انشقت القلوب حزنا وبكاء على أبطالنا الشهداء الذين راحوا ضحية عملية إرهابية جبانة فى شمال سيناء أول أمس الجمعة.
وكان لأهل بلدى «طوخ» بمحافظة القليوبية نصيب وافر من هذا الحزن والألم والبكاء بحرقة، على ابنها الملازم أول الشهيد خالد المغربى أحد أبطال قافلة الـ 26 الذين استشهدوا وأصيبوا فى العملية التى دارت ضد العشرات من العناصر التكفيرية الذين يحملون أعلام داعش، ولمدة خمس ساعات كاملة من فجر أول أمس الجمعة وحتى الساعة التاسعة صباحا، كان أبطالنا ومنهم خالد يقاتلون عدوا يزعم أفراده أنهم يسبحون بحمد الله، والحقيقة أن الله برىء منهم، بل يدعونا إلى إبادتهم من على وجه الأرض.
بكى ابنى زياد بحرقة صديق عمره الشهيد خالد، وبسبب هذه الصداقة عرفت خالد الذى حضر إلى بيتنا فى زيارات خاطفة مرات قليلة، لكنه كان دائم الحضور بدوام الحكايات عنه وعن وجوده فى سيناء كمقاتل ضمن سلاح الصاعقة المصرية، وهو السلاح الذى يعد مفخرة الجيش المصرى بأبطاله النادرين الذين أذاقوا إسرائيل الذل فى حروب مصر ضدها، وهل يمكن أن يطوى الزمن سيرة الشهيد البطل النادر العقيد إبراهيم الرفاعى ابن هذا السلاح وقائد «المجموعة 39 قتال» التى نفذت عشرات العمليات ضد إسرائيل فى حرب الاستنزاف بعد نكسة 5 يونيو 1967؟.
ألا ننحنى أمام كل اسم من أبطال هذا السلاح، وكل أسلحة جيشنا العظيم كلما حلت سيرتهم فى بطولات نفذوها دفاعا عن الأرض؟.
من سلالة الرفاعى كان الشهيد العقيد أحمد المنسى قائد كتيبة 103 صاعقة الذى استشهد فى معركة أول أمس، وسمعت عنه حكايات نادرة حول تكوينه الشخصى والعسكرى والإنسانى والثقافى، ومن سلالة الرفاعى أيضا كان الملازم أول خالد مغربى الذى عرفته مباشرة، وفى سيرته أنه ابن 24 عاما وخريج للكلية الحربية عام 2013 سلاح الصاعقة بعد أن كتبها أولى رغباته، وتزوج منذ أربعة شهور فقط، وكرر طلبه لى عبر ابنى زياد بالبحث عن عمل لزوجته خريجة الإعلام بتفوق لأنها تستحق، وحتى تكون أيضا عونا له فى مواجهة أعباء الحياة، وعلى المستوى الشخصى لا يذكره أحد من أبناء مدينة طوخ إلا بكل خير، ولهذا كانت جنازته مهيبة بالآلاف الذين شاركوا فيها، وذرفوا الدموع عليه وهم يزفونه إلى الجنة مع الصديقين والنبيين والشهداء.
فى سيرة البطل خالد مغربى أنه كان عاشقا لعمله بلا حدود، وعاش رغم عمره القصير على إيمان قاطع بأن «جنديته» هى من أجل الدفاع عن الأرض والعرض، وأن الدماء التى تسيل فى سبيل ذلك ما هى إلا ضريبة طبيعية للإبقاء على هذه الأرض حرة أبية وأنه لابد من إبادة كل من يدنسها، وكانت سيناء بالنسبة له هى المكان النموذجى الذى يحتاج إلى التضحيات فى هذه المرحلة الصعبة التى تجتازها مصر، حيث يتحالف شياطين الإرهاب ضدها بوهم أنهم يستطيعون إسقاطها، ولأنه كان مخلصا لمقاصد وأهداف جنديته، فإنه رفض أن يترك قائده وحده وينتقل إلى الإسكندرية منذ خمسة أيام، وكأنه كان يهيئ نفسه للحظة التى تصعد فيها روحه مع قائده إلى الجنة.
رحم الله خالد وكل شهيد تسيل دماؤه على تراب مصر من أجل الحفاظ عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة