حمدى نصر يكتب: غرائب وطرائف الشعوب عند كسوف الشمس

الإثنين، 21 أغسطس 2017 05:29 م
حمدى نصر يكتب: غرائب وطرائف الشعوب عند كسوف الشمس كسوف الشمس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحمد لله على نعمة العقل والعلم، فما كان يحدث زمان عند كسوف الشمس يجعلنى أتوقع أن يكون كسوفها من غرائب أفعال البشر، وبداية أنوه أن العالم يشهد اليوم كسوفا كليا للشمس، وهو فى حد ذاته يعد ظاهرة كونية فريدة ونادرة وغريبة على عقول بعض البشر أبناء القرن الحادى والعشرين.. فكيف بناس زمان؟
 
ورغم أن كسوف الشمس وخسوف القمر ظاهرتان كونيتان طبيعيتان يعرفهما العالم من آلاف السنين، ألا أن الكسوف الكلى غير معتاد، لذلك حظى باهتمام بالغ هذه المرة على صعيد الحكومات والمراكز العلمية والشعوب.
 
وكان العرب فى الجاهلية يعتقدون أن الخسوف يحدث عندما يتطاول الحوت لأكل القمر المغلوب على أمره. ولفك أسره من بين أنياب الحوت كانوا ينشدون أناشيد أسطورية مخصصة لذلك الحدث حتى يرق قلب الحوت ويترك القمر لحال سبيله. وكانوا يعتقدون أيضا أن القمر فى ضائقة أو أسر، فيدقون على المعادن محدثين ضجيجـا وجلبة، وهم يدعون: يا رب خلـصه، معتقدين أن الضجيج يؤذى الحوت، ويجعله يلفظ القمر من فيه. والحال نفسه منذ عصر الكنعانيين مع الكسوف وعلاقته بالتنين الذى تستمر محاولاته للقضاء على الشمس، لكنها تبوء كلها بالفشل مع دق الطبول والحديد.
 
أما عرب الجاهلية الأولين فكانوا يتابعون لون الكسوف والخسوف، فإذا كان اللون البارز أسود مثلا لشدة الكسوف ضربوا يداً بيد وقالوا: إن مرضا فى طريقه إليهم، وإن كان اللون أحمر فهذا يدل على الدم، فلا بد من أن حرباً مقبلة تسيل فيها الدماء كما يسيل الماء فى النهر، وإذا مست الحامل بطنها عند خسوف القمر ولد الجنين ونصف وجهه أسود، أما إن مستها عند كسوف الشمس فإنها تلد طفـلا أحمر الوجه، ولمقاومة السحر فإنهم كانوا يضعون طستا به ماء طيلة فترة خسوف القمر مع قراءة أذكار خاصة، معتقدين أن ذلك يجعل ماء الطست دواءً ناجعاً فى إبطال كل سحر إذا استحمت به المرأة المتزوجة.
 
والغريب أنه بمجرد حدوث الظاهرة يعود بعض الناس إلى أفكار ومعتقدات وعادات وتقاليد القرون الوسطى أو ما قبلها والتى كانوا يعتقدون فيها أن تنينا خرج لالتهام الشمس، لذلك فإن الخوف والهلع كانا يسودان العالم، وكان الخوف والهلع مضاعفين فى عالمنا العربى. فكان يحدث حظر تجول اختيارى وحبس انفرادى مع سبق الإصرار والترصد، حيث يسارع الناس للصق أكياس بلاستيك سوداء على زجاج النوافذ والأولاد يسلسلون فى الأسرة حتى لا يخرجوا ويتعرضوا لأشعة الشمس وكالعادة فإن الخبراء ينشطون فى مثل هذه المناسبات ليدلى كل منهم بدلوه، فمنهم من يحذر ومنهم من يمنع واقصد بهم طبيب الأمراض الجلدية، وطبيب الأسنان، وطبيب الأمراض المستوطنة وطبيب الأمراض الوافدة والمتنقلة، وحدّث وقل كما تشاء عن خبراء الفلك والفضاء والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء والأحياء حتى إن مصمم أزياء أدلى بدلوه هو الآخر متوقعاً حدوث كارثة!.
 
ذكرتنى هذه التصرفات بما قرأته عن الأساطير التى سادت العالم أيام زمان، والتى ادعى فيها خبراء ذلك الزمان أن الكسوف الكلى للشمس هو نذير بوقوع كارثة أو فناء العالم، أو انتشار تلك الأسطورة الخرافية التى تزعم أن تنينا عظيما خفياً شيطاناً قوياً لا يراه الإنسان يبدأ فى لحظة الكسوف فى التهام الشمس.
 
والطريف أن الناس فى تلك الأيام لم يستسلموا لقدرهم ويتركوا التنين ينال مراده من الشمس حتى يشبع لكنهم ليزعجوه فلا يهنوه على لقمته كانوا يدقون على الصفيح، لكن يا تنين ما يهزك طنين!.
 
أما الصينيون فلم يكتفوا بدق الطبول، بل اتخذوا خطوات أكثر إيجابية فانطلقوا يطلقون سهامهم نحو الشمس لإرهاب التنين! أما أهل الهند فكانوا يهرعون إلى الترع والأنهار ويغطسون فيها إلى رقابهم ليساعدوا الشمس فى الخروج من كسوفها، والشيء نفسه مع القمر ليأخذوا بيده للتخلص من الخسوف ويقويان على مقاومة التنين. 
 
أما هنود الشيبيوا فكانوا أكثر فعالية وإيجابية.. فلم يكتفوا بالصمت والتصفيق أو الغطس فى المياه وإنما كانوا يبادرون بإطلاق الأسهم والصواريخ النارية نحو الشمس ليساعدوها فى إعادة اشتعالها. 
 
أما اليابانيون فكانوا عند الكسوف يسارعون لتغطية الآبار والأحواض ومصادر المياه حتى لا تقع فيها السموم الناتجة عن الإظلام المفاجئ، إلا أن رومانسية الشعب الهاييتى كانت تجعلهم يعتقدون بوجود علاقة عاطفية بين الشمس والقمر، لذلك يحدث الكسوف عندما يلتقيان.
 
أما شعب الاينكا فكان يعتقد أن حرباً تدور بين الشمس والقمر فينتج الكسوف، وعن ذلك كتب المؤرخ هيرودوت: إن كسوفاً للشمس حدث عام 585 ق.م كان سبباً فى توقف حرب ضروس بين الليديين والميديين من شعوب اليونان القديم. فعندما حدث كسوف الشمس أصيب الطرفان بالهلع، فوضعت الحرب أوزارها وعقد الطرفان اتفاقية سلام. 
 
طرفة على الهامش 
السيد المستكشف كريستوفر كولومبوس أثناء إبحاره فى الطريق إلى الهند قرر بحارته رغم أنفه التوقف فى جزر جاميكا للراحة، بعد أن أنهكهم بحر الظلمات برياحه وامواجه وتقلباته. وزاد حجم المأساة عندما رفض سكان جاميكا التعاون معهم وإمدادهم بالماء والطعام وهم يتضورون جوعا ويكادوا يموتون عطشا.
 
وكان كريستوفر كولومبوس يحمل معه دائما كتاب تقويم الفلكى يوهانس موللر، ومنه عرف كولومبوس بقرب حدوث خسوف للقمر فوقف خطيبا فى سكان الجزر وهددهم بضرورة إمدادهم بالطعام والماء لأنه قادر على أن يفعل بهم ومعهم أى شيء، ودلل على صدق كلامه بأنه سيجعل القمر يختفى بعد قليل، وفعلاً بدأ القمر فى الاختفاء التدريحى تبعا لظاهرة الخسوق فأصيب المساكين بالرعب وتوسلوا إليه ألا يأذيهم وأعطوه أضعاف ما طلب. 
 
ونعود للبداية التى ذكرت فيها أن الكسوف والخسوف ظاهرتان طبييعيتان كما قال علماء الفلك، فلا تنين ولا شيطان ولا حوت. وكما استغل كولومبوس الظاهرة الطبيعية حاول بعض الناس تجييرها لأغراض فى نفوسهم.. فقال بعضهم إنها نهاية العالم، وكان طبيعيا ألا يترك اليهود هذه الفرصة الثمينة ليعلنوا أن الظاهرة هى بداية نزول المسيح، ومؤشر لهدم الأقصى لإقامة هيكلهم المزعوم.
 
وهنا لا بد أن نذكر ما قاله الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم – "إن الشمس والقمر هما آيتان من آيات الرحمن لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته.." فهما يحدثهما الله عز وجل عندما تنتشر المعصية وتكثر المخالفة للشرع فيخوف الله بهما عباده ويذكرهم بأحداث القيامة الكبرى، فيحث العباد على الصلاة والذكر والصدقة.
 
 
 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة