لا تزال فكرة المكتبة المتنقلة تمثل مشهدا حضاريا مهما فى الشارع، وتعكس رغبة حقيقية لنشر الثقافة، وفى الأيام القليلة الماضية قام الدكتور أحمد الشوكى، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بلقاء الدكتور محمد رجائى عبدالحميد، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، حيث اتفق الطرفان على تخصيص إحدى المكتبات المتنقلة التابعة للهيئة لخدمة رواد حديقة الحيوان فى الجيزة وما يتبع ذلك من ورش ثقافية للأطفال واستعارات كتب على مدى اليوم وغير ذلك مما تتيحه هذه الخدمة.
المهم أن دار الكتب تعترف بأن لديها 6 مكتبات متنقلة كانت قد توقفت منذ أحداث ثورة 25 يناير 2011 وأنهم قد اتخذوا القرار بعودة هذه المكتبات وهم الآن يبحثون توفير مكتبة متنقلة فى حديقة حيوان الإسكندرية وأن ذلك ربما يحدث قريبا، بينما اتفاق حديقة حيوان الجيزة سوف يكون ساريا وسيتم افتتاح المكتبة هذا الأسبوع وفى الحقيقة هذه الخطوة شىء جيد ومفيد جدا.
نعم هذه خطوة إيجابية سوف يتفاعل معها الكثيرون خاصة الأطفال والشباب الراغبين فى المعرفة والمحتاجين إلى التشجيع الدائم على حب القراءة والتسهيل عليهم لممارستها فى سنهم المبكر، مما يترك أثرا طيبا على سلوكياتهم ويرفع كثيرا من معارفهم فيسهل عليهم فهم العالم والاطلاع على مشكلاته المختلفة.
الجميع يعرف أن المكتبات المتنقلة عبارة عن سيارات ممتلئة بالكتب المتنوعة، وأنها كانت ظاهرة منتشرة منذ سنوات قليلة فى شوارع القاهرة وكنا نلتقى بها مصادفة أو بمواعيد محددة، لذا فإن عودتها لن تمثل اختلافا فى السياق المجتمعى العام، كما أنها لا تحتاج إلى تخطيط مختلف أو غريب، فكثير من الأجيال التى تقرأ الآن ولها علاقة بالكتب شاهدت هذه المكتبات المتنقلة وتعاملت معها واستفادت منها بشكل مباشر.
ويجب أن تعود هذه المكتبات للانتشار سريعا فى الشارع المصرى، خاصة أننا فى الإجازة المدرسية وهى الموسم الأفضل لهذه المكتبات.
وهناك جانب مهم فى عودة «المكتبة المتنقلة» وهو أنه يقتضى أن تشارك جميع مؤسسات وزارة الثقافة فيها وليس دار الكتب فقط، لماذا لا تقوم «قصور الثقافة» فى الأقاليم والقرى بتنفيذ هذه المشروع، وتخيلوا لو أن سيارة متنقلة ممتلئة بالكتب تقضى يوما كاملا فى قرية ما وتقدم بجانب القراءة ورش تلوين وكتابة وتستخدم آليات حديثة وتقيم المسابقات الثقافية والمنافسات الجميلة بين القراء، لو حدث ذلك ويجب أن يحدث سننتقل خطوة ثقافية كبرى ستترك أثرها على كل شىء.
نقول ذلك لإن هذه المكتبات تجاوزت طور الرفاهية ودخلت فى إطار الضرورة، ومع ذلك نعترف بأن الشارع فى السنوات القليلة الماضية اختلف عن ذى قبل وأصبح أكثر حدة وأكثر عملية بينما العلاقات الإنسانية صارت أقل حميمية وعلينا أن نتنبه لذلك عن طريق التواصل المعرفى المهم ونتمنى أن يستجيب وزير الثقافة ويجعل من الأمر «مشروعا قوميا» للوزارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة