دليلك الفقهى فى أكل لحم الحيوان والزواحف.. الكلب والثعلب والأفعى فيهم خلاف.. لماذا أحل الفقهاء لحم الخيل والحمر المتوحشة وحرموا الحمير الأهلية؟.. مالك يكره الحصان.. والإجماع يعتمد على الأحاديث فقط

السبت، 12 أغسطس 2017 05:56 م
دليلك الفقهى فى أكل لحم الحيوان والزواحف.. الكلب والثعلب والأفعى فيهم خلاف.. لماذا أحل الفقهاء لحم الخيل والحمر المتوحشة وحرموا الحمير الأهلية؟.. مالك يكره الحصان.. والإجماع يعتمد على الأحاديث فقط دار الإفتاء المصرية
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة ذبح الحمير وبيع لحومها للمواطنين، ودائما ما يثار الجدل حول الضرر الذى يصيب الإنسان جراء ذلك على مستوى الصحة، لكن السؤال الأهم والأكثر ترديدا كان حول مدى الحرام والحلال فيه.

لذا سوف نتوقف بتفصيل أمام الحلال والحرام من خلال الفقه فيما يتعلق بلحوم الحمير والخيل، ثم نرصد الآراء الفقهية فى بعض الحيوانات والحشرات المختلف حولها.

الخيل والحمير

جزء من الارتباك الفقهى صنعته دار الإفتاء المصرية التى خرجت علينا بفتوى التحريم، وأكدت فيها أنها اعتمدت ذلك عبر عقود مختلفة، بدءًا مِن الدكتور محمد سيد طنطاوى فتوى رقم 180، وفتوى رقم 389 لسنة 1992م، مرورا بالدكتور أحمد الطيب فتوى رقم 202 لسنة 2002م، وانتهاءً بالدكتور شوقى علَّام فى الرد على خطاب الهيئة العامة للخدمات البيطرية الصادر بتاريخ 16/ 1/ 2014م.

لكن البعض أكد أن التحريم لم يكن أصل فتوى دار الإفتاء المصرية، ففى فتوى قديمة نشرتها الدار على موقعها الإلكترونى، قالت فيها إن أكل لحم الحمير جائز مع الكراهة، وذلك حسب قول من قولين عند المالكية ثانيهما يؤكد عدم جوازه، مع حرمته فى باقى المذاهب.

أصل الحكاية

لا يوجد نص قرآنى يحرم لحم الحمير، والآيات التى جاءت فى الحيوانات هى من قبيل قول الله تعالى فى سورة غافر "اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ"، وقال تعالى فى سورة (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ"، وفى سورة النحل (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ".

 

الحمير لا.. الحصان آه

ورغم أن الآيات ربطت دائما بين الحمير والخيل، إلا أن العلماء لهم رأى مختلف فى الحالتين، وذلك أنهم يذهبون إلى أن لحوم الحمر الأهليّة لا يجوز للمسلم أن يأكلها، بينما لحم الحصان يباح أكله، ولا حرج فى ذلك، وهذا هو ما ذهب إليه الجمهور.

الحديث فقط.. دليل التحريم

فى الصّحيحين وغيرهما من حديث أسماء قالت "نحرنا على عهد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فرساً فأكلناه".

قوله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهليّة، ‏فإنّها رجس من عمل الشّيطان "، رواه البخارى ومسلم..

 وقد أمر - صلّى الله عليه وسلّم - بإكفاء ‏القدور بقوله:" أكفئوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئاً "، رواه البخارى ومسلم.

روى البخارى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: نَهَى النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ.

قال الإمام النووى "مال إلى ‏تحريم الحمر الأهليّة أكثر العلماء من الصّحب فمن بعدهم، ولم نجد عن أحد من الصحابة ‏فيه خلافاً إلا عن ابن عباس، وعند المالكية ثلاث روايات، ثالثها الكراهة".

هذا بخلاف الحمر الوحشيّة، لأنّه من المباح أكل لحمها.‏

ويذهب الشارحون لعلة التحريم إلى أن السبب فى ذلك أن الحمير تستعمل فى السوق وتنقل البضائع، على عكس الجمل فأنه يستعمل لسفر لكنه من الجدير ذكره هو أن يجوز أكل لحم الحمير فى الحالات القصوى التى تحدث لشخص أو الجماعات مثل الجفاف والجوع وقطع السبيل فيجوز أكله لإيقات النفس وعدم الهلاك.

يجوز أكل الحمار الوحشى. . ويحرم أكل الحمار الأهلى

أما إباحة الأول فدليله ما رواه البخارى ومسلم عن أَبى قَتَادَةَ رضى الله عنه أنه صاد حماراً وحشياً وأتى بقطعة منه للنبى صلى الله عليه وسلم فأكل منه، وقال لأصحابه صلى الله عليه وسلم (هو حلال فكلوه).

وأما الحمر الأهلية، فكانت مباحة فى أول الأمر، ثم حرمها النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر.

لحم الخيل

فأكل لحم الخيل مسألة خلافية الأقوال فيه ثلاثة، فقيل يكره أكله وقيل يحرم وقيل يباح، أما الحمر الأهلية فالجمهور على تحريمها وعدم أكلها وللمالكية روايتان كما أن جمهور أهل العلم حرموا أكل الحمر الأهلية خلافا للمالكية، حيث إن عندهم قولا بالجواز مع الكراهة.

الأزهر

أما رأى الأزهر التفصيلى فى الأمر فهو "يحل أكل لحم الخيل مع الكراهة التنزيهية عند الإمام أبى حنيفة فى ظاهر الرواية، وهو الراجح عند الحنفية. ‏

وقال الصاحبان أبو يوسف ومحمد بإباحة لحم الخيل، وكذلك قال الشافعية والحنابلة ورواية عن المالكية، كما قال بعض المالكية بالكراهة وبعضهم بالحرمة.‏

ابن عباس والإمام مالك..آراء مغايرة

روى عن ابن عباس إباحة لحم الحمير، كما أن الإمام مالك ذهب إلى حرمة لحوم الخيل، وقد استدلّ بأنّ الله تعالى ذكره الخيل، وبيّن أنّها قد أعدّت للركوب والزّينة، ولم يذكر الأكل.

وممن رويت عنه كراهة لحوم الخيل الأوزاعى، وأبو عبيد وخالد بن الوليد وابن عباس.

 بينما مذهب الشافعى وأحمد بن حنبل، جواز أكل الخيل، وبه قال أكثر أهل العلم‏، وممن قال به عبد الله بن الزبير، وفضالة بن عبيد، وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبى بكر، وسويد بن غفلة، وعلقمة، والأسود، وعطاء، وشريح، وسعيد بن جبير، والحسن البصرى، وإبراهيم النخعي، وحماد بن أبى سليمان، وإسحاق وأبو يوسف، ومحمد، وداود، وغيرهم‏.‏

 

المعركة لها تأويلات

من ذهب إلى منع أكل لحم الخيل احتج بالآيات "‏وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"،‏ فهى للركوب لا للأكل، كذلك استشهدوا بحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود، والنسائى وابن ماجه، عن خالد بن الوليد رضى الله عنه قال‏:‏ ‏"‏نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لُحُوم الخيل والبغال والحَمِير‏"‏‏.‏

ورد الجمهور بأن الاستدلال بالآية الكريمة‏،‏ بأن آية النحل نزلت فى مكة اتفاقًا، والإذن فى أكل الخيل يوم خيبر كان بعد الهجرة من مكة بأكثر من ست سنين، فلو فهم النَّبى صلى الله عليه وسلم المنع من الآية لما أذن فى الأكل، وأيضًا آية النحل ليست صريحة فى منع أكل الخيل، بل فهم من التعليل، وحديث جابر، وحديث أسماء بنت أبى بكر المتفق عليهما‏.‏ كلاهما صريح فى جواز أكل الخيل‏.

‏أما حديث خالد بن الوليد فقد ضعفه علماء الحديث‏،‏ فقد قال ابن حجر فى ‏(‏فتح الباري‏)‏ فى باب ‏"‏لحوم الخيل‏"‏ ما نصه‏:‏ ‏"‏وقد ضعف حديث خالد أحمد والبخارى وموسى بن هارون، والدارقطني، والخطابي، وابن عبد البر، وعبد الحق، وآخرون‏.‏

الحيوانات الأخرى

فى عام 2004 قال الشيخ عبد الحميد الأطرش، الذى كان يشغل رئيس لجنة الفتوى فى ذلك الوقت فى تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط "إن من الحلال على المسلم أكل القردة والذباب والجرذان ولحم الفيلة والقطط والكلاب والفراشات والهوام الصغيرة التى تصعب رؤيتها إلا بعد التحديق بها وهى تعرش أو تطير، وكله لا يحرّمه الإسلام طالما اشتهته النفس، إلا ما نصت عليه آيات فى التشريع والحدود واردة فى القرآن الكريم واستهدفت حيوانات معينة، وأهمها توضيحا وحسما هى الآية 145 من سورة الأنعام «قل لا أجد فى ما أوحى إلى محرّما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير، فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم".

لحم الكلب

ومن ذلك الكلب‏:‏ فإن أكله حرام عند عامة العلماء، وعن مالك قول ضعيف جدًا بالكراهة‏.‏

ولتحريمه أدلة كثيرة،‏ منها‏:‏ ما تقدم فى ذى الناب من السباع‏.‏ لأن الكلب سبع ذو ناب، ومنها أنه لو جاز أكله لجاز بيعه، وقد ثبت النهى عن ثمنه فى الصحيحين من حديث أبى مسعود الأنصاري، مقرونًا بحلوان الكاهن، ومهر البغي، وأخرجه البخارى من حديث أبى جحيفة، وأخرجه مسلم من حديث رافع بن خديج، رضى الله عنه، بلفظ ‏"‏ثمن الكلب خبيث‏"‏ الحديث‏.‏

لحم القرد

لا يجوز أكله، قال القرطبى فى تفسيره‏:‏ قال أبو عمر يعنى ابن عبد البر‏:‏ أجمع المسلمون على أنه لا يجوز أكل القرد لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكله، ولا يجوز بيعه لأنه لا منفعة فيه‏.‏

قال‏:‏ وما علمت أحدًا رخص فى أكله إلا ما ذكره عبد الرزاق عن معمر عن أيوب سئل مجاهد عن أكل القرد فقال‏:‏ ليس من بهيمة الأنعام‏.‏ قلت‏:‏ ذكر ابن المنذر أنه قال‏:‏ روينا عن عطاء أنه سئل عن القرد يقتل فى الحرم‏.‏ قال‏:‏ يحكم به ذوا عدل‏.‏ قال‏:‏ فعلى مذهب عطاء يجوز أكل لحمه لأن الجزاء لا يجب على من قتل غير الصيد.

وقال الشافعي‏:‏ يجوز بيع القرد لأنه يعلم وينتفع به لحفظ المتاع‏.‏

لحم الثعلب

فى أكثر الروايات عن أحمد تحريمه‏،‏ وهذا قول أبى هريرة ومالك وأبى حنيفة لأنه سبع، فيدخل فى عموم النهي، ونقل عن أحمد إباحته، واختاره الشريف أبو جعفر، ورخص فيه عطاء وطاوس وقتادة والليث، وسفيان بن عيينة والشافعي، لأنه يفدى فى الإحرام.

وحكى النووي‏:‏ اتفاق الشافعية على إباحة الثعلب‏.

لحم الدب

وأما الدب‏:‏ فهو سبع ذو ناب عند مالك والشافعي، وأصحاب أبى حنيفة‏.‏ وقال أحمد‏:‏ إن كان الدب ذا ناب منع أكله، وإن لم يكن ذا ناب فلا بأس بأكله‏.‏

لحم الضبع

واختلف العلماء فى جواز أكل الضبع‏:‏ وهو عند مالك كالثعلب‏، فهو سبع فى رواية، وفى أخرى أنه مكروه، ولا قول فيه بالتحريم، قاله القرطبي، ورخص فى أكلها الشافعى وغيره، وقال البيهقى فى السنن الكبرى‏:‏ قال الشافعي‏:‏ وما يباع لحم الضباع بمكة إلا بين الصفا والمروة‏.‏

لحم القنفذ

ومن ذلك القنفذ‏:‏ فقد قال بعض العلماء بتحريمه، وهو مذهب الإمام أحمد، وأبى هريرة، وأجاز أكله الجمهور‏.‏ منهم مالك والشافعى والليث وأبو ثور وغيرهم‏.‏

واحتج من منعه بما رواه أبو داود والبيهقى عن أبى هريرة أنه قال‏:‏ ذكر القنفذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏هو خبيث من الخبائث‏"‏‏.‏

واحتج من أباحه ـ وهم الجمهور ـ بأن الحديث لم يثبت، ولا تحريم إلا بدليل‏.‏

حشرات الأرض

ومن ذلك حشرات الأرض، كالفأرة، والحيات، والأفاعي، والعقارب، والخنفساء والضفادع، والجرذان، والصراصير، والعناكب، ونحو ذلك‏.‏

فجمهور العلماء على تحريم أكل هذه الأشياء لأنها مستخبثة/، والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ‏}‏ ‏.‏

وممن قال بذلك الشافعى وأبو حنيفة، وأحمد وابن شهاب وعروة وغيرهم ـ رحمهم الله تعالى ـ‏.‏

ورخص فى أكل ذلك‏:‏ مالك، واشتراط فى جواز أكل الحيات أن يؤمن سمها‏.‏

ابن آوى وابن عرس.. وحكم لحمه

قال بعض العلماء‏ بتحريم أكلهما، وهو مذهب الإمام أحمد، وأبى حنيفة، قال فى ‏(‏المغني‏)‏‏:‏ سئل أحمد عن ابن آوى، وابن عرس‏.‏ فقال‏:‏ كل شيء ينهش بأنيابه من السباع، وبهذا قال أبو حنيفة، وأصحابه.

ومذهب الشافعى الفرق بينهما، فابن عرس حلال عند الشافعية بلا خلاف، لأنه ليس له ناب قوي، فهو كالضب، واختلف الشافعية فى ابن آوى‏.‏










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة