قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهـر الشـريف، إن جامعة الأزهر التى تختزن جدرانها على مدى ألف عام حضارة أربعة عشر قرنًا أو أزيد من عُمر الزمان، تتواصل عبر روَّادها وحملة مشاعلها من علماء الأزهر الشريف المُخلصين المُنتَمين إلى مآذنه وقبابه وأروقته، والمستمسكين بمنهجه الوسط فى العلم وفى التربية، وما يُؤسِّسه هذا المنهج من علوم ومعارف وثوابت وأصول وقواعد وبيِّناتٍ تكشف عما تزخر به شريعة الإسلام من عدل ومساواة وتراحم وإنصاف وتقدير للناس.
وأضاف خلال الاحتفال بتكريم الأوائل بجامعة الأزهر بقاعة مؤتمرات الأزهر مدينة نصر، أن الأزهر لا يزال يحمل على عاتقه مهام الدعوة إلى المؤاخاة وإلى التعايش والاحترام المتبادل، ونشر رسالة السَّلام بين الناس، موضحًا أن الأزهر إن كان فى الأصل مؤسَّسة علمية وتعليمية، فإنه فى الوقت نفسه مؤسسة ذات رسالة أخلاقية، مناهجها العلمية مصممة بحيث تصوغ العقول فى إطارين متشابكين: إطار من العلم، وإطار من الأخلاق معًا، وقد مَثَّل الأزهر بهذا المنهج كعبة الوسطية الإسلامية فى العالم، والقمرَ المُشِعَّ الذى يُفتقد فى الليلة الظلماء فى تاريخ المسلمين، وسوف يظل الأزهر كذلك ما ظلَّ معبِّرًا عن ضمير هذه الأمة الوَسَط، وهذا المنهج هو ما تبنَّاه الإمام الأشعرى فى مذهبه المعروف وهو ما يستمسك به الأزهر الشريف ويُعلِّمه لأبناء المسلمين فى شتَّى بقاع الأرض لما يتضمَّنه من توسط ويُسْر ورفع للحرج فى الدين، وتقديس للنص، ومنزلة للعقل ورفعة لشأنه.
ووجه الإمام الأكبر التهنئة للطلاب المتفوقين على إتمامهم المرحلة الأولى من مراحل التعليم العالى، متمنيَا لهم أن يواصلوا دراساتهم العُليا فى كُليَّاتهم العلميَّة والنظريَّة، وأن يضاعفوا جهودهم فى البحث العلمى فى مراحل الماجستير والدكتوراه، كلٌّ فى تخصصه وفى ميدانه ومجاله، وذلك من أجل تحقيق آمال بلادهم وأُمَّتهم فى بناء حضارة جديدة تليق بتاريخ هذه الأُمَّة وسيرتها الأولى، ناصحًا إياهم أن يتزودوا بالتضلع من التراث، ويصبروا على فهمه، واكتشاف كنوزه، مع تحصيل الجديد فى التخصصات العلمية والأدبية، مؤكدًا أن الغرب لم يتقدَّم بدعوات التحلل والكسل، وإنَّما نهض الغرب وتقدَّمت أوروبا بالعَـرَق والتَّعب، وتحمُّل المشاق والصعاب فى مجال الصناعة والاختراع والتقدُّم فى جميع المجالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة