كنا قد تحدثتا فى مقالات سابقة عن الفجوة الأولى فى الكون والمعرفة بين المادة والحياة ، ثم تحدثت عن الفجوة الثانية وكانت بين الحيوان والإنسان، وهى أبعد وأكثر غموضاً وأصعب من الأولى، وكان معروفاً كلا شاطئيها الحيوان والإنسان.
واليوم أكمل حديثى عن الفجوة الثالثة وهى التى بين الانسان ومن فوقه ، فهى بعيدة الغور واسعة المدى إلى حد يجعل عبورها علينا عسيرا جداً ، ومهما يزد علمنا بالإنسان فإن ذلك لن يعيننا على معرفة الشاطئ الآخر لهذه الفجوة الهائلة، ولعل هذا ما دعا الكثيرين إلى إنكار وجود هذه الفجوة من أساسها ، أو بعبارة أدق إلى إنكار وجود ما وراءها ( الله جل جلاله) .
حيث تجد أن هؤلاء المنكرون يرون أن وجود ما وراء الإنسان فرض يجب أن يقوم عليه برهان ، وهم يقولون إنه من الممكن أن نكون نحن القمة العليا للكون. وإن على الذين يؤمنون بالله أن يثبتوا "هم" أن هناك قانوناً أعلى من الانسان . ولا يريدون أن يعدوا ذلك من المسلمات الواضحة التى لا يكون فيها نزاع فى حين أن العقليين يرون أن وجود الله "فرض لسنا فى حاجة إليه لفهم الكون" فإن فرضهم أن الانسان غاية الكون فرض لا يقوم على أساس ، وإذا كان الناس قد حاولوا منذ القدم أن يجدوا البراهين على وجود الله سبحانه وتعالى ، فإن على العقليين أن يتحملوا عبء البرهان على عدم وجوده " إن قدروا ، ولن يقدروا" ، أو بعبارة أخرى عليهم إثبات أن الانسان هو القانون الأعلى للكون!.
والواقع أنه ليس هناك ما يدل على ذلك بل هناك ما يحملنا على الظن بأن هذا ليس من الحقيقة فى شيء . وذلك لأن أعلى قوانين فى الكون ( أو أعلى شيء فى الوجود ) هو الذى لا يؤثر فيه قانون أخر أعلى منه ، فهل الانسان يمثل هذا القانون الأعلى (بالطبع لا ) وهل إرادته وحدها هى المتحكمة فى الحياة ( بالطبع لا ) إذاً كل الدلائل تدل على أن ذلك يخالف الواقع أيضاً ، "أفلا تبصرون". صدق الله العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة