حفظت لنا كتب السيرة والتاريخ واقعة شهيرة بطلها أعرابى جهول ارتكب جريمة فى حقه نفسه ودينه ومجتمعه، فقد تبول هذا الأعرابى فى مسجد الرسول وحينما هاجمه المصلون مستهجنين فعلته مستفسرين عن أسبابها قال لهم «أردت أن أذكر ولو باللعنات» وفى رواية أخرى فقد لطخ هذا الأعرابى الكعبة المشرفة بالقاذورات، وفى رواية ثالثة فقد انتظر زمن الحجيج ثم رفع ثوبه وبال فى ماء زمزم، وفى الروايات الثلاثة يقول الأعرابى نفس السبب ويسوق ذات الحجة «أردت أن أذكر ولو باللعنات» فصارت هذه الواقعة شاهدا حيا فى الضمير والوجدان على من يرتكب الفواحش من الأفعال حتى يحظى ببعض من شهرة، على حساب قدسية دينه وحرمه جسده ومشاعر المحيطين به.
الأعرابى هذا على وقاحته أفضل حالا من كثيرين يعيشون معنا الآن ويحظون بالكثير من المميزات والكثير من الإمكانيات، فعلى الأقل هذا الأعرابى لم يذهب بأهله أو قبيلته إلى التهلكة، ولم يدفع ضريبة تهوره وخبله سواه، لكن فى حالة أخرى مثل حالة الأمير تميم حاكم إمارة قطر فالأمر مختلف، فقد أشرف هذا التميم على الوصول ببلده إلى التهلكة الحقيقية، فأساء إلى شعب مسالم وطيب، وعبث بمصائر القطريين ووضعهم فى موضع المتهم الدائم، كما أساء إلى بيته وأهله وعائلته ونسله، وفى الحقيقة فإن ما فعله «تميم» ومن قبله أبوه «حمد» فى شعب قطر الشقيق أسوأ بكثير من عشرات المصائب التى من الممكن أن يرتكبها حاكم فى شعبه، ولا أتكلم هنا عن الخسائر السياسية أو الاقتصادية التى تسبب فيها هذا النظام، ولا أتكلم أيضا عن مئات المليارات التى أنفقها هؤلاء على نزواتهم وعملائهم وإرهابهم وأغراضهم الشخصية، لكنى أتكلم عن تلك الصورة الذهنية القبيحة التى رسموها لبلدهم وشعبهم، من أجل أن يحظوا ببعض من شهرة تماما كحال هذا الأعرابى المتبوِّل.
لو كان الأمر بيدى لدعوت إلى إنشاء مجلس حكام عالمى من أهم الفلاسفة والمفكرين والعلماء لتكون مهمته الأولى هى الحجر على الملوك والرؤساء الذين يسيئون إلى شعوبهم ويعبثون بمقدراتهم ولا يلتزمون بالرشد فى تصرفاهم، فلا يجوز أن نترك بلدان العالم وشعوبها هكذا لعبة فى يد عشاق الشهرة ومدمنى اللعنات فى كل حين، ولا يجوز أيضا أن نترك ثروات البشرية تضيع هكذا لصالح جماعات التخريب التى يدعمها هؤلاء المرضى، ولا يجوز أيضا أن نترك مصير شعب بأكمله فى يد «كومبارس» يبدد آمال شعبه وأحلامه من أجل الحلم بدور البطولة.