علاقات وثيقة ترجمتها استثمارات ضخمة ، بهذه المعادلة تسير الصين فى التقارب اللافت القائم على التفاهم مع دول الشرق الأوسط والدول العربية وفى مقدمتهم مصر، حيث ارتفع حجم الاستثمارات الصينية بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، وخاصة مع بدأ مبادرة الحزام والطريق وتعزيز الترابط مع دول منطقة الشرق الأوسط.
وأشار تقرير أصدرته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات "ضمان" مؤخرا إلى أن الصين تجاوزت الولايات المتحدة، لتصبح أكبر مصدر للاستثمار فى الدول العربية.
وذكر التقرير أن حجم الاستثمارات الصينية المباشرة فى الدول العربية شكل 31.9% من إجمالى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التى جذبتها الدول العربية، وبقيمة بلغت 29.5 مليار دولار أمريكى.
وأكدت التقارير، حسب ما نشرت وكالات الأنباء الصينية، أن حجم التبادل التجارى بين مصر والصين خلال العام الماضى بلغ حوالى 11 مليار دولار، وإنه يميل بشكل كبير لصالح الجانب الصينى. وأن الصين تعد أكبر شريك تجارى لمصر، وإن مصر تأتى فى المركز الثالث كأكبر شريك تجارى للصين فى القارة الأفريقية.
استثمارات الصين فى الخارج تشهد نموا فى إطار "الحزام والطريق"
وأظهرت أرقام رسمية صادرة عن وزارة التجارة الصينية أنه خلال عام 2016، قام مستثمرون صينيون فى الداخل بالاستثمار المباشر غير المالى فى 7961 مؤسسة خارجية فى 164 دولة ومنطقة، ليصل حجم الاستثمارات الصينية بالخارج إلى 170.11 مليار دولار أمريكى بزيادة نسبة 44.1% على أساس سنوى، وحققت الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية فى الخارج نموا مطردا على مدى عشرة أعوام متتالية.
كما أكد متحدث باسم الوزارة قاو فنج مؤخرا أنه خلال الأعوام الخمسة المقبلة، سوف تستورد الصين سلعا بقيمة 8 تريليونات دولار أمريكى وتستثمر ما يصل إلى 750 مليار دولار أمريكى، بما فى ذلك استيراد سلع بقيمة تريليونى دولار من الدول الواقعة على طول الحزام والطريق واستثمار150 مليار دولار فيها.
وتوقعت شركة (ماكينزى أند كومباني) الاستشارية بأنه على مدى الأعوام العشرة المقبلة، ستزيد مبادرة الحزام والطريق من حجم التجارة العالمية بحوالى 2.5 تريليون دولار، لتضخ بذلك الحيوية والأمل فى العولمة الاقتصادية. علاوة على ذلك، ستدفع المبادرة والطريق قدما مفاوضات الصين مع الدول الواقعة على طول المبادرة بشأن إقامة مناطق تجارة حرة وإبرام اتفاقيات استثمار مع التأكيد على مواءمة وربط المبادرة الصينية مع الاستراتيجيات التنموية والمؤسسات التعاونية القائمة فى الدول، بغية نقل عملية المفاوضات بشأن اتفاقيات الاستثمار إلى مستوى عالمى، كى توفر قوة دافعة للعولمة.
فى الواقع، باتت الصين محركا رئيسيا لنمو الاقتصاد العالمى بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية، وأن مساهماتها فى دفع نمو الاقتصاد العالمى بلغت ضعف إسهامات الولايات المتحدة فى نمو الاقتصاد العالمى.
وقال وانج يى وى، الأستاذ فى جامعة الشعب الصينية، إن الصين تدعو إلى إقامة ترابط وتواصل بين الدول بغرض اغتنام فرصة بناء مبادرة الحزام والطريق للارتقاء بمستوى التجارة والتعاون الاستثمارى، ومن أجل تعزيز التنسيق فيما يخص قدرة الإنتاج الدولية وتصنيع المعدات، حيث يكمن جوهر ذلك فى المساعدة على خلق طلبات جديدة من خلال تقديم عرض فعال لتحقيق إعادة توازن للاقتصاد العالمى، خصوصا فى ظل الانكماش المتواصل الذى يشهده الاقتصاد العالمى فى الوقت الراهن، كما أن دفع عملية التصنيع والتحديث ورفع مستوى البنية التحتية فى بعض الدول بات ضرورة ملحة، ويفيد بشكل مباشر فى تحقيق استقرار للوضع الاقتصادى العالمى.
وأشار الخبير إلى أن مبادرة الحزام والطريق لا تتمحور فقط حول طريق الحرير القديم، وإنما هى أكبر منصة تعاون فى العالم تهدف إلى تحويل الخلاف إلى تعاون والتنافس إلى تكامل، مضيفا أن من الأعمال المهمة التى ستركز عليها المبادرة فى المستقبل هو إيجاد "شىء يقينى" فى عالم تسوده حالة من عدم اليقين، وكذلك خلق عولمة حقيقية جديدة تصحح مفهوم العولمة المشوهة التى نشأت فى ظل النظام العالمى الغربى.
التكامل بين الصين والدول العربية ميزة خاصة
إن الصين والدول العربية شريكان مهمان فى التعاون التجارى والاقتصادى، وأظهرت إحصائيات صادرة عن وزارة التجارة الصينية أن الصين حاليا هى ثانى أكبر شريك تجارى للدول العربية، بينما تعد الأخيرة مصدر نفط للصين وثامن أكبر شريك تجارى وسوق مهمة لمشاريع المقاولات والاستثمارات الخارجية.
وفى عام 2016، بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية 171.14 مليار دولار أمريكى كما بلغ حجم عقود المقاولات الجديدة، التى وقعها الجانبان خلال العام الماضى 40.37 مليار دولار بزيادة قدرها 40.8% على أساس سنوي.
وذكرت وزارة التجارة الصينية أنه من المتوقع أن تحقق الصين والدول العربية نموا متزايدا فى المستقبل فيما يتعلق بالتعاون فى ثلاثة مجالات، أولا: تعزيز المشاورات التجارية والاقتصادية بهدف تحسين آلية التعاون، من بينها التخطيط لعدد من المشروعات الكبرى مثل دفع مشروع بناء منطقة تجارة حرة بين الصين والخليج، ثانيا: توثيق التعاون فى مجال الاستثمارات لتعزيز نمو الصناعات، كما ستواصل الصين تشجيع الشركات الصينية على الاستثمار فى الدول العربية لتقوية التعاون الاستثمارى فى مجالات كالطاقة والمعادن والموارد والصناعات البتروكيمائية وغيرها ، وإقامة منشآت للجمع بين الصناعات الصينية والعربية بهدف دفع التعاون فى النقل والكهرباء والاتصالات والمعادن غير الحديدية ومواد البناء وغيرها من المجالات، ثالثا: تعميق التعاون التنموى وتبادل الخبرات فى تحقيق النمو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة