يوما بعد يوم، تثير بريطانيا الجدل بقراراتها المتعلقة بمراقبة المواطنين بزعم مواجهة التشدد، الأمر الذى يطرح التساؤلات بشأن شعارات الحرية التى ترفعها لندن ومعناها الحقيقى، فبعد الكشف عن التجسس على المواطنين حتى أثناء تنزههم لحيواناتهم فى الشوارع، كشفت صحيفة "تليجراف" إن جامعات بريطانية تطلب من عمال المطابخ وعمال النظافة التجسس على طلابها، بذريعة منع انتشار التطرف.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن بعض الجامعات لجأت إلى هذه الخطوة لأنها تعتقد أن الطلاب قد يكشفون عن ميولهم للتطرف فى المطعم والمقهى والمكتبة، وليس فى قاعات المحاضرات.
ونشرت تفاصيل برامج التدريب التى يتلقاها العاملون فى الجامعات لممارسة التجسس على الطلاب.
وكانت إحدى جامعات لندن قد اعترفت أنها تراقب الرسائل الإلكترونية للطلاب، وهو ما أثار موجة من الاستياء. كما واجهت جامعة أخرى احتجاجات من طلاب مسلمين بسبب تثبيتها كاميرات مراقبة فى غرف الصلاة.
وبالرغم من أن الجامعة قالت إنها فعلت ذلك حتى يشعر الطلاب بالأمان إلا أن الطلاب احتجوا على أن هذا الإجراء ينم عن انعدام الثقة بهم، كما ورد في التقرير.
وأضافت التليجراف أن الجامعات تحاول منع الطلاب من الوقوع فريسة للمتطرفين،لهذا ترغب فى تدريب العمال الذين يرون فيهم أنهم يستطيعون التعرف على أى شئ مريب.
ومن بين تلك الجامعات، جامعة لندن سوث بانك والجامعة المفتوحة، التى كشفت أنها وضعت خططا تدريبية جديدة على الإنترنت لموظفى الأمن وعمال النظافة وموظفى المطاعم.
وفكرة التجسس على المواطنين ليست جديدة على المشهد البريطانى، فقبل 17 عاما، تم تمرير قانون "ريبا" كآلية لمحاربة الإرهاب والجرائم الخطيرة، والذى يتم بموجبه مراقبة سرية للاتصالات الالكترونية للأفراد، مثل أنشطة المواطنين على الإنترنت.
وكان تقرير سابق لصحيفة "الجارديان البريطانية"، كشف أن عشرات المجالس المحلية فى المملكة المتحدة يستخدمون القانون للتجسس على المواطنين فى أدق تفاصيل أمورهم الحياتية اليومية مثل التنزه مع الكلاب.
وبحسب تقرير الجارديان، قام 186 مجلس محلى باستخدام قانون "ريبا" لجمع أدلة عن مخالفات يقوم بها المواطنين من خلال زرع أجهزة تصنت وكاميرات سرية ومخبرين. وهو ما جدد الانتقادات ضد إفراط السلطات فى استخدام القانون وانتهاك الحريات الشخصية بهدف التحقق من أغراض وصفها معارضون بـ"التافهة" وقد شملت الأمثلة: استخدام مجلس "ميدلوثيان" سلطات القانون لمراقبة نباح الكلاب، بينما استخدمه مجلس بلدة "أليردال" فى جمع أدلة عن أشخاص خالفوا القانون بإطعام الحمام.
ووصل الأمر إلى مراقبة سرية لأولئك الذين يخفضون عدد الكيلومترات فى السيارة، ويبيعون ألعاب خطرة، ويمتلكون مزرعة جرو غير مشروعة أو منافذ بيع للألعاب النارية، أو يقيمون حفلات صاخبة، بالإضافة إلى التحقق من صدق طالبى الإعانات من الدولة.
وقامت أحد المجالس بزرع كاميرا سرية بطابق علوى وبنافذة غرفة نوم بأحد المبانى لمعرفة من يقوم بإلقاء القمامة بحديقة خلفية وذلك بعد شكاوى من الجيران.
كما كشفت الصحيفة نفسها فى تحقيق صادم آخر الشهر الماضى أن ضباط شرطة سريين تبنوا هويات مزيفة أثناء تنفيذهم عمليات استمرت عدة سنوات، واستطاعوا التجسس على أكثر من ألف مجموعة سياسية وجمعيات حقوقية وآخرى تعمل فى مجال الرفق بالحيوان.
وأضحت إنها المرة الأولى منذ قرابة الـ4 عقود التى يعلن فيها أعداد الجماعات السياسية التى استطاع الجواسيس السريون اختراقها، ولم ينشر التحقيق قائمة الجماعات التى تم اختراقها، ومع ذلك من المعروف إنها تشمل جماعات حقوقية فى مجالات البيئة ومكافحة العنصرية ورعاية الحيوانات والأحزاب اليسارية واليمين المتطرف.
وأوضحت الصحيفة، إن عدد الجماعات السياسية المخترقة نشرها تحقيق عام كانت أطلقته تريزا ماى، رئيسة الوزراء البريطانية عندما كانت وزيرة الداخلية لفحص سلوك جواسيس الشرطة منذ عام 1968.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة