أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف اسحق يكتب: صُنَّاع النجاح

الأحد، 02 يوليو 2017 10:00 م
يوسف اسحق يكتب: صُنَّاع النجاح إبراهيم باشا النبراوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دائماً ما تتجه أنظارنا إلى الشخصية الاولى فى كل حدث أيا كان موقعها، ونتطلع بأعيننا نحو تلك البقعة المضيئة التى تحمل البطل، غير عابئين أن ننظر إلى الزاوية الاخرى التى انسحب منها الضوء، ليُسلط على ذلك البطل، ليبدو اكثر تألقاً ووضوحا، وتظل تلك الزاوية - غير عاشقة للأضواء لإعطاء الفرصة للبطل ليتصدر هو المشهد، ومن صنعوا نجاحه يكفيهم فخراً أن ينظروا النجاح من تلك الزواية الاشد تواضعاً

صُنَّاع النجاح هم الأكثر رؤية والأكثر خبرة، اذا صًدّقوا حدسهم سيحسنون الظن، تحدث عنهم الحكيم الذى عرف قدرهم بقوله "كثيرا من الناس وصلوا إلى ابعد ما ظنوا أنفسهم قادرين عليه، لان شخصا آخر ظن انهم قادرون على ذلك ".

هى علاقة شفافة بين طرفين، الاول يقوم بالإرشاد والنُصح والآخر يعطى نفسه زمناً ليتواضع ويستمع، هى علاقة معلم يستحق اللقب عن جدارة، وتلميذ نجيب أطاع معلمه، هى تشبه إلى حد كبير علاقة النص المسرحي، بالمخرج البديع الذى سيخرجه للنور.

دعنى أقص على مسامعك قصة، أإ كنت لست من هواة القراءة فى صمت، وان كان لديك الوقت أيضا، عن تلك العلاقة بين معلم مُحفز، وتلميذ نجيب

ترجع القصة للقرن التاسع عشر إلى قرية "نبروه" من اعمال محافظة الدقهلية.

نشأ فى أسرة فقيرة وورث مهنة الفلاحة عن ابيه الذى كان يمتلك بضع قراريط لزراعة الخضروات والفاكهة، تعلم بكُتاب القرية كعادة أطفال القرى آنذاك، ثم ادرك مسئوليته تجاه أسرته مبكرا، واراد أن يوفر عليهم مشقة بيع و تسويق البضاعة، فجنح طموحه أن يذهب للعاصمة ليبيع بطيخ ابيه، املا منه أن يحصل على سعر افضل لبضاعته من سكان المحروسة، فاستأجر ناقة وحمل رأس ماله ومال ابيه، وجاء لحى الجمالية بالقاهرة، فلما عرض بضاعته، لم تأت بالسعر الذى ابتغاه فحزن جدا، فأرجأ بيعه إلى أن تتحسن الأحوال، وجاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، ففسدت بضاعته، ولم يستطع العودة لشماتة أهل القرية، وردة فعل ابيه، وبات يلعن القاهرة بسكانها.

وراح يجر قدماه للحوارى التى تقترب من الجامع الأزهر وتتبع طلبة الأزهر والشيخ الذى يتقدمهم، وتذكر بداياته بكتاب قرية نبروه، فدخل فى أثرهم وسرعان ما اصبح بمعيتهم، وأظهر نبوغا حال التحاقه بالأزهر، وفى تلك الفترة كان يتم افتتاح مدرسة الطب، فتم تزكيته من قبل "معلمه" اذ الأخير آمن بنبوغه فحفزه للمضى قُدما، فأرسلته إدارة الأزهر بالبعثة التى ستذهب لفرنسا لتعلُم الطب بناء على تزكية "معلمه "، حتى اصبح أشهر طبيبا فى مصر و الطبيب الخاص لمحمد على باشا حيث كان يصطحبه فى رحلاته لاوروبا، وبعده عباس الاول ووالدته التى اصطحبته أيضا فى رحلة للحج لمتابعة صحتها، وبلغت شهرته مبلغا عظيما، فضلا عن ترجمته لثلاث كتب عن الفرنسية !!، وعند استقالة كلوت بك، عُين وكيلا لكلية الطب

انه الدكتور المصرى "إبراهيم باشا النبراوى" بائع البطيخ الذى أثمرت حياته اذ آمن معلمه العظيم بما سيبدو عليه ذلك التلميذ النجيب من مستقبل حافل بالنجاحات ،يُردد التاريخ اسماء العظماء، ومن صنعوهم قد يذكرهم التاريخ بالخير !!

 هناك أشخاص تعمل على اعادة تدوير الاحباط، واخرين يصنعون النجاح حيث هم، تحية لمن يصنعون النجاح من تلك الزاوية خافتة الضوء، والأشد تواضعا، والأكثر عظمةولهم منا كل تقدير .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

samir

semsemss15@yahoo.com

كلام رائع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة