كل حلم حياته تلخص فى «حمل» حقيبة وزارة الاتصالات، وتوقفت به ساعة الزمن عند حد ترشحه لهذا المنصب فى يوم مشؤوم من أيام نكبة مصر 25 يناير 2011، وتم استبعاده بعد ثبوت مشاركته باسهم فى شركة إسرائيلية.
ومنذ اللحظة التى خلت فيها قائمة «حملة» الحقائب الوزارية، من اسمه، قرر أن يكون رقما فاعلا فى معادلة معاول الهدم والتخريب والتدمير لهذا الوطن، وبين فترة وأخرى يعرض نفسه «ليحمل» حقيبة شخص ارتفع اسمه فى المشهد العام، أو جهة بعينها، أو حزب، أو جماعة.
وعندما انتهى به الحال من فشل فى الحصول على المقابل المجزى نظير حمله حقيبة زوجة أحمد نظيف، ثم حقيبة البرادعى، ثم حقيبة حازم صلاح أبوإسماعيل، والإخوان، ثم حقيبة أعضاء تمرد، والمسؤول عن حملة السيسى، قرر أن «يحمل» شنطة مليئة «بالتويتات» التافهة، وذهب إلى رجل أعمال شهير، ليفتح الشنطة مستعرضا بضاعته من «التويتات»، وما أحدثته من تفاعل، فى عدد الإعجاب والريتويت، وأن بمقدوره تشكيل لجان إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر»، تكون منصة صواريخ لاغتيال سمعة خصوم رجل الأعمال، والدفاع عنه بالباطل قبل الحق، وبعدما تأكد رجل الأعمال الشهير من تفاهة وسطحية و«خفة وزن» حامل الحقائب الشهير «بدواسة تويتر.. أو مشاية تويتر»، طرده شر طردة.
ونظرا لاكتشاف أمره، وأنه أشهر «رخيص» فى مصر يبيع نفسه لمن يدفع ولو ملاليم، ، قرر أن «يحمل» حقائب «موزة وتميم»، والاستماتة فى الدفاع عن الدويلة القطرية الحقيرة، ضد بلاده التى يدعى أنه يبحث عن تقدمها وازدهارها، وكأن الارتماء فى أحضان الأعداء، والمرمغة فى وحل الخيانة، بطولة مطلقة فى فيلم النضال الثورى!!
هذا الرخيص، رخص ذرات «الرماد» كل قيمته وحيثيته فى الحياة «باسورد» أكاونت على تويتر، إذا فقده، لن يكون له أى قيمة تذكر!!
وعلى غرار دواسة تويتر، هناك عشرات النشطاء، عندما تطرح عليهم سؤالا، ما هو عملكم؟ يسارعون بالرد.. نشطاء يمتلكون حسابات على السوشيال ميديا!! وكأن هذه الحسابات عبارة عن شقق مفروشة أو غرف فى فنادق الدرجة الثالثة يتم تأجيرها لمن يدفع، ولا يهم شخصية المستأجر، سواء كان إسرائيليا أو قطريا أو تركيا، يتجسس على مصر ويروج للأكاذيب والشائعات، ويشوه الإنجازات، ويسخف ويسفه من القرارات المحورية، المهم أن المستأجر يدفع وبسخاء، ليشترى الناشط فيلا فى شارع إيران بمنطقة الدقى، أو قصرا فاخرا فى الشيخ زايد، وأسطول سيارات «كوكتيل» ما بين المرسيدس والـ«بى إم»!!
هناك كتاب رائع يحمل عنوان «التعاون بين العملاء اليابانيين والنخب المحلية فى حرب الصين» ومؤلفه «تيم بروك»، يسرد فيه تأييد ودعم بعض ممن يطلقون على أنفسهم نخب ونشطاء فى الصين، لمحتل بلادهم «اليابانين»، تحت شعارات الحرية والديمقراطية.
«تيم بروك» لفت النظر إلى أن تأييد النخب الصينيين لليابانيين المحتلين لبلادهم، كان له نتيجتان سلبيتان، لم يتوقعهما أكثر السياسيين حنكة وحكمة.
النتيجة الأولى: أن تعاون النخب والنشطاء السياسيين الصينيين مع المحتلين لبلادهم اليابانيين لم يضف أى شيئا جوهريا سواء على الصعيد العسكرى أو السياسى لليابان، كما لم يؤثر التأثير السلبى البالغ على الوضع الصينى.
النتيجة الثانية: أشاع ذاك التعاون الغريب حالة من التردى الخطير للقيم الأخلاقية، أحرجت الصينيين واليابانيين معا، وزاد معها اشتعال نار التوتر والخلاف بين الدولتين!!
هذا التلخيص شديد العبقرية لـ«تيم بروك» عن خيانة النخب الصينية لبلادها، إذا أسقطناه على الوضع فى مصر، فإن أصابع الشك والاتهام تشير بقوة إلى النخب والنشطاء، فيما يتعلق بولائهم وانتماءاتهم لبلادهم، وسهولة ارتمائهم فى أحضان الأعداء بكل سهولة ويسر.
خلاصة ما ذهب إليه «تيم بروك» يؤكد أن قطر وخلال السنوات السبع الماضية التى تلت 25 يناير 2011، استطاعت الاستثمار بقوة فى شراء الولاءات لكثير من النخب والنشطاء، وقيادات وأعضاء عددا من التنظيمات والجماعات والحركات الفوضوية، وهو أمر أدى إلى غضب اجماع الشعب المصرى ضد قطر وحكامها، قبل غضبها وسخطها من النخب والنشطاء الذين يحملون الجنسية المصرية اسما فقط!!
هذا الانتهاك القطرى الصارخ للقيم الأخلاقية والوطنية بتجنيد نخب ونشطاء مصريين، وضع النظام فى الدوحة فى حرج بالغ أمام الشعب المصرى بكل مكوناته من ناحية، والمجتمع العربى من ناحية ثانية، وافتضح أمره فضيحة عاهرة فى ميدان عام مكتظ بالبشر.
من هنا نستطيع أن نفهم سر تشبث النشطاء المدافعين عن قطر، حتى ولو بشكل مستتر، بحساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، واعتبارها رأس مال حقيقى شبيهة «بالفرخة التى تبيض ذهبا»، وتحويل الوهم إلى حقيقة، من خلال اللهث وراء زيادة أعداد المتابعين الوهميين.
وإذا قررت أن تخوض تجربة التجوال على حسابات النشطاء على «تويتر وفيس بوك» فلا عجب لو فوجئت بأنهم مدونين نوع الوظيفة على النحو التالى: «العمل لدى فيس بوك أو تويتر»، وترجمتها «ناشط تويتراوى وفيسبوكاوى كد الدنيا وله شنة ورنة»؟
ولك الله يا مصر..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة