قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن يحصل على إجازة لمدة 17 يوما، وبغض النظر عن كون ذلك يخالف موقفه السابق من إجازات الرئيس باراك أوباما، لأن ترامب كان ضد أن يحصل الرئيس الأمريكى على راحة أبدا، فالمشكلات كثيرة وعليه أن ينشغل بها، لكن الأخطر فى الموضوع هو أين سيقضى ترامب إجازته؟
اختار الرئيس الأمريكى الذهاب إلى نادى الجولف الخاص به بولاية نيوجيرسى، بعيدًا عن العاصمة، وبالطبع اختلف المراقبون السياسيون فى مسألة الإجازة، فبينما رأى بعضهم أنها حقه، رأى الآخرون غير ذلك، فالرئيس الأكثر جدلا لأمريكا تحيط به المشكلات والتحقيقات من كل ناحية، وها هو يترك كل ذلك للبحث عن الراحة والمتعة.
هذا ليس أمرا غريبا، فالرؤساء الأمريكيون السابقون كانوا يحصلون على إجازاتهم، وجميعنا كنا نعرف وننتظر إجازة أوباما التى كان يحصل عليها فى شهر أغسطس من كل عام لكن الأمر كان مختلفا فى شىء أراه جوهريا.
هذا الشىء الجوهرى هو غياب «الكتاب»، فقد كان البيت الأبيض فى زمن أوباما يعلن عن قائمة الكتب التى كان سيقرأها الرئيس خلال إجازته التى سرعان ما كانت تتحول بسبب وضعها فى قائمة الرئاسة إلى الكتب الأكثر تداولا والأكثر مبيعا.
لكن ترامب سيقضى إجازته وسط نادى الجولف فلن يرى سوى مساحات واقعية من الأرض الخضراء رآها من قبل آلاف المرات، وسترافقه الوجوه نفسها التى رافقته من قبل كثيرًا، لذا سيعود كما ذهب دون أى اختلاف ودون أفكار جديدة، وبناء عليه فإن مشكلاته لن تنتهى بسهولة، لأنه لم يكتسب شيئا جديدا ولم يقرأ كتابا واحدا خلال الإجازة ولم يعرف كيف يفكر الآخرون، كل ذلك سينعكس على طريقة إدارته لشؤون الأمريكيين فلن نجد إبداعا أو قدرة على إيجاد الحلول المختلفة فى مواجهة المشكلات.
منذ ترشحه للرئاسة كنت، وما أزال مصرا على أن مشكلات ترامب الرئيسية أنه لا يقرأ ولا يؤمن بقيمة الكتاب والأفكار الجديدة، وبالتالى لا يعرف سوى نفسه فقط، وبالتالى سوف يظل إلى نهاية حكمه يسقط فى أخطاء فادحة، ويستعدى كل يوم أعداء جدد، لأنه لم يعرف اختصار العالم من خلال الكتب.
خسارة أخرى صاحبت ترامب فى إجازته هى أنه جعلها شأنا خاصا، وليس عاما كما كان يفعل سلفه، فقائمة الكتاب التى كانت تنشر كان الناس يظلون يتحدثون عنها ويقدم المختصون عروضا لها، وربما يتحدث أصحابها عما تحتويه من أفكار وتقدم انتعاشة ضرورية لسوق الكتب، المهم أن هذه القائمة كانت تحدث جدلا لصالح الرئيس الذى يظهر بهيئة المثقف والمهتم، كما تحُدث جدلا كبيرا حول الروايات والكتب الفلسفية والفكرية، وهو جانب مهم عجز ترامب على صناعته، فاستعدى الكتاب والمؤلفين وأصحاب دور النشر أو على الأقل لم يكسب تأييدهم.
يملك الرئيس الأمريكى رقم 45 الطرق المناسبة للانعزال عن الجميع، فمن قوانين الهجرة إلى الانحياز لإسرائيل إلى غياب قائمة الكتب إلى استعداء الفنانين والمثقفين، كلها أسباب لا تحمل خيرا فى مسيرة ترامب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة