انتهى أمس معرض سوريا الدولى للكتاب وبهذه المناسبة نشر الكاتب عبده، فى جريدة الحياة اللندنية مقالة يهاجم فيها المعرض بعنوان "المعرض فى دمشق والأدب فى الخارج".
يقول "وازن" فى مقاله أى جدوى لمعرض دمشق للكتاب فى ظل نظام هجّر معظم الكتّاب السوريين المعارضين وغير المعارضين ونفاهم مثلما نفى ملايين المواطنين ورماهم على الشواطئ وفى المناطق الخالية والضواحي؟ هل من جدوى حقاً لمعرض فى بلاد لم يبق من الكتّاب الحقيقيين فيها سوى قلة وبعضهم يعيش فى حال من النفى الداخلى والصمت؟"
وتابع عبده وازن "يقام معرض الكتاب فى دمشق بينما الأدب السورى الراهن يُكتب فى المنفى بعيداً من البلاد الأم. وفى المنفى خلال السنوات الأربع الماضية نشأ أدب سورى حقيقي، جديد وفريد، شعراً ورواية ونقداً، ناهيك عن الحركة الفكرية التى رسخت قواعدها فى مدن العالم. ولكن لا يمكن تجاهل أدب آخر فريد أيضاً، يُكتب فى الداخل السوري. ومعظم ما يكتب أصلاً فى الخارج والداخل، تحت وطأة المأساة السورية المتمادية، يحمل معالم أدب طليعى وغير مألوف. إنها تراجيديا الشعب والأرض يرقى بها الأدب إلى مصاف الإبداع الجديد".
ويضيف: "زرت معرض دمشق للكتاب مرة قبل ست سنوات ووجدته كئيباً، كالحاً وخلواً من البهجة والحياة، وما إن جلت بين أجنحته القليلة التى نصبت كما أذكر تحت خيم فى إحدى ضواحى العاصمة، حتى غادرت وفى يدى كتابان أو ثلاثة. كيف يمكن معرضاً للكتاب تسيطر عليه "ديناصورات" الثقافة البعثية وتثقله إيديولوجياً وسياسياً و "تعبوياً"، أن يكون فسحة للحوار والحرية والفرح؟"
وتابع: "استعادت دمشق معرضها للكتاب الذى تصفه بـ "الدولي" مع أنه محلّى جداً وليس حتى عربياً، بعد طول انقطاع وبعد دورة كانت فقيرة وبائسة العام الماضي. غاية وزارة الثقافة البعثية من وراء المعرض، تجميل وجه المدينة وإزالة رماد المأساة وغبار المعارك العنيفة عنه، والزعم أن النشر السورى لا يزال على قيد الحياة وأن الدولة تشجع مواطنيها على القراءة وتوفر لهم مناخاً من الحرية... لكنّ المعرض، كما أفادت مقالات بعض الصحافيين والتقارير التى رفعت، لم ينجح فى جلب الزائرين أو القراء ولا فى تحقيق أرقام عالية فى المبيع ولا فى إحياء حال من الألفة أو الطمأنينة والحرية... معرض كئيب، كما قال لى صديق سوري، خائباً ويائساً، معرض لا حياة فيه ولا بهجة ولا ناشرين ولا كتّاباً ولا قراء... وفعلاً لم يشارك هذه السنة من الناشرين العرب سوى قلة قليلة معظمها من لبنان.
أما الدور الأخرى فأرسلت بعضًا من كتبها عبر وكلاء أو اصحاب مكتبات. كان يهمّ وزارة الثقافة السورية إبراز الطابع العربى للمعرض وتشريعه أمام الناشرين العرب وكسر الحصار، لكنها فشلت طبعاً. وقال لى ممازحاً، ناشر لبنانى شارك فى المعرض إن المهم أن تبقى مشاركته سرية أو غير معلنة لئلا يخسر الاشتراك فى بعض المعارض العربية المناهضة للنظام البعثي... لكنّ بضع دور سورية مهمة شاركت هذه السنة وأضفت على المعرض بعضاً من شرعية ويمكن اختصارها فعلاً فى أربع هي: دار التكوين، دار ورد، دار نينوى، ودار الحوار.
وتمكنت دار التكوين من إحداث حركة لافتة خلال المعرض بجديدها وفى دعوتها الباحث السورى الكبير فراس السواح من الصين وإقامة حفلات توقيع لكتبه التى أعادت إصدارها فى طبعات جديدة. وفراس اسم كبير فى حقل الدراسات الميتولوجية والدينية والإنتروبولوجية وفى الترجمة أيضًا، واختار قبل سنوات الهجرة إلى الصين والإقامة فيها.
واستضافت دار التكوين أيضًا الشاعر والمترجم محمد عضيمى المقيم فى اليابان وأقامت حفلة توقيع لكتبه الجديدة التى أصدرتها وكلها تدور فى فلك الأدب والشعر اليابانيين. ومن وجوه المعرض أيضاً الشاعر والروائى عادل محمود الذى وقّع روايته الجديدة. غير أن المعرض لم يخلُ من الضجيج البعثى الذى أحدثه الكتّاب والشعراء الرسميون فى أمسيات قيل إنها لم تجذب جمهوراً. هؤلاء حاضرون أصلاً فى ما يشبه الدوام الرسمي".
ويختتم عبده وازن مقالته بـ "لعل الجدوى الوحيدة التى يمكن استخلاصها من معرض دمشق هى إقبال جمهور من المواطنين على شراء ما أمكنهم شراؤه من كتب فى ظل الضائقة المالية التى تشهدها البلاد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة