اتحاد الصناعات: 47 ألف مصنع بدون سجل صناعى فى 2015
60 % من الاقتصاد القومى "غير رسمى" و600 مليار ضرائب ضائعة فى اقتصاد الظل
دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لأسبوع شامل للتوعية بمحاولات إسقاط الدولة المصرية، ليست بعيدة عن ملف الاقتصاد، لأن إسقاط الدولة وضعفها وإهلاك البنية التحتية فيها والتهرب من الضرائب والجمارك وضرب السياحة، كلها مشكلات تؤدى إلى دخول مصر فى نفق مظلم مهما كانت محاولات الإصلاح.
ملفات اقتصادية كثيرة يمكن أن تكون بوابة لإضعاف مصر، ونفتح فى التقرير التالى ملف الاقتصاد غير الرسمى أو الاقتصاد الموازى، لأنه يرتبط بصورة أساسية بكل الملفات سالفة الذكر، فالاقتصاد الموازى يتهرب من الضرائب ويعتمد على مواد خام دخلت البلاد بطرق غير شرعية، إلى جانب كونه بابا مفتوحا لرواج منتجات ضعيفة الجودة، والغذائى منها قد يؤدى إلى كارثة حقيقية تضر الوطن.
60% من الاقتصاد القومى غير الرسمى
التقديرات والدارسات المتاحة تشير إلى أن الاقتصاد غير الرسمى فى مصر يعادل ويوازى الاقتصاد الرسمى بل يتفوق عليه بـ10% - بمعنى أن المنظومة الاقتصادية غير الرسمية تمثل النسبة الأكبر من الاقتصاد المصرى، الذى يخضع للمنظومة الضريبية ومثبت لدى سجلات الجهات الحكومية فى الدولة، وتشير دراسة متاحة لدى لجنة الشئون الاقتصادية فى البرلمان إلى أن 60% من الاقتصاد القومى يعتبر اقتصاد غير رسمى، وهنا كارثة كبيرة لابد أن تنتبه لها الدولة.
وإدخال الاقتصاد غير الرسمى، الذى يشتمل على آلاف بل ملايين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وبعض المشروعات الكبيرة سيؤدى إلى إحداث طفرة فى ملف اقتصاد مصر، بالتوازى مع الإصلاحات الاقتصادية التى تجريها الدولة منذ مطلع 2016، بل أن ضم الاقتصاد الموازى لاقتصاد الدولة يمكن أن يساهم فى سد عجز الموازنة، لأنه مقدر بمليارات الجنيهات، وحينها ستتخلص مصر وبصورة نهائية من عجز ميزانيتها التى وصلت إلى أرقام مرعبة.
تقديرات خبراء الاقتصاد تشير إلى أن حجم الاقتصاد الموازى يتخطى حاجز 2.6 تريليون جنيه، لكن وفق دراسة سابق لاتحاد الصناعات كشفت أن التعاملات السنوية لاقتصاد الظل تتجاوز الـ"2.2 تريليون" جنيه معتمدا على آخر إحصائيات البنك الدولى، لكن اقتصاد الظل حتى الآن لا يمكن حصره بشكل دقيق، وذلك لكونه خارج السجلات الحكومية، وحجمه كبير للغاية ومهول إذا تمكنت الدولة من حصره، فإننا سندخل فى مرحلة اقتصادية تساهم فى إحداث تغيير شامل فى الوضع العام للدولة.
600
مليار ضرائب ضائعةالدكتور أحمد عبد الحيظ أستاذ الاقتصاد بجامعة أكتوبر يقول: "تخيلنا أن نجتذب هذا الاقتصاد من الموازى إلى الرسمى فذلك يحل مشاكل السياسة المالية للدولة، فلو تم إدخاله فى الاقتصاد الرسمى قد نضيف لحصيلة الضرائب 600 مليار جنيه.
وكشف رئيس قسم الاقتصاد بجامعة أكتوبر فى تصريحات خاصة أن ضريبة القيمة المضافة بداية لإدخال المنظومة غير الرسمية، إلى الاقتصاد الرسمى، لأن جميع مراحل الإنتاج ستخضع للضريبة وهى بداية للحد من التهرب الضريبى، فنحتاج إجراءات سريعة لمواجهة تلك الظاهرة فالورش المختلفة والباعة الجائلين والدروس الخصوصية والتهرب الجمركى، والبناء والعقارات جميعها اقتصاد غير رسمى غير معلن.
وأشار الدكتور أحمد عبد الحافظ، إلى أن بعض المدن الجديدة لتجميع الحرفيين مثل مدينة الروبيكى للجلود ومدينة الأثاث فى دمياط والنسيج فى المنيا والمجمعات الصناعية الجديدة التى تم طرحها مؤخراً، هى بداية قوية جدا لتجميع تلك الحرف وودمجها مع الاقتصاد الرسمى، مؤكدا أن الاستمرار فى عمل هذا النوع من المدن يؤدى إلى إحداث عملية دمج لاقتصاد الظل ضمن الاقتصاد الرسمى.
تجارب الدول مع الاقتصاد الموازى
وحول كيفية دمج هذا النوع من الأعمال والنشاط الاقتصادى ضمن الاقتصاد الرسمى، ذكر الدكتور محمد بدره فى تصريح سابق لـ"اليوم السابع"، أنه لابد أن ننظر إلى تجارب بعض الدول مثل البرازيل والمكسيك التى تعاملت مع هذه الأزمة، لافتا إلى أنه لابد من منح أرباب الحرف والعاملين بصفة عامة فى الاقتصاد غير الرسمى حوافز للدخول للسوق الرسمية، وإيجاد حل لجميع مشاكلهم لو أدخلنا الاقتصاد غير الرسمى ككل تحت مظلة الدولة فإن حصيلة الضرائب قد تصل إلى 800 مليار لأن حصيلة الضرائب من الاقتصاد الرسمى يتم توجيهها حاليا للصرف على الأنشطة المختلفة فى الدولة.
وقال محمد بدرة، إنه لابد من عمل زيارات لبنجلادش وسنغافورا للاستفادة من تجاربهم ولابد من حزمة حوافز قد تشمل إعفاء الحرف والأعمال غير الرسمية لفترة من الضرائب كمستقبل وإعفائهم عن السنوات الماضية، مشيرا إلى أنه لو تم عمل ذلك وأن تضع الحكومة هذا الملف هدفا لها فإن سد عجز الموازنة سيكون بعيدا عن الاقتراض الداخلى أو طرح سندات الخزانة.
فى سياق متصل، قال الخبير الاقتصادى، خالد الشافعى، إن هناك ضرورة ملحة لوضع استراتيجية واضحة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة القادمة، والاعتماد عليها كوسيلة من وسائل دعم الصادرات المصرية للخارج، مؤكدا أن دعم تلك المشروعات بعمل قروض ميسرة للقائمين عليها بهدف تشجيعهم على الاندماج فى الاقتصاد الرسمى.
قطاع المشروعات الصغيرة
وأضاف خالد الشافعى، أنه لا يوجد حصر لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر وهو ما يجعل هذا القطاع غير خاضع بصورة مباشرة لهيئات تحصيل الضرائب، ومن ثم يضيع على الدولة مليارات الجنيهات بسبب عدم حصر تلك المشروعات ودمجها فى الاقتصاد الرسمى.
وأكد الخبير الاقتصادى، أنه لابد من تقديم حوافز لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأغلبها ضمن المنظومة غير الرسمية، وتحديد جهة واحدة لحصر وتسجيل تلك المشروعات، وزيادة المساندة التصديرية لها، حتى ينضج هذا القطاع بشكل يخدم الاقتصاد المصرى.
وبالنظر إلى السوق الموازى فى القطاع الصناعى سنجد ملايين العاملين فى قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات من غير الملتزمين بالنظم والقوانين و لا يدفعون الضرائب عن أعمالهم ولا يخضعون للأجهزة الرقابية المختلفة، ووفق دراسة سابقة أعدها اتحاد الصناعات فى عام 2015 فإن هناك أكثر من 47 ألف مصنع "بئر سلم" لم يستخرجوا سجلا صناعيا واعتقد أن هذا الرقم تزايد فى آخر عامين.
وكشفت الدراسة أيضا أن هناك 8 ملايين مواطن يعملون فى 1200 سوق عشوائية إضافة للباعة الجائلين، وكذلك هناك عقارات غير مسجلة تقدر قيمتها بنحو بقيمة 2.4 تريليون جنيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة