تظل ثورة 23 يوليو هى المشروع والحلم الأكبر في التاريخ المصري الحديث ، فهى الثورة البيضاء التى غيرت وجه مصر وقضت على عقود من الذل انقسمت فيها مصر إلى طبقتين ، العائلة المالكة والحاشية والبسطاء من الفلاحين والعمال المصريين .
ومن أهم ما يميز هذه الثورة، أنها قامت على أكتاف جيل جديد من الضباط والشبان بقيادة جمال عبد الناصر، وقد كان التنظيم ذو طبيعة خاصة لا تنفرد باتجاه معين ولا تنتمي لحزب سياسي واحد، وهو ما أدى إلى اكسابها تأييدا شعبيا جارفا من ملايين الفلاحين وطبقات الشعب العاملة الذين كانوا يعيشون حياة تتسم بالمرارة والمعاناة.
وتبنت الثورة فكرة القومية العربية، وسعت إلى مساندة الشعوب العربية والمحتلة للتخلص من الاستعمار ، وحققت الوحدة مع سوريا واليمن ، كما سعت إلى محاربة الاستعمار بكافة صوره وأشكاله في أفريقيا وآسيا ، وكان لمصر دورا رائدا في تأسيس جماعة دول عدم الانحياز.
كما حمل مشروع يوليو عدة أهداف أخرى منها القضاء على الاقطاع، والقضاء على الاستعمار، والقضاء على سيطرة راس المال، وبناء حياة ديمقراطية سليمة، وبناء جيش وطني.
وفي الذكرى الـ 65 من ثورة يوليو يبقى مسئولا مطروحا "ماذا تبقى من ثورة 23 يوليو بعد كل هذه السنوات؟"
صلاح عيسى: ثورة يوليو رسخت 4 قيم رئيسية في الشخصية المصرية
ويجيب على هذا التساؤل المؤرخ المصري ، صلاح عيسى، الذ أكد على أن أهم ما حققته ثورة 23 يوليو هى القيم التى غرستها في الشخصية المصرية ولم تتغير حتى الأن ـ قائلا:" الثورة رسخت أربع قيم أساسية قائمة حتى الأن ، وهي استقلال الإرادة الوطنية ، فأى سلطة سياسية لا تستطيع التفريط في الإرادة الوطنية ، ورغم مرور مصر بمراحل متعددة شهدت تراجعات وتقدمات ولكن فكرة استقلال الإرادة ورفض الضغوط الأجنبية قيمة راسخة في الشعب المصري وقد ينقلبوا على أى حاكم حال التفريط في الإرادة الوطنية".
ويضيف "عيسى" لـ "اليوم السابع"، أن ثورة 23 يوليو قضت على الهرم الطبقى المغلق الذي تستقر أوضاعه أن يكون ابن الغنى غنى ، وابن الفقير فقير ، مشيرا إلى مقولة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أن الفقر والغنى كانا إرثا يورث للأبناء ، ولكن الثورة رسخت لمبدأ جديد هو العصامية بأن تبدأ السلم من أدناه وبالجهد والعمل والعرق تصل إلى قمة الهرم.
ويشدد المؤرخ المصري على أن ثورة 23 يوليو بلورت لأول مصر أن مصر جزء من الأمة العربية ، وهو ما تم زراعته في الشخصية المصرية ، كما ألتزمت الدولة بالحد الأدنى للالتزامات المعيشية للمواطنين من خلال ضمانات اجتماعية للفقراء والمحتاجين وهو ما يعتبر قائما حتى الأن.
ويوضح أن فكرة التحول الديمقراطى السليم لم يحدث في هذه الفترة لأسباب عديدة منها أن الاتجاه السائد في ذلك الوقت في حركات التحرر هو الحكم المركزى القوى ليحثث مطالب الناس فس مستوى أعلى من المعيشة خاصة أن مسألة التعددية الحزبية لم تكن شائعة.
ويستطرد قائلا:" ثورة 23 يوليو ظاهرة إيجابية في التاريخ العربي والعالمي فقد ألغت الاحتلال المباشر القائم على وجود قواعد عسكرية وساهمت في تحرير معظم الدول العربية والإفريقية وقدمت إليها المساعدات، ورفضت الأحلاف العسكرية"، لافتا إلى أن ثورة 23 يوليو يعود إليها الفضل في نقل مصر من مجتمع زراعى لمجتمع صناعى.
وينتقد "عيسى" مهاجمى ثورة 23 يوليو قائلا:" تناسوا حقيقة أن مصر وقتها كانت 19 مليون نسمة الأن 100 مليون والمشاكل تتضاعف ، ولم تعد طموحات الناس كسابقيهم".
عبدالله السناوى: لم يبق من يوليو إلا حلمها ومشروعها
ويؤكد الكاتب الصحفى عبدالله السناوى ، أن لم يتبقى من يوليو إلا حلمها حلمها في دولة العدل الاجتماعى والتحرر الوطنى والاستقلال والوحدة العربية، قائلا:" بقدر التراجعات حلم يوليو مازال ماثل حتى الأن بعد 65 سنة ومغادرة من عاصروها للحياة إلا أن ثورة يوليو تطرح نفسها بقوة كثورة مجردة في السجال العام ".
ويضيف قائلا: " قوة يوليو في مشروعها ، فنظامها السياسي لم يستطع ان يحمى مشروعها ، وقبل أن نحاسب يوليو علينا أن نعرف أسباب تراجعا بعد الإنقلاب عليها عام 1974 وتغيير التوجهات الاجتماعية بالكامل بتطبيق سياسات الانفتاح ، وخلق طبقة جديدة ، وأن تذهب ثمار حرب اكتوبر لغير من عبروا ، وعزل مصر عن دورها العربي بسبب اتفاقية التسوية مع إسرائيل".
ويتابع "السناوى " ، يوليو جمال عبدالناصر مشروع وقضية مستقبل وتستحق المراجعة ، أما ما أعقب "عبدالناصر" فشل ذريع وتهميش دور مصر وغياب العدالة الاجتماعية، ولكن يبقى مشروع يوليو الوطنية المصرية المتجددة ، وهناك ثورات تالية تصحح بعضها الأخر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة