عبد الفتاح عبد المنعم

انهيار الشيوعية.. بوابة أمريكا للسيطرة على العالم

الأحد، 09 يوليو 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شكّل انهيار الشيوعية فى شرق أوروبا حدثًا تاريخيًا، وتجلت خطورة وعظمة الحدث فى أن أحدًا لم يستطع التنبؤ بوقوعه، فضلًا عن أنه تم دون مظاهر عنف داخلى أو خارجى ومن تلقاء نفسه، وشكّل هذا الانهيار اختفاء أحد قطبى الحرب الباردة، فحدث تغير فى ترتيبات القوى الدبلوماسية والاستراتيجية فى العالم، ليصل إلى بنية العلاقات الدولية، ليسفر عن توزيع جديد للمسؤوليات الدولية، أفصحت بوجهها من خلال أزمة وحرب الخليج 1990 - 1991، فطريقة تعامل الأمم المتحدة مع الأزمة أرسل إشارة إلى ما يمكن أن يكون عليه النظام الدولى الجديد، وكذلك الحرب العراقية، وصار العالم يتجه وبخطوات متسارعة نحو التشكل من جديد، وبوجه يحمل قطبية واحدة تتجاوز بما لها من قوة عسكرية واقتصادية كل الحواجز والقوانين والأعراف، وأصبحت تجعل هذا الوجه بالنشاط فى مجال حقوق الإنسان، والتدخل فى الشؤون الإنسانية، ومن خلال منظمات المجتمع المدنى، التى تحمل فى أضابيرها ما تحمل.
 
وعكست سلسلة الأبحاث التى تحدثت عن النظام الأحادى القطبية، وشارك فى صياغتها العديد من الكتاب والمفكرين والساسة، الطريق الذى تسير فيه الولايات المتحدة الأمريكية، واعتمدت هذه الأبحاث على بحوث ودراسات لكبار المفكرين، مثل هانز مورجانثيو فى كتابه «المقدمة فى العلاقات الدولية»، الذى عرّف العلاقات الدولية بأنها «علم يهتم بدراسة طبيعة وإدارة التأثير على العلاقات بين الأفراد والجماعات العاملة فى ميدان تنافسى خاص، ضمن إطار من الفوضى، وتهتم بطبيعة التفاعلات بينهم، وكذلك العوامل المتغيرة المؤثرة فى هذه التفاعل»، وعرّف ماكيلاند فى كتابه «ما هى العلاقات الدولية» العلاقات الدولية بأنها «دراسة التفاعلات بين أنواع معينة من الكيانات الاجتماعية، بما فى ذلك دراسة الظروف المحيطة بالتفاعلات»، وكذلك بحث المفكر جورج كانان فى كتاب «العلاقات الدولية بين السلم والحرب».. تلك الأبحاث أكدت أنه عندما تشكّل النظام الأحادى القطبية تغيرت السياسات العالمية، وأصبح لها مساران، هما:
أولاً: السير عمليًا فى تشكيل السياسة الدولية على أساس مسارات ثقافية وحضارية، ويتضح ذلك من خلال كتاب «صراع الحضارات وإعادة بناء النظام العالمى».
 
ثانيًا: تدور السياسة العالمية حول القوة والصراع من أجلها، وتتغير العلاقات الدولية اليوم على أساس هذا البعد الحاسم، ففى مرحلة الحرب الباردة كانت بنية القوة العالمية ذات قطبين، أما بنية النظام الأحادى فهى مختلفة المنشأ.
 
توجد الآن قوة عظمى واحدة فقط، لكن ذلك لا يعنى أن العالم العالمى أحادى القطبية، توجد فيه قوة عظمى واحدة دون أن تكون إلى جانبها قوى رئيسية أخرى متميزة، وعدة قوى صغرى، ونتيجة لذلك يكون بإمكان القوى العظمى أن تصل بفاعلية المسائل العالمية المهمة بمفردها، ولا يملك أى تكتل من دول أخرى القوة لمنعها من عمل ذلك، بل إن النظام الأحادى تطلب تسوية المسائل العالمية الأساسية، والعمل من قبل القوة العظمى الوحيدة، ولكن دائمًا بالتعاون والمشاركة مع دول رئيسية أخرى، بيد أن الدولة المتقدمة فى مختلف الميادين، الاقتصادية  والعسكرية والدبلوماسية»، وأيديولوجيًا وثقافيًا وواقعيًا وتكنولوجيًا هى الولايات المتحدة الأمريكية، وهى قائدة النظام الأحادى القطبية، وتمتلك إمكانية الوصول والقدرة على تعزيز وتوسيع مصالحها فى كل أنحاء العالم وفى مستوى ثانْ هناك قوة متفوقة فى مناطق العالم دون أن يكون فى مقدورها توسيع مصالحها وقدراتها على نطاق عالمى مثل الولايات المتحدة، وتضم هذه القوة النفوذ المشترك لفرنسا وألمانيا فى أوروبا والصين، ومن المحتمل اليابان فى شرق آسيا، وروسيا فى أوراسيا، والهند فى آسيا الجنوبية، وإيران فى جنوب غرب آسيا، والبرازيل فى أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا ونيجريا فى أفريقيا.
 
نظرًا لافتقار النظام الأحادى القطبية لقوى رئيسية تتحدى القوة العظمى المهيمنة، فإن هذه تكون عادة قادرة على إبقاء سيطرتها على الدول الصغيرة لمدة طويلة إلى أن تضعف، نتيجة عوامل تآكل داخلية، أو بواسطة قوى من خارج النظام، الأمران اللذان حدثا بالنسبة لروما فى القرن الخامس، والصين فى القرن التاسع عشر، وبذلت القوة العظمى جهوداً كبيرة لإقامة نظام أحادى القطبية، بينما بذلت القوى الأخرى جهودًا لتوطيد مواقعها وتوسيع مصالحها التى تتضارب فى أحيان كثيرة مع مصالح الولايات المتحدة، ولهذا انفصلت السياسة العالمة من النظام الثنائى القطبية «الحرب الباردة» عبر محطة أحادية القطبية «تجلت فى حرب الخليج» وهى تجتاز حاليًا فترة عقد أو عقدين يبقى فيها النظام «أحادى- متعدد القطبية»، وبهذا أصبحت الولايات المتحدة القوة العالمية الأولى المتحكمة والمهيمنة، وأصبح الرسميون الأمريكيون يتصرفون بشكل طبيعى تمامًا كما لو كان العالم أحادى القطبية، وهم يتحدثون من خلال القوة الأمريكية والفضائل الأمريكية باعتبار الولايات المتحدة هى المهيمن، وأصبحت السياسة الخارجية الأمريكية إلى حد كبير من خلال هذه المعتقدات، وأصبحت أمريكا توالى الضغط على البلدان الأخرى لتتبنى وتطبق القيم والإجراءات الأمريكية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية.
غدًا نواصل كشف المستور فى الملف الأمريكى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة