مرة أخرى نعود إلى صخب «منح التفرغ» التى تقدمها وزارة الثقافة إلى عدد لا بأس به من المبدعين كل عام، وكنت قد قطعت على نفسى عهدا بأن أثير فى كل مرة، خاصة فى موعد المنح، سؤالا عن «مصير الأعمال الناتجة عن منح التفرغ»، وها هى الوزارة تبدأ ترتيباتها لمنح جديدة تمتد فى الفترة من يوليو 2017 إلى نهاية يونيو 2018، وصار لزاما علينا فتح الموضوع مرة أخرى والحديث عن هذه الأزمة التى لا تنتهى.
فى كل عام سوف نجدد السؤال، ولن يصيبنا الملل أبدا حتى تستجيب وزارة الثقافة، وتخرج علينا بتشريع ملائم للاستفادة من مئات الأعمال التى من المفروض أنه تم الانتهاء منها أو حتى قطعت شوطا كبيرا فى تنفيذها أو على الأقل نعرف إلى أى مرحلة وصل إليها العمل؟
نعم فى كل عام يثير موضوع منح تفرغ وزارة الثقافة الكثير من الجدل بداية من مواعيد التقدم ثم إعلان المشاريع الرابحة، بما يصاحب ذلك من حديث عن غياب الشفافية أو وجودها، ونستمر فى هذا الكلام حتى يعتمد الوزير الأمر، وبعده ننسى نحن المتابعون ما حدث حتى نفاجأ بموعد جديد للتقدم للمنحة الجديدة للتفرغ، لكن لا أحد يسأل السؤال الصعب أين تذهب مشاريع منح التفرغ الخاصة بالعام الماضى؟
مثلا فى العام الماضى، اعتمد وزير الثقافة الكاتب الصحفى حلمى النمنم 253 منحة تفرغ جديدة لمدة سنة، تبدأ من شهر يوليو 2016 وحتى يونيو 2017 وبالتالى فإن وضع هذه المشاريع حتما معروف لدى المسؤولين فى وزارة الثقافة.
وفى العام الماضى كتبت مخاطبا وزير الثقافة والمسؤولين معه، وطالبتهم بوضع استراتيجية جديدة مختلفة عن السنوات السابقة، على أن يكون أول بنودها هو التحكيم الجيد للأفكار المقدمة، واختيار المتميز منها الذى يمكن تحقيقه، وليس مجرد كلام أجوف فى الفراغ، كذلك متابعة التزام من يعمل على فكرته ويخدمها حقيقة، والتعرف على من يعتبرها «سببوبة» فينصب ويأخذ أموال الدولة بالباطل ولا يقدم شيئا، وفى هذه الحالة يعتبر من يفعل ذلك مدينا للدولة، وعليه إعادة النقود التى حصل عليها، كذلك على الوزارة أن تمنح المشروعات المميزة فى النهاية جوائز، وأن تلقى الضوء عليها ولا مانع من إقامة جائزة عن أفضل عمل تم تقديمه على أن يعلن عن هذه الجائزة مع جوائز الدولة فى كل عام، والبند الأهم فى هذه الاستراتيجية هو تخصيص ميزانية لنشر ما يتم إنتاجه من الأفكار فى سلسلة تصدر عن «الأعلى للثقافة»، ويتم الإعلام عنها بطريقة جيدة.
وهذا العام أجدد السؤال وأجدد المطالبة بتحمل المسؤولية، وأناشد الجميع العمل وفق هذه الاستراتييجة حتى لا يسقط الجميع فى تهمة إهدار المال العام، ومن ناحية أخرى تنمو لدينا خاصية القدرة على الاستفادة من أفكارنا.