ينسحب مسئولون الواحد تلو الآخر من البيت الأبيض بشكل يثير الدهشة منذ تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الرئاسة، فى 20 يناير، حيث بلغ عدد رجال "ترامب"، المغادرين لمناصبهم سواء بالاستقالة أو الاقالة 12 من كبار المسئولين والمستشارين فى الإدارة الأمريكية الجديدة التى لم تكمل عامها الأول.
وجاء أخر المستقيلين من مناصبهم فى إدارة ترامب، الملياردير الأمريكى، كارل ايكان، والذى سبقه بساعات قليلة، إعفاء "ستيف بانون"، كبير المستشارين الاستراتيجيين للرئيس الأمريكى، من منصبه، وبذلك يكون قد دخل عدد كبير من مساعدى "ترامب"، البيت الأبيض، وخرجوا فى فترة قصيرة جدًا لم يتمكنوا خلالها من تقديم انجازات يلمسها المواطن الأمريكى لتقييم خبراتهم وكفاءتهم التى اختيروا لمناصبهم على أساسها.
وفى هذا الصدد، نجد أن أسباب مغادرة المسئولين الأمريكيين لمناصبهم لم تتشابه بين شخص وأخر، ففى الوقت الذى غادر فيه البعض بعد فضيحة التورط فى اتصالات مع روسيا المتهمة فى التدخل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، الأمر الذى رجح كفة الرئيس الحالى "ترامب"، أقيل البعض الأخر لاختلافه مع بعض مواقف الرئيس الأمريكى، أو لعدم توافق أسلوبهم مع "ترامب"، بينما قرر البعض الأخر الاستقالة لدوافع لم يعلن أغلبها.
مستشار الأمن القومى مايك فلين
فى مقدمة مسئولى الإدارة الأمريكية الذين غادروا البيت الأبيض، فى بداية رئاسة دونالد ترامب، يأتى مايكل فلين، مستشار الأمن القومى، الذى دافع "ترامب"، بثبات عنه، رغم أن الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، أقاله من منصبه مدير الاستخبارات الدفاعية، ولم يكن يحظى بثقة كبيرة فى دائرة الاستخبارات.
وبقى "فلين"، فى منصبه 22 يوما فقط، وأقيل فى 13 فبراير على خلفية اتصالات مع موسكو لم يكشف عنها، وجمع أموال لترويجه لتركيا فى الحملة الانتخابية.
المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر
بدأت مشكلات "شون سبايسر"، المتحدث باسم البيت الأبيض، عندما طلب منه الدفاع عن تأكيدات غير صحيحة لـ"ترامب"، حول حجم الحشود التى حضرت مراسم تنصيبه، ووصف "سبايسر"، الحشد بأنه الأكبر على الإطلاق فى مراسم تنصيب الرؤساء، لكن صورًا التقطت من الجو أظهرت بوضوح أن الحشد أقل بكثير من ذاك الذى حضر مراسم أداء "أوباما"، القسم لولايته الأولى فى 2009، وخسر "سبايسر"، على الفور المصداقية لدى وسائل الإعلام.
وأصبح "سبايسر"، سريعًا، الهدف المحبب من بين موظفى البيت الأبيض، للسخرية فى برنامج "ساتردى نايت فيفر"، حيث تلعب دوره الممثلة الكوميدية مليسا ماكارثى، وتصوره ساذجا سريع الغضب.
"سبايسر"، الذى كان يدرك ما يبدو أن أيامه معدودة فى منصبه، صد الأسئلة المتعلقة بالتصريحات الأكثر استفزازية للرئيس، بقوله إلى وسائل الإعلام "التغريدة تتحدث عن نفسها، سأمضى قدما"، وبمغادرته البيت الأبيض، فى 22 يوليو، يكون صمد 182 يوما، وغادر عندما تم تعيين أنطونى سكاراموتشى، مديرًا للإعلام فى البيت الأبيض.
كبير الموظفين رينس بريبوس
كان يفترض أن يقوم كبير الموظفين، رينس بريبوس - الرئيس السابق للجنة الوطنية للجمهوريين، وهو شخصية مجهولة - بإدارة البيت الأبيض، وضبط الدخول إلى مكتب ترامب، لكنه لم يتمكن من إدارة الرئيس نفسه، وبالتالى فشل فى أى محاولة لضبط الفوضى التى تعصف بالجناح الغربى، ولأنه حليف مقرب إلى سبايسر، تعرض "بريبوس"، لسقوط مؤلم عندما عين "ترامب"، سكاراموتشى، مديرًا جديدًا للإعلام.
ووصف "سكاراموتشى"، بريبوس، علنًا، بأنه مصاب "بالهوس وانفصام الشخصية"، وعندما لم يدافع ترامب، عن بريبوس، غادر الأخير من البيت الأبيض فى 31 يوليو، بعد 189 يوما على دخوله.
كبير الموظفين فى البيت الأبيض أنطونى سكاراموتشى
كان تعيين خبير المالى النيويوركى، "أنطونى سكاراموتشى"، مديرًا للإعلام فى البيت الأبيض، فى 21 يوليو، مكان "رينس بريبوس"، عرضا لأسلوبه الجرئ فى الإدارة، لكن ذلك لم يتوافق مع "جون كيلى"، الذى عينه "ترامب"، فى منصب كبير الموظفين، قادمًا من وزارة الأمن الداخلى.
وخلال أيام كان كل الاهتمام ينصب على "سكاراموتشى"، نجم البرامج التلفزيونية الليلية بستراته الأنيقة ونظاراته وشعره الأملس المسرح إلى الخلف، وهو ما لا يعجب "ترامب"، وصمد أقصر فترة فى ولاية "ترامب"، وهى عشرة أيام.
كبير المستشارين الاستراتيجيين ستيف بانون
"ستيف بانون"، هو مهندس مواقف ترامب القومية الشعبوية، وانتصاره الانتخابى، ولقب بـ"أمير الظلام دارث فايدر"، وحتى "الرئيس الظل"، أصبحت قوميته الاقتصادية العمود الفقرى لسياسات ترامب، حتى عندما كان الخصوم السياسيون يرفضون الكثير من أفكاره.
لكن بعد وصول "كيلى"، أصبحت مواجهاته المتواصلة مع مستشارى "ترامب" الآخرين، لا يمكن الدفاع عنها، وكذلك علاقاته باليمين المتطرف الذى أثار اتهامات بأن "ترامب"، يمثل العنصريين، واستمر "بانون"، فى منصبه 210 أيام.
مستشار الرئيس لـ"ضبط أسواق المال" كارل ايكان
وأخيرًا، أعلن الملياردير الأمريكى، كارل ايكان، الجمعة، الانسحاب من منصبه كمستشار للرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، لشئون ضبط أسواق المال، لكنه لم يعز قراره إلى تصريحات الرئيس بشأن أحداث شارلوتسفيل.
و"ايكان"، البالغ من العمر 81 عاما، من أشهر خبراء المال فى وول ستريت، وعين فى ديسمبر، "مستشارا خاصا" لدى ترامب، لشئون الضوابط المالية، وكلف مهمة التخلص من الضوابط التى تلغى الوظائف وتبطئ النمو الاقتصادى.
وبرر "ايكان" - فى رسالة وجهها إلى "ترامب" ونشرها على موقعه – انسحابه، بتعيين "نيومى راو"، "مديرة لشئون الضبط المالى"، وثبت مجلس الشيوخ تعيين "راو"، فى يوليو.
وانتقد الديمقراطيون، تعيين "ايكان"، لاشتباههم فى دفعه ملفات فى إطار مهامه له فيها مصلحة مالية مباشرة على غرار الضوابط البيئية المفروضة على مصافى النفط.
وقال "ايكان"، فى رسالته، "خلافا لتلميحات عدد من معارضيكم الديمقراطيين، لم أطلع فى أى وقت على ملفات غير علنية أو استفدت من منصبى، كما أننى لا أرى أى تضارب مصالح فى دورى"، وتابع "رغم ذلك قررت إنهاء تعاوننا (بموافقتكم) سعيا لتفادى أن يلطخ أى خلاف حزبى بشأن دورى إدارتكم أو عمل السيدة "راو" المهم".
واندلع جدل حاد فى الولايات المتحدة إثر تصريحات أخيرة لـ"ترامب"، قلل فيها من مسئولية مجموعات يمينية متطرفة وإتباع تفوق العرق الأبيض أثناء أعمال عنف فى شارلوتسفيل (فرجينيا)، فى نهاية الأسبوع الماضى.
وحل "ترامب"، اثنين من مجالسه الاستشارية الاقتصادية المؤلفة من رؤساء شركات وخبراء اقتصاديين بعد انسحاب عدد منهم، ولم يكن "ايكان"، ضمن أى من المجلسين.
ومن الشخصيات الأخرى التى غادرت البيت الأبيض، فى الأشهر السبعة الأولى لرئاسة "ترامب"، ديريك هارفى، المستشار فى مجلس الأمن القومى لشئون الشرق الأوسط، ومايك دوبكى، مدير الاتصالات فى البيت الأبيض، الذى استقال بعد 3 أشهر من توليه منصبه، و"كى تى ماكفارلاند"، نائب مستشار الأمن القومى، و"كايتى والش"، المسئولة الثانية فى فريق بريبوس، وكريج دير، المدير فى مجلس الأمن القومى لشئون نصف الأرض الغربى، وانجيلا ريد، كبيرة فريق المراسم المنزلية فى البيت الأبيض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة