قال الدكتور أحمد بن ثانى الهاملى، رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، إن الأزمة القطرية الراهنة تكشف عن المشكلات التى تنجم عن عدم تعاون الدول فى مكافحة الإرهاب، لا سيما مع جيرانها المباشرين، وإن سلوك قطر لا يتعارض مع الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب والتطرف فقط، بل يتعارض أيضًا مع الجهود العالمية، ما يعرض الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب للخطر.
وأضاف "الهاملى"، فى كلمته خلال مؤتمر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، أنه لم يكن من المفاجئ فقد جيران قطر لصبرهم إزاء سياساتها الداعمة للإرهاب، موضحا أن قطر لا تخالف فقط نظام الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بل إنها لا تلتزم بالاتفاقيات التى وقعتها مع دول مجلس التعاون الخليجى، التى تلزم الموقعين عليها بمكافحة مصادر التطرف والإرهاب.
وتابع رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، قائلا: "مر أكثر من 50 يومًا على مقاطعة الدول الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لقطر، التى بدأت بعد استمرار تورط قطر فى عمليات دعم وتمويل الإرهاب، وتم التأكيد على أن موقف الدول الأربع يقوم على أهمية الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق والقرارات الدولية والمبادئ المستقرة فى مواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى واتفاقيات مكافحة الإرهاب الدولى، مع التشديد والالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكل صورهما، ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة، وإيقاف كل أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلى وآلياته التنفيذية لعام 2014، فى إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربى، وشددت الدول الأربع على أن التدابير المتخذة والمستمرة من قبلها هى نتيجة لمخالفة قطر لالتزاماتها بموجب القانون الدولى وتدخلاتها المستمرة فى شؤون الدول العربية ودعمها للتطرف والإرهاب، وما ترتب على ذلك من تهديدات لأمن المنطقة والعالم أجمع".
كما شدد "الهاملى" على أن دعم قطر للإرهاب ليس وجهة نظر خليجية وعربية، بل أدلة شاملة تتهيأ معها الدول الداعية لاتخاذ موقف من الدعم القطرى للإرهاب، لتجهيز ملف يحمل كل البراهين التى تثبت تورط قطر وخروجها لمدارات تدعم الإرهاب وتقوّض الاستقرار فى دول جيرانها ومن هم خارج محيطها أيضا، ولذا لا مجال أمام الدوحة إلا العودة لمحيطها الخليجى والعربى، ووقف تمويل الإرهاب والتدخل فى شؤون دول المنطقة وتنفيذ المطلوب منها.
واستطرد رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان: "اننا إذ نجدد إدانتنا الشديدة لجميع مظاهر الإرهاب الداعشى وأخواته من قوى الإرهاب، أينما حلت وأيا ما شملت من بشر، نكرر مطالبتنا للأمم المتحدة والدول صاحبة القرار فى عالمنا والمجتمع الدولى، باعتماد استراتيجية أكثر فاعلية فى مواجهة الإرهاب أينما حل، وفى تجفيف منابعه، ومعاقبة الدول والمنظمات الداعمة له، استراتيجية تعتمد تصفية بؤر التوتر فى العالم وحل وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية، ووفقا لمبادئ العدالة والقانون الدولى، والتصدى للقمع والقضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادى المتواصل والتنمية المستدامة والازدهار العالمى، واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتحسين التفاهم بين الثقافات، وكفالة احترام كل الأديان أو القيم أو المعتقدات الدينية أو الثقافات، واحترام حق الشعوب التى ما زالت تحت السيطرة الاستعمارية أو الاحتلال الأجنبى فى تقرير مصيرها، والتعاون الدولى فى حل المشكلات الدولية ذات الطابع السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو الإنسانى، والوفاء بشكل قاطع ودون تمييز بالالتزامات التى قطعتها الدول على نفسها وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
وأضاف "الهاملى" أن الأعمال الإرهابية التى تصاعدت وتيرتها فى السنوات الأخيرة تمثل تهديدا خطيرا على أمن وحياة البشر وحضارتهم، كما تمثل اعتداء صارخا على حزمة الحقوق والحريات التى أقرتها كل المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأهمها الحق فى الحياة والحرية والأمان الشخصى، إضافة إلى أن الإرهاب يكتسح عديدا من الحقوق والحريات الأخرى، كالحق فى التملك والتنقل والسكن والثقافة والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ومن البديهى أن الإرهاب يتنافى مع تعاليم الأديان، خاصة تعاليم الدين الإسلامى السمح، كما يُعد انتهاكا لسيادة حكم القانون وللقوانين الدولية الإنسانية.
وأوضح الدكتور أحمد بن ثانى الهاملى، أنه استنادا للقانون الدولى، يعد الإرهاب جريمة دولية، كونه يتسبب فى المساس بحقٍ أساسى وجوهرى من حقوق الإنسان، فالجريمة التى ترتكب بحق الإنسانية فى القانون الدولى هـى الجرائم التى تتمثل فى انتهاك حقوق الإنسان، والتى تعرف اليوم بحقوق (الجيل الأول) الواردة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966، لأنها حقوق أساسية لا يمكن التـنازل عنها ولا يُسمح بالانتقاص من قدرها.
وتابع قائلا: "انطلاقا من ذلك، تصبح مسؤولية مكافحة الإرهاب بالضرورة مسؤولية جماعية لا تقتصر على دولة دون أخرى أو مجتمع دون آخر، ولذا وجب التنسيق والتكثيف للجهود الدولية المشتركة للتصدى ومحاربة الإرهاب، باعتباره جريمة منظمة عابرة للحدود على المستويات الأمنية والفكرية والثقافية والإعلامية، والعمل الجاد والمضنى فى إطار بوتقة واحدة هدفها الأول والأخير القضاء على هذه الجريمة الفتاكة، أو على الأقل الحد من تداعياتها وتأثيراتها السلبية، إننا فى الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان مع كل إنسانٍ حُرٍ فى العالم، مأخوذين بفداحة الخسائر الهائلة فى صفوف الأبرياء جراء الجرائم الإرهابية، ونشعر بالحزن الممتزج بالغضب الشديد على استمرار نزيف الدم وما يخلفه من اضطراب وقلق وفقدان للأمان، ونطالب دول العالم الحر وكل قوى المجتمع المدنى بالاتحاد وتضافر الجهود فى مكافحتها وتصديها للإرهاب، باعتباره معركة الإنسانية كلها، وباعتباره ظاهرة تمس كل الدول والشعوب، وتؤثر على السلم والأمن الدوليين وتتطلب تفعيل التضامن الدولى فى مواجهته".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة