومها والأدب المقارن وفنونه، فهو واحد من أعلام هذا العصر، حيث قضى حياته كاملة فى خدمة ما آمن به وصدقه ولم ينتظر مقابلا من أحد، لكن هذا لا يعنى أن نصمت ولا نمنحه حقه.
الدولة من جانبها منحته جائزة النيل، وإن كانت قد تأخرت كثيرا جدا فى ذلك إلى ما بعد رحيله، وبالطبع فإن الجائزة وحدها لا تكفى، أو لنقل هذه كانت جائزة لاسم الطاهر مكى، فماذا عن كتبه وأبحاثه وترجماته وعلمه المهم والضرورى لنا الذى لم ينته برحيله، ما الذى سنقدمه له؟ مؤخرا جلست مع أحد التلاميذ المخلصين للدكتور الطاهر مكى هو الأستاذ صلاح رشيد، وهو رجل مثقف شاعر وصحفى يعمل بجدية واضحة، كما أنه مشغول باللغة العربية وهمومها بشكل كبير، ومن خلال الحديث معه عرفت أن هناك كتابات وأبحاثا للدكتور الطاهر لم تنشر بعد، وأنها جاهزة ومعدة للنشر هذا إضافة إلى أعماله المنشورة من قبل، لكنها نفدت وأصبحت غير متاحة، وحينها فكرت فى أمر ما.
والفكرة التى واتتنى هى لماذا لا تقوم وزارة الثقافة متمثلة فى الهيئة المصرية للكتاب بطباعة كل نتاج الدكتور الطاهر مكى فى سلسلة الأعمال الكاملة، فمن خلالها يمكن تقديم جميع كتابات الطاهر بشكل منظم القديم منها والحديث وبذلك نقدم خدمة للباحثين والدارسين وللمهتمين بالعلوم الإنسانية بوجه عام؟
كما قمت بالتواصل مع الأستاذ الدكتور محمود مكى، ابن شقيق الطاهر، الذى أكد وجود أعمال للدكتور الطاهر لم تنشر من قبل، وأبدى ترحيبه بالفكرة، مؤكدا أن دور النشر الخاصة تتمنى نشر أعمال الطاهر مكى، لكن لو تبنت المشروع وزارة الثقافة سيكون ذلك أكثر جدوى، لأنها قادرة على الانتشار أكثر، كما أن سعرها لن يكون مبالغا فيه وسيكون مناسبا للباحثين والقراء والمهتمين.
وأنا هنا أتوجه للكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة وللدكتور هيثم الحاج على رئيس هيئة الكتاب بطلب نشر جميع إصدارات الدكتور الطاهر مكى وألا نستثنى منها شيئا حتى نقدم أعماله كاملة وافية للقراء وهو شيء يستحقه القراء والمثقفون فى مصر والعالم العربى.
لست فى حاجة لأقول إننى لا أزكى الدكتور الطاهر مكى، فهو أعلى وأكبر من ذلك، لكننى فقط أردت من وزارة الثقافة أن تتنبه للقيم الحقيقية التى تملك علما وقيمة وإرثا يعمل على بناء هذا الوطن، وكلنا يعلم أن هناك سنوات طويلة قضاها الأستاذ الدكتور الطاهر مكى فى خدمة العلم وفى تقديم المعرفة، وأننا لو قمنا بطباعة أعماله فإنما نفيد أنفسنا، أما هو فثوابه عند ربه يهبه خير الجزاء على علمه الذى أفاد به الناس وعمر به الأرض.