لا شىء أخطر من هؤلاء الذين يسلمون أنفسهم ومن قبلهم الوطن هدية إلى شباك جماعة الإخوان الإرهابية التى تهوى الصيد فى الماء العكر، لا شىء أكثر قبحا من تلك الفئة التى سلمت عقولها لأفراد الإخوان المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعى مثل الجراد يأكلون الأخضر من الأمل فى نفوس الناس، ويحرقون اليابس الصلب الذى تقف عليه مصر بعد 30 يونيو، يشككون فى منظومة الإصلاح الاقتصادى التى نعلم قسوتها وندون حولها وبخصوصها وعن طريقة تنفيذها الكثير من المصطلحات، ولكننا لا ننسى ونحن نفعل ذلك أن تنفيذها الآن يتم على أرضية وطنية حقيقية وليس كما كان الحال فى فترة حكم الإخوان ومحمد مرسى كان تنفيذها يتم لصالح الجماعة الإرهابية ومن سار فى ذيلها.
أرشيف الأخبار وأوراق حكومة الإخوان تخبرنا بأن الجماعة التى تعتبر القروض وبالا وكارثة على الوطن الآن هى نفسها التى سبقت وهرولت للحصول على قروض أكبر، وتصريحات هشام قنديل القديمة تؤكد لنا أن الجماعة التى تعتبر هيكلة منظومة الدعم كارثة على الشعب المصرى كانت تروج وقت حكمها لفكرة أن هيكلة الدعم ورفعه هو السبيل الوحيد لمستقبل اقتصادى أفضل، الإخوان الذين يعيّرون الشعب المصرى الآن بسبب المساعدات الإمارتية لمصر هم أنفسهم الإخوان الذين كانوا يعتبرون فى زمن مرسى أن المنح والهبات القطرية لمرسى دلالة على قوة الجماعة وتأثيرها.
أى حوار وطنى عن الإصلاح الاقتصادى أو الحاضر المصرى يستدعى لنزاهته إخراج الإخوان من المعادلة، لأن الجماعة مازالت على عهدها تهدف إلى إحراق مصر والانتقام من الشعب المصرى، فهؤلاء ومن معهم يكرهون هذا الوطن ويبذلون الجهد فى نشر صورة سوداء تقتل الأمل فى نفوس المصريين، تلك غايتهم ومن أجلها بدأوا بالإرهاب ونشر الفوضى وفشلوا، ثم انتقلوا إلى مرحلة تضييق الخناق والتلاعب فى أقوات الناس وتخويفهم اقتصاديا واجتماعيا، مستغلين أخطاء الحكومة وثغرات الدولة فى تعاملها مع الأزمات الاقتصادية، ولكن تبقى النفس المصرية صامدة حتى حين، رغم ألم الأسعار وارتباك المشهد الاقتصادى.
حسنا فلنضرب أهل مصر فى روحهم، هكذا أدرك أصحاب الغاية فى تدمير مصر أن نزع الأمل من نفوس المصريين أخطر من ميليشيات الإخوان المسلحة، ومن هجمات وفيديوهات داعش، هم يطاردون المصريين الآن بشائعات عن الخراب الاقتصادى القادم، وعن الدولة التى تقترض، ويشككون فى حرب الدولة لاسترداد الأراضى المنهوبة وينشرون الكثير عن عدم جدوى المشروعات الهادفة لتأسيس بنية تحتية قوية لوطن تعانى بنيته الاستثمارية من تسوس وفساد وضعف، كما كانوا يقولون هم بأنفسهم فى زمن مبارك، والحكومة لا تبذل الجهد الكافى فى صد ذلك بخطة تمنحها خطوة استباقية عن أكاذيب الإخوان ومهاويس مواقع التواصل الاجتماعى.
ازرعوا الأمل فى نفوس الناس واستثمروا فيه، حتى لا يصبحوا فرائس ضعيفة أمام الشائعات المتناثرة فى فضائيات ومواقع الإخوان، وفى المجالات العالمية عن الخراب القادم فى مصر، أحيانا يبدو الأمل سلاحا أقوى للمواجهة من قائمة أرقام، قديما كان الإغريق يعرفون أهمية الأمل فى بناء الدولة ومدها بقوة الصبر والاستمرار فى مواجهة محاولات تدميرها، لذا جعلوا من الأمل والرجاء إلها يقدسونه «Elpis»، ونشروا بين الناس أن إله الأمل الذى خرج من صندوق باندورا ليواجه آلهة الشر، خرج ضعيفا وبطيئا، ولكنه أصبح أكثر قوة حينما استوطن فى نفوس الناس، ويقولون إنه خرج من صندوق باندورا بعد كل آلهة الشر فى رسالة إلى أنه الملاذ الأخير للإنقاذ، لذا يسميه الرومان الإلهة Spes ويصورونها دوما، وهى تمسك بيدها الخير والورد رمزا للجمال والوفرة.
أهل مصر يحتاجون إلى الأمل من أجل مواجهة موجات التشكيك والتخويف، فى الخمسينيات من القرن الماضى قام بروفيسور جامعى «Curt Richter» بتجربة على الفئران لتحديد أهمية الأمل فى تحدى الشائعات والإحباط والخوف، أحضر مجموعة من الفئران ووضع كلا منها فى زجاجة نصفها ماء، الزجاج أملس والماء يكاد يغطى حجم الفأر، وعلى كل فأر أن يكافح من أجل النجاة، التجربة أشارت إلى أن الفئران استمرت لمدة 15 دقيقة تسبح فى الماء محاولة الخروج والنجاة حتى أصابها اليأس واستسلمت للموت.
فى الإعادة الثانية للتجربة، تعمد البروفسير «Curt Richter» أن ينتظر إلى اللحظة الأخيرة قبل استسلام الفأر للموت ثم يمد يده وينقذ الفأر من الغرق، ويضعه خارج الإناء الزجاجى للراحة، ثم يعود به مرة أخرى للإناء، ليكتشف أن الفأر فى هذه المرة يسعى بجهد أكبر للنجاة، واستمرت محاولته للخروج ومكافحة الغرق لأكثر من 60 ساعة وليس 15 دقيقة كما فى التجربة الأولى، الفأر فى المرة الثانية كان على استعداد لأن يبذل مجهودا أكبر ويكافح بشكل أكبر فقط لأن أحدهم زرع بداخله الأمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة