أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

متى ظهرت نظرية «اللا صديق اللا عدو» فى الأجندة السرية للأمريكان؟

الإثنين، 31 يوليو 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لا يعرف البعض أن الدراسة التى حملت عنوان «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر» للباحث محمد ضياء الدين محمد قدمت نموذجا جيدا لعملية البحث وكشفت الكثير من الأسرار عن علاقات أمريكا ما بعد أحداث سبتمبر وقدم الباحث رؤية حقيقية من منظور عربى إسلامى للعلاقات الأمريكية لدول العالم، وخرجت الدراسة بعدة نتائج عن العلاقات الدولية المعاصرة التى تتسم.
 
بكثافة وسرعة التفاعلات بين الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية، هذا فضلا عن التغير السريع فى توجهاتها، الأمر الذى يجعل عملية تحليل وتفسير هذه التفاعلات بالغة الصعوبة والخطورة خاصة إذا ما كان سيتم الاستناد إلى تحليل ما وضع سياسات معينة أو بناء مواقف تجاه أطراف دولية أخرى، لذا أسعى فى هذه الرؤية إلى رصد أهم الظواهر التى برزت فى حقل العلاقات الدولية خلال الحقبة التى تلت أحداث الحادى عشر من سبتمبر حتى الآن، وأهم هذه الظواهر هى: 
 
-1 ظهور مبدأ اللا صديق اللا عدو: لقد قامت العلاقات الدولية منذ ظهورها على أساس التحديد الدقيق بين العدو والصديق خلال كل مرحلة تاريخية، بل وسنجد فى الأدبيات الإسلامية الكلاسيكية تحديداً واضحاً لما يمكن اتباعه من سياسات فى دار الحرب أى العدو ودار السلام، وكذلك الحال فى الأدبيات السياسية الغربية القديمة ولعل أشهر من تناول هذا الموضوع ميكافيللى فى كتابه الأمير الذى تضمن نصائحه للأمير بالنسبة للسياسات التى يمكن أن يتبعها تجاه الصديق والعدو فى الداخل والخارج.
 
حقيقة أثبتت التجربة أنه لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة وإنما مصالح دائمة فى العلاقات بين الدول، إلا أن الطابع العام للمصالح خلال مرحلة تاريخية معينة كان يضفى عادة على هذه العلاقات، إما طابع الصداقة وإما طابع العداء، ومن ثم كانت هناك درجة واضحة من الرؤية بالنسبة لعملية إدارة العلاقات بين الدول فعلاقات الصداقة لها قواعدها وأسسها وعلاقات العداء لها بدورها قواعدها وأسسها المختلفة.
 
أما واقع العلاقات الدولية اليوم فإنه يشهد حالة فريدة ربما تكون غير مسبوقة فى تاريخها، وهى ما نطلق عليها ظاهرة اللاصديق واللاعدو، فلا يمكن عمليا التوصل إلى معايير تحدد العدو والصديق تحديدا جامعا مانعا، كما كان الأمر من قبل، وبالتالى نستطيع القول إن العلاقات بين الدول فى واقعنا المعاصر أقرب ما تكون إلى تكوينات تجمع بين عناصر من الصراع وعناصر من التعاون بدرجات مختلفة ومتغيرة فبعضها يغلب عليه عناصر الصراع فيكون أقرب إلى دائرة العداء، والبعض الآخر يغلب عليه عناصر التعاون فيقترب من دائرة الصداقة ونمط ثالث يقع فى منطقة ما بين كل من الدائرتين، إلا أن هذه التكوينات سريعة التغير بحكم السمة العامة لهذا العصر، ولعل أوضح الأمثلة المعاصرة فى هذا الشأن ما حدث من تغير فى الموقف الروسى والصينى من أزمة الملف النووى الإيرانى بشأن حزمة العقوبات الرابعة التى فرضت على إيران مؤخرا من خلال مجلس الأمن.
 
هذه الظاهرة لها بغير شك آثارها على حركة التفاعلات بين الدول وطبيعة هذه التفاعلات ومداها والآثار الناتجة عنها فلا تتوفر معايير أو قواعد واضحة ومحددة تنتظم من خلالها هذه التفاعلات كما كان الحال فى مرحلة الحرب الباردة على سبيل المثال.
 
-2 تغير مفهوم سيادة الدولة: لقد قامت العلاقات الدولية خلال المراحل التاريخية السابقة على أساس أنها علاقات بين دول ذات سيادة ومن ثم تتمتع بممارسة هذه السيادة على إقليم وشعب معين فلا تنازعها أى سلطة أخرى فى نطاق هذا الإقليم أو على هذا الشعب كما أنها تتمتع بالحق فى قبول أو رفض أى شىء يأتى إليها من الخارج ولقد تم تقنين هذا الوضع فى المواثيق الدولية التى جعلت من مبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول مبدأ حاكماً للعلاقات الدولية يتعين على الدول احترامه والالتزام به.
 
وعندما ننظر إلى الواقع القائم لهذه العلاقات اليوم سنلحظ أن مفهوم السيادة بمحتواه المتقدم قد تغير ليصير أقل تحديدا ووضوحا عما كان عليه من قبل، وهو ما نطلق عليه ظاهرة سيولة مفهوم سيادة الدولة فلم تعد الدولة تحتكر السيادة على إقليمها وشعبها بشكل مطلق كما كان الأمر من قبل، وإنما نستطيع القول بوجود عدة دوائر لسيادة الدولة تختلف اختلافا نوعيا من حيث قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وأسلوب ممارسة هذه السيادة فيها.
 
وفى هذا الشأن نشير إلى وجود بعض المجالات التى ما زالت تتمتع فيها الدولة بالحق فى ممارسة السيادة بشكل شبه مطلق ويختلف نطاق هذه المجالات من حيث اتساعه ومداه من دولة لدولة أخرى، ومن فترة لفترة أخرى ومن موقف لموقف آخر كما توجد بعض المجالات التى لم تعد تتمتع الدولة بممارسة السيادة بشأنها فهى تخرج عمليا عن نطاق سيطرتها وإن كانت معظم الدول ترفض الاعتراف بهذا الواقع، إلا أن عدم الاعتراف بما هو قائم لا يلغيه ولا يلغى تأثيره من ناحية أخرى توجد بعض المجالات التى يتم فيها تقاسم الحق فى ممارسة السيادة بين الأطراف الدولية، وأخيرا يمكننا أن نشير إلى الحالة التى تمارس فيها الدولة سيادتها شكليا دون أن تكون لديها القدرة الفعلية على الفعل والتأثير، ومن الأهمية بمكان أن نذكر أن هذه الأوضاع المشار إليها بالنسبة لسيادة الدولة إنما هى أوضاع نسبية تختلف باختلاف الدول والظروف والمواقف إلا أن نتائج وآثار هذه الظاهرة بأبعادها المختلفة قد برزت بوضوح فى العديد من المواقف والأحداث التى شهدها العالم على مدى السنوات الأخيرة.. وللحديث بقية إن شاء الله. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

النظريه المزدوجه

ظهرت مع بات مان الذى ينقض علي الصديق والعدو حسب مصلحته

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة