حلقت طموحاته عاليا عندما قرر الرئيس التركى رجب طيب إردوغان القفز على الأزمة الخليجية ولعب دور أكبر من حجم بلاده، من خلال التوسط فى الأزمة بين إمارة الإرهاب قطر والدول الداعية لمكافحة الإرهاب الممول من الدوحة، رغم موقفه المتقارب من موقف الإمارة الصغيرة، وتدخلاته فيها عبر إرسال قوات عسكرية ساهمت فى تأزيم الأوضاع.
مساعى النظام التركى -الذى يتشابه إلى حد كبير نظام الدوحة فى إيواء وتمويل التنظيمات الإرهابية- لإنقاذ الأمير الصغير تميم بن حمد، لم تنته منذ بداية الأزمة فى 5 يونيو الماضى عندما قررت دول الرباعى العربى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة جراء دعمها للجماعات الإرهابية فى المنطقة، ليبدأ مرحلة جديدة فى جهود الإنقاذ، تمثلت فى التدخل مباشرة والقيام بجولة خليجية بنفس الهدف وهو إنقاذ إمارة الإرهاب يرافقه فيها رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات ووزراء الدفاع والاقتصاد والطاقة.
جولة أردوغان استغرقت 48 ساعة زار خلالها 3 بلدان بدأها أول أمس، الأحد، بالمملكة العربية السعودية والكويت، ويختتمها بالدوحة، وعقد خلالها لقاءات على أعلى المستويات، حيث التقى فى المملكة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودى سلمان بن عبد العزيز وولى العهد محمد بن سلمان، وفى الكويت التقى أمير الكويت الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح وعدداً من المسئولين ثم يتوجه اليوم، الإثنين، إلى العاصمة القطرية الدوحة.
أردوغان فى السعودية
ما دفع الرئيس التركى رجب طيب إردوغان للتدخل بقوة على خط الأزمة، تلك الصلات الإيدلوجية التى تربط نظامه "بتنظيم الحمدين" قطر، حيث يتزعم الرئيس التركى حزبا أسسه ذا أصول إسلامية (العدالة والتنمية) مرتبط بالتنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، تلك الجماعة التى تدعمها الدوحة ومنحت لعددا من قياداتها البارزة الملاذ الآمن، وهى أيضا تتشابه فى ذلك مع أنقرة التى فتحت لهم أبوابها وفنادقها وأبواقها الإعلامية لتنفيذ أجندتها المشبوهة، وهو ما ظهر بقوة فى إصرار أنقرة على إنقاذ الإمارة الصغيرة بشتى السبل.
قوات تركية فى قطر
ومنذ يونيو الماضى، سرّعت تركيا من وتيرة العمل فى تأسيس قاعدة عسكرية فى قطر بموجب اتفاق مبرم فى 2014 بين البلدين منذ فترة ليصل عدد القوات التركية الموجودة فى قطر إلى أكثر من 2000 مقاتل، ومع تصاعد الأزمة، وافق البرلمان التركى فى يوليو الماضى على زيادة عدد تلك القوات من أجل إنقاذ الإمارة من فوضى وغضب مكتوم بين القطريين بسبب سياسات تميم فى دعم الإرهاب وتعنته فى حل الأزمة ورفض المطالب الـ 13 للرباعى العربى.
أردوغان فى الكويت
كل ذلك له ثمن، حيث يدفع الأمير الصغير ثمن الحماية التركية، من خلال منح وعود اقتصادية مغرية، ففى يونيو الماضى استضافت فى العاصمة القطرية الدوحة أكبر وفد من رجال أعمال أتراك، لرفع حجم العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، شارك فى الاجتماعات صديق إردوغان المقرب السفير التركى "فكرت أوزر" الذى اشتهر بعراب العلاقات التركية القطرية.
أما الأطراف الخليجية فهى لا تعوّل كثيرا على الوساطة التركية المحكومة بالفشل بسبب مواقف الدبلوماسية التركية التى هاجمت الرباعى العربى، وعبرت صحافة الخليج عن ذلك قائلة أن تركيا لا تتمتع بنفس ثقل نظيرتها الأمريكية أو البريطانية أو الفرنسية أو الألمانية، فلا ينتظر أحدا فى الخليج أن تلقى مساع أنقرة لحل الأزمة رداً مُغايراً لما تلقته واشنطن ولندن وباريس وبرلين، إذ لم تلُح فى الأفق بوادر لنجاح جهود تركيا تقود لانفراج الأزمة دون التزام الدوحة بمطالب الرباعية العربية.
ويرى مراقبون متابعون لسياسة تركيا تجاه الأزمة الخليجية، أن أردوغان سيعود من حيث أتى بخفى حنين وبجعبته خالية من نتائج ملموسة فى المهمة التى أتى إلى الخليج من أجلها، ولن يجد سوى خيبة الأمل، فالوساطة التركية محكومة بالفشل منذ بدايتها لأنها الدولة الوحيدة فى العالم التى حاولت استفزاز أطراف الأزمة التى اتخذت إجراءات عسكرية سريعة جداً بعد إعلان المقاطعة وأرسلت دفعات من قواتها لحماية تميم.
كما يرى المراقبون أيضا أن أردوغان أراد أن يقفز على الأزمة ويدخل مبكرا قبل أن يحين دوره، وتوجه له غدًا نفس تهم دعم الإرهاب ويلقى نفس مصير تميم، بسبب تبنيه نفس السياسات العبثية فى المنطقة، وإيواء الإرهابيين والتنظيمات المسلحة ومدها بالدعم المادى واللوجستى، فى سوريا والعراق وسائر مناطق النزاع، فضلًا عن احتضان التنظيمات الإرهابية المطلوب تسليمها دوليًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة