افتتحت وزارة الثقافة فى الآونة الأخيرة أكثر من معرض للكتاب، وذلك ضمن خطة للانتشار الثقافى، آخرها معرض يقام حاليا فى مدينة طنطا، وآخر فى الكنيسة المرقسية فى الإسكندرية، ومن قبلهما معرض فى المنوفية، ومحافظات ومدن مصرية أخرى، وللأمانة هذه أمور جيدة، فالفعاليات وتوفر الكتب شىء إيجابى يحسب للجميع.
وما لفت انتباهى فى افتتاح معرض الكنيسة المرقسية فى الإسكندرية هو الخطاب الذى تحدث به حلمى النمنم، وزير الثقافة، بحضور الدكتور هيثم الحاج على، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، وبحضور الأنبا بافلى، أسقف شباب الإسكندرية وكنائس قطاع المنتزه، والأنبا إيلاريون، أسقف كنائس قطاع غرب، والقمص رويس مرقص، وكيل عام البطريركية بالإسكندرية، والدكتور أنور مغيث، رئيس المركز القومى للترجمة، فهو خطاب يحتاج إلى وقفة متأنية.
كانت بداية الخطاب جيدة، حيث قال النمنم: «نحن الآن فى أول كنيسة مرقسية ومقر البابا، ورأينا ما حدث يوم 14 أغسطس 2013، كما نذكر كلمة البابا بأن وطنا بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، ونأتى إلى هنا لنؤكد وجود الثقافة فى كل مكان»، ومع ذلك هناك جزئية لم تعجبنى فى الخطاب، وذلك عندما تحدث النمنم عن الكنائس وكأنها جزر منعزلة، وأن موقفها الوطنى بمثابة تفضل منها على وطنها، حيث قال «إن التاريخ المصرى لم يسجل حالة واحدة طلبت فيها الكنيسة المصرية تدخلا أو حماية أجنبية»، فهذا هو الطبيعى، ولا يجوز أن نصدر لإخواننا المسيحيين أن ذلك أمر مختلف، وأنهم فعلوا شيئا غريبا، فالطبيعى ألا يطلب أحد حماية من غريب وهو داخل وطنه.
لكن وزير الثقافة يعود مرة أخرى لينصف نفسه والجميع فيقول: «إن الحل مع تصورات بعض الشباب حول الكنائس هو أن نأتى إلى هنا، ونقيم أنشطة ثقافية تجلب الناس ليروا ويعرفوا، ونمحى معرفتنا المحدودة بالكنيسة والمسيحية، وقد كان كبار الكتاب مثل العقاد يكتبون عن عبقرية المسيح، ولكن مثل هذا النوع من الكتاب لم يعد موجودا الآن، وما نفعله اليوم مجرد بداية تستتبعها خطوات أخرى».
لا أريد أن أتتبع الأخطاء وأترصد لها، لكن بما أننا دائما نفكر فى تجديد الخطاب الدينى والخطاب الثقافى، فعلينا أن نبدأ بأنفسنا وألا نعتبر الكنائس والمسيحيين طرفا مختلفا ننبهر بأمورهم العادية أو نقلل من ميزاتهم، فليس بهم شىء مختلف عن بقية المصريين، لا هم أفضل ولا هم أسوأ.
بالطبع وحتى أكون منصفا، أقر بأن حلمى النمنم لا يقصد تقليلا من أحد، لكن فى الوقت نفسه أناشده أن تغير وزارة الثقافة خطابها فى مواجهة الآخر، وألا تتبنى جملا وكلمات ثابتة حتى لو كانت جملا جيدة، لأنها محملة بمعان كان لها وقتها وظروفها.
ليكن تجديد الخطاب الثقافى نابعا من المؤسسات المسؤولة عن ذلك، حتى تتحول لبداية تقود الجميع لاتباعها بعد ذلك.