ضرب السوريون الذين أتوا إلى مصر، هربا من الحرب التى تعيشها بلادهم، مثالا واضحا فى البسالة والجد والكفاح فى العمل، لتحقيق الذات وتحدى الظروف التى مروا بها، فقد حقق العديد من السوريون نجاحات كبيرة فى المجالات المختلفة، لاسيما صناعة الحلوى السورية، والملابس والوجبات السريعة، حتى فى الفن، برع بعض السوريين فى تقديم ألوان جديدة من الفن فى مصر لاقت قبولا لدى المصريين.
اليوم السابع يرصد فى التقرير التالى صفحات قليلة من قصص نجاح السوريين فى مصر خلال الفترة الأخيرة..
"أبو بكر السورى".. أشهر جزار "جمال" و"ضانى" فى العاشر من رمضان
يحيى العسلى الشهير بأبو بكر السورى ذو الـ45 عاما يعمل "لحام أو قصاب" أو جزار بالمصرى، جاء إلى مصر منذ 4 سنوات هو وأسرته زوجته وأبنائه الاثنين ورزق بالثالث على أرض الجولف بمدينة نصر، ثم ظل يبحث عن مكان يشبه الريف الدمشقى الذى عاش فيه 40 عامًا من عمره، وقرر الاستقرار فى مدينة العاشر من رمضان، لأنها الأكثر تشابها مع ريف دمشق الذى يضم أكثر من 82 مزرعة، وذات التضاريس والطبيعة بين السهول والسهوب والجبال العالية والوديان، وتمتد لتحيط بمحافظة دمشق العاصمة.
يروى أبو بكر كيف عاش فى مدينة العاشر يبحث عن كل ركن عاش فيه بدمشق، فعشق العين السخنة، لأنها تذكره بمصيف بلودان والزبدانى وبقين ومصايف وادى بردى الرائعة، ولم ينس زيارة مقام السيدة زينب الذى يذكره بالكثير من المقامات والمزارات الدينية بريف دمشق.
بعد الذكريات وحواديت الريف الدمشقى التى نقلها ابو بكر السورى لكل المترددين عليه، بميدان صيدناوى قرر أن يعود قصاب فهى مهنته التى تربى عليها هو وأخيه الاكبر الذى رافقه حتى استقر الوضع فى العاشر وتركه مسافرا إلى الدنمارك ليعمل ايضا هناك قصاب.
يحكى أبو بكر كيف نفذت النقود التى جاء بها بعد شهرين وقدرها 25 ألف ليرة، ثم اقترض من رفيق له سورى 25 ألف دولار، واشترى إحدى مقرات البنك الأهلى القديم فى ميدان صيدناوى، وقسمها محلات للعصير والأكل والمشويات والجزارة، وأجرها لسوريين، وأحيا المكان بعد أن كان مهجورا بلا حياة ليطور المساحة المقابلة له لتعج يوميا بشباب ونساء وأهالى المدينة سوريين ومصريين.
يؤكد أبو بكر، أنه لم يجد أى صعوبة فى العمل فى مهنته بمصر والعاشر، لتشابه العادات والطباع بين المصريين والسوريين، ومصر فيها خير كتير وشعبها طيب، كانت الكلمة الحلوة والصدق واللهجة السورى هى سر النجاح بين المصريين ".
عن الأحلام يقول أبو بكر، أنا حاصل على الكارت الأصفر وهو بالنسبة لى يشكل نوعا من الحماية، ولدى إقامة طلابية فأبنائى بالمدارس الحكومية وهم صغار بدأوا يتعودون على اللهجة المصرية، لكن فى يوما من الأيام سأتزوج مصرية فنحن نقدس المرأة ونحترمها.
فى فترة قصيرة استطاع أبو بكر السورى، أن يحفر لنفسه مكان فى مدينة العاشر من رمضان، بتخصصه فى ذبح الجملى والعجالى والضانى قائلا: " بشتغل أفرنجى بمعنى بنشفى اللحمة ونقسمها "الأحمر لوحده والفلتو والتربيانكوا والنضيف بدون سمين، ونجهز الكوفتة والسجق والبرجر واللية والضانى ".
وعن الأسعار قرر أبو بكر، أن يخفض أسعاره عن السوق، ويأتى بجماله ورؤوس ماشيته من المزارع، إما من أسوان أو من بلبيس، وينتظم فى مواعيد الذبح التى بات يعرفها الجميع يومى الإثنين والأربعاء، ليتربع على عرش الجملى والضانى والبتلو فى المدينة الصناعية.
محمود الأفندى
"محمود الأفندى" شاب سورى معاق ويبيع البونبونى على الكافيتريات
أن يتحدى شاب إعاقته ويبرع فى مجالات مهنية مختلفة.. تلك بطولة، لكن أن يضاف لتحدى الإعاقة تحدى أكبر وهو تحدى الغربة القسرية، وترك الوطن تلك بطولة أكبر، هذا هو حال محمود الأفندى شاب فى العشرينيات من العمر ملامحه الطفولية وابتسامته التى تشع أملا تجعلك تتفاءل بمجرد حديثك معه، ورغم تأثير إعاقته على مخارج الألفاظ لديه، لكنه يملك حس الدعابة وخفة الظل والنكات المصرية، ويعشق قول "الألشات".
حين تبدأ الشمس فى الغياب، ويخرج سكان مدينة العاشر من رمضان لشراء مستلزماتهم وسط المدينة، يختلط المصريين بالسوريين، لكن تبقى اللهجة السورية تجذب الآذان، فاذا بصوت متلعثم يقترب من أسرة تجلس تحتسى بعض العصير، وبيده كيس من الحلوى يحمل اسم أحد مصانع العاشر، تعلو وجهه ابتسامة ويقرب يده للجالسين قائلا: "عايزة حلوى".
البعض يظن أنه قد يطلب مساعده، لكن سرعان ما تتبدل الصوره كلية، حين يُقدم أحد بإعطاء محمود نقود فاذا به يرد بحسم ملوحا بيده "لاء أنا مش عايز فلوس أنا عايزك تشترى منى"، فإذا بالآخر يبتسم قائلا له: "هات كيس"، ويتكرر المشهد يوميا وفى أماكن مختلفة، حتى صار الأطفال الصغار يعرفون محمود بالاسم وإذا مر بالقرب منهم ولم يتقدم من منضدتهم يجرون عليه وينادوه، أحيانا يجلس معهم ويلقى عليهم "الألشات" المصرية.
اليوم السابع التقى محمود على كافتريات العاشر التى تعتبر ملاذ كثير من السوريين فى العاشر، وبعد انتهاء عمل محمود الذى يبدأ من السابعة مساء وحتى العاشرة، يقصدها يوميا، ويطلب الشيشية التفاح ويتبادل الحوار مع الجالسين حوله من الشباب فى عمره مصريون وسوريون".
محمود روى لـ"اليوم السابع"، أجزاء عن حياته، حين عاش طولته فى حى الحريقة وهى المنطقة الواقعة جانب سوق الحميدية من جهة الجنوب فى دمشق، وسوق مدحت باشا من جهة الشمال، بين جادة الدرويشية غرباً وسوق الخياطين شرقاً.
ويعرف محمود من أين جاء اسم الحى الذى عاش فيه، إنه نفس المكان الذى حل به "سيدى عامود" ومدفوناً فيها، وأصبحت تعرف باسم "الحريقة" بعد الحريق الذى شب فيها وقت القصف الفرنسى لدمشق عام 1925 وأدى إلى دمار واسع، وسقطت قذيفة مدفعية أطلقت من قلعة المزة فوق قبة حمام الملكة فى سيدى عامود، فاشتعلت التيران وامتدت إلى البيوت والمحلات المجاورة، فالتهمت فرن جبران وزقاق المبلط وراء سوق الحميدية، ثم زقاق سيدى عامود وبعضاً من سوق مدحت باشا، معربا عن أمله فى زيارة سوريا وبلدته، ولكن بعد أن يحصل على الإقامة فى مصر.
وهنا يصمت محمود قليلا، ثم يقول: "أنا أعيش فى منزل مع أسرتى بالقرب من ميدان الأردنية بالعاشر من رمضان، وأنا عايز أدخل المدرسة هنا فى مصر، لأحصل على الإقامة، فأنا خرجت من التعليم وأنا فى الصف الخامس الابتدائى، بسبب مضايقة الأولاد لى مبتسما ويؤكد أنه يعرف يقرأ جيدا ويكتب وأيضا شاطر فى الرياضات ".
محمود من إحدى العائلات الكبرى فى دمشق، وهى عائلة الأفندى، وهى من العائلات الثرية، وكان يمتلك والده عدة معارض لبيع وتجارة السيارات، لكن بعد الأحداث التى مرت بها دمشق وسوريا، وجاءوا لمصر واستقروا بها، عمل والده خياط لملابس الأطفال، لكن طبيعة محمود منذ أن كانوا يعيشون فى دمشق كان لا يحب أن يصبح عبء على أسرته، وكان يترك معرض سيارات والده ويعمل فى أماكن عديدة بعيدا عن سلطة أبيه قائلا: "مش ينفع أنا أروح أقعد وأخى يعمل كان لازم أنا كمان أعمل".
وعن أسرة محمود يقول: "إن أسرته أخذت الإقامة على أخته الطالبة فى الصف الأول الإعدادى بمدينة العاشر من رمضان، وأخيه الأكبر يعيش فى ألمانيا، وهو الوحيد الذى يعيش بلا إقامة فى مصر، ويود أخذ الإقامة ليسافر إلى دمشق لرؤية أصدقائه.
محمود يعانى من إعاقة جسدية فى أطراف يديه وقدمه، منذ ولادته، وكل حلمه، أن ينشئ مركزا للمعاقين، يعلمهم فيه القراءة والكتابة، وأيضا يعلمهم حرف، لأن فلسفته قائمة على أن الإعاقة الحقيقية هى الجهل، لكن المعرفة تجعل المعاق قادر على مواجهة الحياة بكل ما فيها".
ويروى محمود الأفندى تجربة مريرة له فى أحد مراكز المعاقين فى العاشر قائلا: يضعون الإعاقة الذهنية مع الإعاقة العقلية فى نفس الفصل، ولا يقدمون لهم خدمة تعليمية، وهذا غير صحيح، لكن أنا سأقوم بالتعاقد مع مدربين متخصصين يساعدون المعاقين فى أن يكونوا مفيدين لأنفسهم وللبلد الذى يعيشون فيه لأن كل واحد منهم يمتلك قدرة غير عادية على النجاح وتحدى ظروفه، وأن الخلط بين الإعاقتين يؤثر بالسلب على كليهما".
محمود طور من نفسه وبدلا من مروره بأكياس حلوى فى يده قرر أن يشترى، برطمانات بلاستيكية، وقام أحد أصدقائه بطباعة استيكر له يحمل اسم حلويات سوريا لصاحبها محمود الأفندى، حتى يبيعها للناس بدلا من وضعها فى الكيس، إعادة تعبئة وتوزيع.
ويقصد محمود كثير من رجال الأعمال السوريون الذين يعملون فى مجال صناعة الحلويات ليشترى منه حلويات سورية ليبيعها ويكبر من تجارته، ولم ينس محمود الادخار حيث يكسب فى اليوم 100 جنيه يخصم منها ثمن الحلويات، ويتبقى له 30 جنيه يشرب الشيشة والعصير منها ويدخر الباقى حتى اشترى لنفسه دراجة مجهزة يضع فيها الحلوى لتيسر عليه المرور والمشى فى العاشر، لكن لم تمر عليه يومان حتى صدمته سيارة ونقل على إثرها للمستشفى يعانى من كدمات فى القدمين ويعمل علاج طبيعى وعاد محمود بعد فقدان دراجته قائلا: "هبدأ من جديد مش مشكلة".
فواز سعد الدين
"فواز سعد الدين".. صاحب أشهر محل نابلسية فى المنصورة
فواز سعد الدين، مالك محل سعد الدين للحلويات، أتى لمصر قبل 4 أعوام، وبدأ حياة صعبة بمدينة جمصة، بمحافظة الدقهلية، لم يتمكن من الاستمرار فيها، فنزح من جديد إلى مدينة المنصورة، حيث كان على موعد مع النجاح والشهرة.
يقف فواز على شواية، شبيهة بشواية الدجاج على الفحم، ممسكا بأطباق معدنية صغيرة، يضع فيها النابلسية، أو الكنافة بالجبنة، على الفحم، ويقوم بتقليب الفحم، وزيادة حدة النيران، بينما تطهى النابلسية على نيران هادئة، ويضيف إليها العسل والسكر، ليصبح مزيجا رائعا بين الجبن والعسل والكنافة، وعلى ذلك يتهافت الناس.
يقول فواز: هناك إقبال على الكنافة النابلسية على الفحم، لأن المصريين يجدون فيها مذاقًا جديدًا وشيئًا مختلفًا على ما تعودوا عليه من الحلويات التقليدية، وسعرها فى متناول الجميع والمواطن المتوسط الدخل يستطيع أن يستمتع بمذاقها دون أن يحمل عبأ الثمن الباهظ للحلويات.
يضيف فواز: لاحظت أن أسعار الحلوى مرتفعة فى مصر، فحاولت أن أقدم حلوى فاخرة، بمستوى عال من النظافة والجودة، وبسعر رخيص حتى يستطيع الجميع تناولها والاستمتاع بمذاقها الرائع، عسى أن ننسى الحزن الذى لا يتوقف من سوريا وما يعانيه سائر أهلنا بسوريا، ويبلغ سعر النابلسية، كأشهر حلوى يقدمها الحلوانى السورى، 5 جنيهات للقطعة الواحدة، وهناك قطعة أكبر بـ 10 جنيهات، تكون فى متناول اليد، وتباع أيضا بالكيلو، حيث يصل سعر الكيلو 50 جنيها.
يقضى فواز فى شرح ما يقدمه من حلوى خلال شهر رمضان، نصف وقت عمله، فمعظم زبائنه من جنسيات مختلفة غير الجنسيات السورية، فبالإضافة إلى المصريين، فإن مدينة المنصورة بها العديد من الجاليات، العربية مثل العراق وليبيا وتونس والمغرب وبلاد الخليج، وجاليتين أجنبيتين من أندونيسيا وماليزيا، وأخرى أفريقية من جنوب أفريقيا وتنزانيا والسوداب، بين طالب وعامل ومقيم.
يقول فواز: "المنصورة أصبحت على يدى ملتقى للجضارات، الكنافة السورية، تباع فى مصر، للأندونيسيين والماليزيين والتانزانيين، ويأكلها الأفارقة والعرب، والكل يسأل عنها ويتذوق، ومن يتذوق مرة يعود ألف مرة بعد ذلك.
ويتابع قائلا "لو رجعت سوريا، هرجع أسلم ع أهلى أطمئن عليهم وأعود فى أسرع وقت لمصر، أنا لن أرحل من هذه البلد ما حييت هنا أنا ناجح ومشهور، ولى اسم وحياة وإخوة وأصدقاء وجيران، شو بيكون الوطن غير هيك، أهل وناس وأصدقاء ومصدر رزق".
الفنان طارق سويدان
طارق سويدان.. قصة كفاح شاب سورى من بواب عمارة لأشهر منشد فى الإسكندرية
"طارق سويدان" مطرب ومنشد سورى، من أشهر المنشدين فى مستوى الإسكندرية فى إحياء الحفلات الفنية والإنشاد الصوفى، استطاع عبر غنائه أن يصل إلى قلوب المصريين ويُعيد مفهوم كلمة "سورى" يعيش فى بلد شقيقة وينشر ثقافات الشام بعاداته وتقاليده عبر نوت موسيقية وإيقاعات فنية وصوت نقى.
هو طارق درغام سويدان، من مواليد مدينة درعا السورية تخرج فى كلية الهندسة الزراعية ثم حصل على بكالوريوس إدارة الإعلام بجامعة تورنتو الكندية، وشهادة من معهد إعداد المعلمين بسوريا، اكتشف والده الفنان السورى موهبته منذ صغره عمل بالإنشاد الدينى حتى أصبح من أهم المنشدين الدينيين بسوريا، وحصل على البطاقة الذهبية من وزارة الأوقاف السورية من الفئة الأولى، بالإضافة إلى العديد من الجوائز فى الإنشاد ومنها جائزة الصوفية على مستوى العالم.
لكن بعد عام 2011 وقفت الحرب أمام أحلامه ودمرت جميع الخطوات التى بدأها لتحقيق أحلامه كأهم المنشدين الدينيين بسوريا والشام، وقرر أن يغادر سوريا ويبحث عن الأمل من جديد، وكان هدفه هو مصر الأكثر أمانًا وترحابًا بالسوريين.
ويقول سويدان "وقفت الحرب أمام أحلامى ودمرت كل شىء بعد مرحلة انطلاقى كأشهر منشد دينى وحصلت على جوائز عالمية، ثم توقفت تماماً عن الغناء والإنشاد بسبب حزنى على سوريا ودمارها، غادرت إلى مصر وكانت لدى رغبة فى الاستقرار والأمان فقط لم تكن فى مخيلتى أن أستكمل مشروع الإنشاد والغناء".
وأضاف "فور استقرارى بمصر عملت فى أكثر من مجال مثلا حارس عقار وأمن فى إحدى شركات الحراسة وبائع فى معرض مفروشات، إلى مدرس علوم، ولم أخجل من عملى رغم شهاداتى العليا التى حصلت عليها ومكانتى الكبيرة التى وصلت إليها فى سوريا فى مجال الغناء والإنشاد الصوفى، والظروف هى التى دفعتنى للعمل فى أكثر من مجال لإيمانى أنه لابد من وجود استراتيجية للخروج من الأزمة مهما كانت تداعياتها".
واستكمل "انعزلت عن الغناء لمدة تقرب من العامين بسبب الحرب فى سوريا وحزنى على ما يجرى لأهلى وأشقائى الذين يتواجدون بسوريا وقلقى عليهم، إلى أن التقيت بمؤسسة مركز سوريانا ومفوضية اللاجئين بالإسكندرية، وعلموا بموهبتى وبدأت قصة كفاحى وانتشار جديدة من محافظة الإسكندرية".
واستطرد طارق سويدان حديثه عن بداية مشواره الفنى بالإسكندرية من خلال إقامة حفلات وإقامة ورش تعليم المقامات والغناء والنوت الموسيقية للأطفال والشباب واكتشاف مواهب فنية جديدة من الأجيال الجديدة، واستطعنا تخريج 3 دفعات من الشباب لديهم مواهب فنية حقيقية لمساعدتهم لاستكمال حياتهم ومنحهم أملا جديدا فى الحياة.
وصمت "سويدان" قليلاً ونظر إلى شاطئ البحر وقال "مصر هى البلد العربى الوحيد الذى استقبل السوريين أفضل استقبال ولم تقم لهم مخيمات، واعتبرهم أشقاء لا فرق بينهم وبين المواطن المصرى فى الحياة والتعليم، فأولادى تعلموا فى مدارس حكومية مصرية وهى أفضل من المدارس الخاصة، مصر بها مميزات كثيرة منها الهواء النقى الذى يأتى عبر المتوسط لسواحل الإسكندرية وينقل نسائم الهواء من سوريا حاملاً الأمل فى عودتنا إليها من جديد".
وأشار إلى أنه من حبه فى مصر قرر أن يؤدى أغنية وطنية تعبيرا عن تقارب الشعبيين المصرى والسورى بعنوان "مصر يا أمنا"، التى لاقت نجاحا كبيرا ويغنيها فى جميع حفلاته.
وأضاف "أتمنى أن أزور جميع السوريين فى بلاد اللجوء وأعقد لقاءات وندوات لكى أعرفهم بنماذج السوريين الذين نجحوا فى مصر وأعطى درسا للحكومات الأخرى التى تعاملت مع السوريين بسوء وأقول لهم أن مصر تعاملت بمحبة، ولو تعاملتم مع السوريين بهذه الطريقة ستجدون نماذج ناجحة فى مجتمعاتكم مثل النماذج الناجحة الموجودة بمصر".
واستكمل "ورش العمل التى تُعقد مع الشباب لتنمية مواهبهم هدفها إعادة تأهيلهم من جديد وإعادة تأهيلهم نفسياً للاستمرار فى الحياة ودفعهم نحو الأمل من جديد، وإيصال الصورة الصحيحة عن الشعب السورى بعيداً عن التجاذبات السياسية، لأن المواطن السورى ليس من مصلحته الدخول فى صراعات سياسية ولديه شهداء ومعتقلون فى بلده، فهو يريد العيش آمنا مع أولاده والبعد عن الأحزان".
يذكر "سويدان" أن أهم عوامل النجاح التى قام بها ويشعر بالفخر من تحقيقها هو منعه لأحد الشباب الذين كانوا يريدون الهجرة إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل ومن خلال ورش العمل الفنية واكتشاف موهبتهم، وأقنعه بأن السفر والهجرة لا يأتى بالنفع والاستقرار، فى مصر هو أفضل طريق لهم عن المخاطرة عبر البحر إلى مصير مجهول".
وأشار إلى أنه عُرض عليه إعادة التوطين من جديد بكندا أو ألمانيا، لكنه رفض وقرر الاستقرار بمصر خاصة بمدينة الإسكندرية التى تعتبر الأقرب إلى قلبه لتشابه الأجواء والعادات والتقاليد بأجواء سوريا.
وعن أهم المنشدين الذين يعتبرهم قدوة هو النقشبندى ويسير على خطاه، ويتمنى إقامة حفلات مشتركة مع وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية وغنائه يصل إلى جميع المصريين، وفى نهاية حديثه تمنى "سويدان" أن يقيم حفلة إنشاد بدار الأوبرا بسوريا وإعادة إعمارها بطموح وأمل الشباب السورى وأن يعم السلام والمحبة بين الشعوب الحربية.
باسم العطار
"باسم العطار".. صاحب أول مسرح تفاعلى بالإسكندرية
"باسم العطار".. شاب سورى مثال للشباب المكافح، فر من الحرب التى لحقت ببلاده إلى مصر، وتحديدًا فى محافظة الإسكندرية، لكنه على عكس أشقائه السوريين لم يختر العمل فى مجال صناعة الأكلات والحلويات السورية، حيث اتجه إلى مجال التمثيل والمسرح.
الشاب باسم العطار الذى يبلغ من العمر 35 عاماً، صاحب تجربة مختلفة بمحافظة الإسكندرية، حيث حاول العمل فى مهنته التى كان يمتهنها بمدينته دمشق والصدفة جعلته يعود إليها من جديد وهى موهبة التمثيل والمسرح.
ويقول باسم العطار إنه كان يعمل ممثلا ومقدم برامج فى إحدى قنوات الأطفال بسوريا وعمل مقدم برامج فى مهرجان صيف دبى 2009، جاء لمصر عام 2013 بعد الحرب بسوريا عن طريق لبنان ووصل إلى القاهرة، واجهته ظروف معيشة صعبة بالعاصمة ونصحه أحد الأصدقاء بالسفر إلى الإسكندرية.
وأضاف أنه عمل فى معمل لأحد محلات الحلويات والتى لقى بها ترحيبا كبيرا ولظروف صحية ترك عمله ومن بعدها قرر العودة إلى عمله الأصلى وهو العمل مع الأطفال وطالب أحد الحضانات السورية بالإسكندرية بإقامة حفلات، ومن هنا بدأت الرحلة من جديد والتى لاقت إعجاب الأطفال والجمهور وقرروا أنه يقيم لهم حفلات بشكل دائم.
وعن سبب اختيار المسرح التفاعلى أكد "العطار" أن المسرح التفاعلى فن جديد على عالمنا العربى وهو فى نهاية العرض يتفاعل الجمهور مع مقدمى العرض، وهو فن مقتبس من مسرح المقهورين وهو مسرح قديم مقتبس من باريس وبريطانيا، تم تأسيسه بسبب ارتفاع أسعار العروض الفنية وهو متاح الحضور فيه للجميع، موضحًا أنه يتم التركيز فى العروض الفنية على مسرح الصورة وهو فن كلاسيكى حديث الولادة نشأته فى البرازيل منذ 30 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة