مبكرا جدا أى حديث عن نهاية داعش، لكن هناك مؤشرات على تحول فى شكل التنظيمات المسلحة خلال الفترة المقبلة، خاصة فى وجود اتجاهات لحل سياسى فى سوريا، وبالفعل هناك بعض التنظيمات الإرهابية مثل النصرة سارعت بتغيير اسمها طمعا فى الدخول ضمن أى تسويات سياسية مقبلة، لكن فيما يتعلق بداعش، والإعلان عن هزائم يتلقاها فى الموصل وفى حلب، هناك توقعات بأن يتم إعادة تسكين أعضاء التنظيم غير المعروفين داخل التجمعات الأخرى، بهدف إعادة استخدامهم أو الاشتراك فى أى حلول سياسية، لكن اللافت للنظر هو عمليات تصفية واختفاء تتم للقيادات البارزة والمعروفة، وهم لا يسقطون فى معارك ولكن فى قصف أو اغتيال مباشر، وهو ما قد يشير إلى اتجاه لتصفية بعض القيادات ضمن عمليات إخفاء الأدلة.
هناك أيضا إعادة رسم العلاقات بين أطراف الأزمة السورية، فى ظل تقارب قطر من إيران، وتركيا، يبدو هناك تناقض فى المواقف، فإيران على طرف نقيض من تركيا وقطر، لكن يبدو أن المصالح تحتم عليهم تغيير التحالفات، وهى أمور، وإن كانت، مفهومة بالنسبة لتركيا التى اعتادت اللعب على كل الجبهات، لكنه يبدو بالنسبة لقطر تناقضا كبيرا، لأنه يعنى تغيير اتجاهات التحالف والتمويل التى اتبعتها قطر طوال خمس سنوات، حيث ترتبط بالقاعدة ممثلة فى جبهة النصرة، وتقترب من داعش، لكن الاتجاه نحو إيران يعنى تغيير البوصلة والعطاء، بعد سنوات تم فيها إنفاق مليارات الدولارات لتمويل التنظيمات الإرهابية التى يفترض أنها تعادى إيران، وتغيير قطر العطاء نحو المعسكر المضاد. فيما يبدو مغامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة أنها قد تثير غضب الحلفاء السابقين من التنظيمات الإرهابية.
كل هذا يشير إلى أن هناك أطرافا قد تجد من مصلحتها أن يختفى تنظيم داعش بلا أثر، وأن هناك مساعى لإخفاء أى وثائق من شأنها أن تكشف عن العلاقات المتشابكة طوال خمس سنوات بين داعش والتنظيمات المسلحة والمقاتلين الذين تم جلبهم من دول مختلفة لينخرطوا فى حرب بسوريا والعراق، واليوم هناك محاولات لتفكيك وإعادة توزيع هذه التنظيمات.
كان أعضاء داعش يهربون إلى ليبيا أو إلى دول أفريقية، لكن قطع الطريق عليهم فى ليبيا وفى مصر، يمكن أن يكون أحد عوامل الاتجاه إلى دول أفريقية قد تمثل ملاجئ مؤقتة، وأثناء ذلك تجرى عمليات تصفية أو تبخير لقيادات فى داعش والنصرة، مع استمرار غموض مصير أبوبكر البغدادى الذى تردد أنه قتل لكن لم تظهر جثته من أى جهة، وقد تم الإعلان عن تنفيذ حكم الإعدام فى أبوقتيبة وهو خطيب تحدث عن موت البغدادى، فى خطبة الجمعة فى تل عفر غرب الموصل، فتم إعدامه بتهمة «إثارة الفتنة الداخلية»، وفق صحف عراقية، لكن يظل مصير البغدادى غامضا، ومعه عدد من القيادات الذين اختفوا، ويبقى مصير داعش مرتبطا بالممولين والجهات التى تسعى بعضها لإخفاء معالم علاقاته.