هناك فرق بين العالمين الحقيقى والافتراضى. فالأصدقاء على «فيس بوك» ليسوا هم الأصدقاء فى الواقع، والمؤيدون فى العالم الافتراضى غيرهم فى العالم الطبيعى، وحتى المشاعر نفسها صناعية، ما لم ترافقها مواقف مباشرة من لحم ودم، وما لم يدرك المستخدمون هذا الفرق، سوف يكون من الصعب عليهم التعايش مع هذا الواقع، ويتعرض بعضهم لصدمات افتراضية تهز من قناعاتهم.
ومن يسعى للحصول على مؤيدين و«لايكات» على مواقع التواصل، يفترض عليه أن يتحمل عكس ذلك، ويتحمل الخلاف والاختلاف مع ما يطرحه، ويعلم أيضا أن هناك منافسة كبرى لاحتلال بؤر الضوء فى العالم الافتراضى، وهى بؤرة مؤقتة وليست دائمة وليس بالضرورة أن كل ما يتصدر الاهتمام هو الأكثر أهمية.
ويمكن لشاب بلا أى سوابق فنية أو تمثيلية أن يصبح محور اهتمام ولايكات و«شيير»، لمجرد أنه نجح فى إنتاج فيدو ساخر أو قام بحركة لافتة أو أغنية مثيرة ذات كلمات غريبة، ويمكن تذكر قصص الكومبارس الميتة، أو الراقص على الحبل، أو أفضل صورة سيلفى لمواطن مع جمل، أو قطة تعض كلب، أو راقصة تغنى ونملة تجرى فى الطريق، وحوادث غريبة.
ويمكن أن تحظى أغنية بملايين المشاهدات، بالرغم من أنها بلا معنى، بينما تواجه أغنية أخرى فشلا، بالرغم مما أنفق عليها، وحتى التفاهة تجد لها سوقا فى عالم ينتظر الغريب، ومن حيث يريد بعض الجمهور أن يسخر من اغنية أو رقصة يتحول صاحبها إلى نجم.
آخر مثال أغنية «ركبنى المرجيحة» وهى كليب كان أصحابه يهدفون لعمل غنائى استعراضى، لكنه ظهر بشكل فكاهى، لأن صوت الفتاة المغنية غريب، والبطل يتلقى صفعة على قفاه من حماتة، المهم أن رغبة البعض فى السخرية من الكليب، حوله إلى «تريند» لعدة أيام، ووجدت فتاة الكليب نفسها نجمة تظهر فى البرامج وتتحدث عن تاريخها الفنى وقدراتها.
ثم بدأت تعلن آراء عن تصوراتها للفن، وحصلت بالفعل على بعض الأضواء الافتراضية والفضائية، الأمر الذى يمكن أن يجعل منها «كاركتر» فنى خلال الأيام المقبلة أو تختفى بعد أن أصبحت نجمة افتراضية لعدة أيام. وبمفهوم الشهرة فقد نجحت الفتاة وحصلت على بعض الشهرة.
وتصل المنافسة حتى إلى عالم الفكاهة، والسخرية والنكتة، ليس من باب خفة الدم ولكن من ثقل الدم، وأصبحت هناك منافسة بين الأثقل دما، وظهرت نوعيات تتنافس فى إطلاق النكات السخيفة وثقيلة الظل، ووجدت لنفسها مكانا على شبكات التواصل والفضائيات، حيث إن من يصاب بالملل من تكرار النكت القديمة يمكن أن يبحث عن أحد ثقلاء الظل الكوميديين ليحصل منه على ضحك من نوع جديد.
وخير مثال الخليل كوميدى الذى حفر لنفسه مساحة بين المتابعين، من خلال التكرار الممل لنكت قديمة أو معروفة بأنها بايخة، وأصبح نجما فى عالم «ثقل الدم الكوميدى»، ويتم تسويقه وتقديمه فى أعمال درامية وفقرات افتراضية، وهو أمر لا يخلو من جهد يبذله أصحابه ليحتلوا مساحة من الشهرة والاهتمام، لكن الأزمة أن ينتقل هذا الشعور لدى بعض رواد السياسة ليبحثوا عن شهرة على طريقة الخليل، فيتحولوا إلى مجرد «إفيه»، وهناك أمثلة كثيرة لهؤلاء، وهى قضية أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة