غموض كبير يكتنف صناعة القرار بالبيت الأبيض فى ظل حالة من الإقالات والتعيينات غير المفهومة، والتى لا يخرج أحد من مؤسسة الرئاسة الأمريكية لشرحها، وتجلت تلك الحالة مع القرار الأخير الذى أصدره الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مساء اليوم بإقالة صديقه وداعمه الانتخابى أنطونى سكاراموتشى مدير الاتصالات بالبيت الأبيض، الذى تم تعيينه يوم الجمعة قبل الماضى ولم يمض على تنصيبه سوى 10 أيام بالكاد.
ظهور إعلامى مشاغب
فى السياق ذكرت تقارير صحفية غربية أن ترامب اتخذ قرارا مفاجئا بإقالة سكاراموتشى من منصبه فى البيت الأبيض بعد سلسلة من مشاهد الظهور الإعلامية المضطربة والعنيفة والمشاغبة، تلك التى قام بها سكاراموتشى فى الأيام القليلة الماضية.
يأتى هذا فى الوقت الذى حذف فيه سكاراموش عددا من التغريدات من خلال حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، وقال إنها قد تكون مُربكة لدوره الجديد.
وقالت السكرتيرة الصحفية، سارة هوكابى ساندرز، فى بيان لها بعد ظهر اليوم "إن أنطونى سكاراموتشى سيغادر دوره كمدير اتصالات فى البيت الأبيض".
وأضافت المتحدثة قولها: "رأى سكاراموتشى أنه من الأفضل أن يعطى رئيس الأركان جون كيلى فريق عمل بلا مشاكل وأن يمنحه القدرة على بناء فريقه الخاص، ونحن نتمنى له كل التوفيق".
واختار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سكاراموش يوم الجمعة قبل الماضى لمنصب مدير الاتصالات للبيت الأبيض، وهو منصب ظل شاغرا منذ مايو الماضى.
فيتو كبير الموظفين
وتأتى هذه الخطوة الصادمة، التى نشرتها صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست، عقب سلسلة من المشاغبات التى ظهرت فى وسائل الإعلام من جانب سكاراموتشى، ووجها إلى صحفى بجريدة نيويوركر يوم الخميس الماضى، وبعد ساعات فقط من تعيين الجنرال جون كيلى فى منصب كبير موظفى البيت الأبيض، وفقا لتقرير نشرته الجارديان البريطانية اليوم الاثنين.
ونقلت الجارديان عن نيويورك تايمز أن قرار إقالة سكاراموتشى الملقب بـ"موش" جاء بناء على طلب كيلى، وأضافت الصحيفة أنه من غير الواضح ما إذا كان سكاراموتشى سيبقى فى البيت الأبيض فى منصب آخر أو أن يتركه تماما.
يذكر أنه تم تعيين سكاراموتشى، المعروف بين أصدقائه باسم "مووش"، وكان فى هذا الظرف حلا ملائما لترامب بعد أكثر من شهرين على شغور المنصب المهم، ولم يمض نهار يوم الجمعة 21 يوليو، حتى تسلم "مووش" المنصب الذى كان شاغرا بعد رحيل مايكل دوبك، ذلك الذى كان يكافح من أجل صياغة استراتيجية اتصالات متماسكة بالمؤسسة الأمريكية الحاكمة، حيث انطلقت الإدارة من جدل إلى آخر فى هذا الوقت المفهم بالاضطرابات السياسية الداخلية والخارجية.
وأفادت مصادر صحفية أن شون سبايسر، المتحدث باسم البيض الأبيض، عارض هو الآخر تعيين سكاراموتشى، واستقال من منصب السكرتير الصحفى للبيت الأبيض يوم الجمعة، بناء على عدم تقبل ترامب لرأيه حول تعيين سكاراموتشى.
سياسة عض الأصابع
من جانبه رأى الباحث فى الشئون الدولية، أنس القصاص إن قرار ترامب يعتبر حلقة ضمن سلسلة إقالات واستقالات، خاصة أن هذه الحالة هى الثالثة فى أقل من 7 أشهر على توليه السلطة بالبيت الأبيض، موضحا أن الانعكاس الأبرز لهذه الحالة هو أن هناك انقساما بين ترامب من جهة والمؤسسات التقليدية بالإدارة الأمريكية من جهة.
ورأى القصاص أنه يمكن فهم هذا القرار فى ظل ما يعرف بـ"سياسة عض الأصابع"، إذ عزل ترامب صديقه والرجل الذى جمع تبرعات لحملته، مختتما حديثه مع "اليوم السابع" بقوله: "لا يمكن تنحية قراءة هذا القرار فى ضوء الاتصالات المريبة التى تمت بين حملة ترامب والسفارة الروسية بواشنطن وبين أعضاء من الحملة والرئيس الروسى بوتين ذاته، تلك التى تحقق فيها الجهات الأمريكية حاليا".
سطور عن سكاراموتشى
وذكرت الصحيفة اللندنية أن سكاراموتشى تخرج فى كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وأسس ما يعرف بـ"صندوق التحوط العالمى" أو "سكيبريدج كابيتال" فى عام 2005، لكنه باعه فى عام 2017 استعدادا لدور فى إدارة ترامب.
كما أسس سكاراموتشى مؤتمر "سالت"، الذى سمى باسم شركته، والذى كان يجذب المتحدثين من واشنطن وهوليوود ووول ستريت.
وعلى الرغم من أن سكاراموتشى جمع عددا من التبرعات الحاسمة لحملة ترامب، إلا إنه لم يكن الاختيار الأول للرئيس الجمهورى.
ونقلا عن الجارديان فقبل الحملة الرئاسية لعام 2012، أعرب سكاراموتشى عن دعمه المبكر لهيلارى كلينتون، وقال "إنها مؤهلة بشكل لا يُصدق"، وفقا لبرنت سكرين نشرته صحيفة ديلى بيست من حساب سكاراموتشى بموقع توتير للتغريدات المصغرة، وقالت الصحيفة إنه على ما يبدو كتب رأيه ذلك من خلال تغريدة فى إبريل 2012م، غير أنه حذفها فيما بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة