يأتى غالبية النفط العراقى الخام من أكبر حقلين فى البلاد هما الرميلة وكركوك.. ويقع حقل الرميلة فى الجنوب ويمتد إلى مسافة قليلة داخل الأراضى الكويتية، ويشتمل على حوالى 663 بئرا وينتج ثلاثة أنواع من النفط هى: البصرة العادى، والبصرة المتوسط، والبصرة الثقيل.
أما حقل كركوك، الذى اكتشف لأول مرة فى عام 1927 فيحتوى على 337 بئرا.. وتقع حقول النفط العراقية المهمة على طول الحدود مع إيران، من المنطقة الكردية فى كركوك والموصل فى الشمال وحتى منطقة البصرة فى الجنوب، مرورا ببغداد فى الوسط.. واليوم نستكمل نشر أجزاء من التقرير الأمنى السنوى لمجلس الأمن القومى الأمريكى، الذى تضمنه البحث، الذى كتبه الباحث نبيل إبراهيم، حيث استخدم الباحث أجزاء من (التقرير الأمنى السنوى لمجلس الأمن القومى الأمريكى).
وهنا لابد من الإشارة والتذكير بأن القرار الأمريكى فى استهداف العراق ليس وليد اللحظة، حيث إنه وفى العام 1973م قامت القوات الأمريكية بمناورة عسكرية فى شتاء ذلك العام، وتحديدًا خلال شهر شباط فى صحراء موجاف الأمريكية كان العدو المفترض فى تلك المناورة يرتدى الزى العسكرى العراقى.. وقد جاء ذلك بعد قيام القيادة السياسية العراقية باتخاذ قرار تأميم النفط فى الأول من حزيران عام 1972م.
وكان بوش الأب قد كشف فى خطاب له يوم 12 ايلول 1990 بقوله (... إن العراق يسيطر على %10 من احتياطى النفط العالمى، ويسيطر مع الكويت على ضعف هذه النسبة.. وإذا سُمح للعراق بابتلاع الكويت، ستكون له القوة الاقتصادية والعسكرية والغطرسة لتهديد جيرانه، الذين يسيطرون على نصيب الأسد من النفط العالمى.. ولا نستطيع ولن نسمح لأى شخص بالسيطرة على مورد حيوى كهذا)، وكان وزير الطاقة الأمريكى الأسبق جون هارنجتون قد أعلن فى عام 1987 (.. أن العراق يعوم على بحيرة من النفط، وأن احتياطياته ربما تفوق الاحتياطيات السعودية الضخمة، التى تبلغ نحو ربع الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط، وفى هذه الحالة إذا استطاعت الولايات المتحدة السيطرة على العراق ونفطه من خلال الغزو ووضع حكومة عميلة هناك، فإنها يمكن أن تتحكم فى حجم الإنتاج العالمى من النفط من خلال مضاعفة حجم الإنتاج العراقى، ويمكنها بالتالى أن تعمل على خفض أسعاره بشكل كبير بما يحقق مصالحها كأكبر دولة مستهلكة ومستوردة للنفط فى العالم حتى لو أدى ذلك إلى تدهور اقتصادى يصل إلى حد الكارثة بالنسبة للدول المصدرة الرئيسية للنفط، وبالذات الدول، التى تعتمد على النفط بشكل كامل تقريبا فى تحقيق دخلها وضمان مستويات معيشية عالية لمواطنيها مثل دول الخليج...). وكان كولن باول قد صرح فى 22 يناير 2003 بأن احتلالا عسكريا سيتم للعراق، وأن البترول هو أمانة للشعب العراقى، وستتم حماية حقول النفط، وتزامنًا مع ذلك أشارت المعلومات إلى أن اجتماعات مكثفة كانت قد جرت بين مسؤولين فى وزارتى الدفاع والخارجية الأمريكيتين بحضور رجال من الخونة العراقيين (كانوا يسمون أنفسهم المعارضة العراقية) لدرس المسائل النفطية.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قد نقلت عن مصادر لم تذكرها بالاسم، أن هنالك عشقا تاريخيا بين الإدارة الأمريكية بدءا من الرئيس بوش إلى أصغر الموظفين، والنفط.. وفى اليوم التالى لتصريحات باول نقلت صحيفة (الجارديان) البريطانية عن مصادر قولها: إن اجتماعًا مهما عقد فى أكتوبر الماضى بين مسؤولين كبار فى مكتب نائب الرئيس الأمريكى، ديك تشينى، وشركات نفطية مهمة هى إكسون موبايل وشيفرون تكساكو وكوكوفيليبس وهاليبورتون لدرس آفاق الصناعة النفطية فى العالم بما فى ذلك الوضع العراقى.
وقد ازداد استهلاك الولايات المتحدة من النفط الخام العراقى بنسبة 24 فى المئة فى يناير 2002، رغم استعدادات إدارة الرئيس جورج بوش لشن حرب تقول: إنها لا علاقة لها بالنفط.. وتحولت الشركات الأمريكية بسرعة إلى الخام العراقى لتعويض النقص الناجم عن إضراب فنزويلا المستمر منذ شهرين قبل بداية العدوان على العراق، الذى أدى إلى خفض إمداداتها للأسواق العالمية.
وكشفت صحيفة نيوزداى الأمريكية الجمعة 10 يناير عام 2003 أن مسؤولين أمريكيين قدموا اقتراحات للإدارة الأمريكية تدعو لاستخدام عائدات النفط العراقى فى تغطية تكاليف الحرب الأمريكية الوشيكة ضد العراق.. ونقلت الصحيفة عن مايك أنتون، المتحدث الرسمى باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى، قوله (إن البيت الأبيض وافق على أن تلعب عائدات البترول العراقى دورًا مهمًا خلال فترة الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، ولكن فقط من أجل مصلحة العراقيين، على حد قوله.. وأوضح أن عائدات البترول العراقية سيتم استخدامها فى حالة الحرب والوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، ولكن لن يتم استخدام العائدات كلها فى هذا الشأن، مشيرًا إلى أن جزءا من تلك العائدات سيتم استخدامه فى المعونات الإنسانية للاجئين العراقيين ولإعادة إعمار البنية التحتية للعراق)، لكن مصدرا مطلعا على ما يدور داخل الإدارة الأمريكية أشار– فى تصريحات للصحيفة– إلى وجود أصوات قوية بالبيت الأبيض تؤيد استيلاء واشنطن على عائدات النفط العراقى، وقال المصدر الذى طلب عدم ذكر اسمه هناك أصوات داخل البيت الأبيض استقرت على أن البترول هو غنيمة الحرب بالنسبة لهم.
نواصل نشر حقيقة التغيير فى السياسات الأمريكية تجاه العالم العربى.