كرم جبر

المعارضة النافعة والتأييد الضار!

الأربعاء، 23 أغسطس 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من يخالفك الرأى ليس هو «الخائن»، ومن يوافقك ليس هو «الوطنى» على طول الخط، فأحيانا تكون المعارضة نافعة، وأحيانا يكون التأييد ضارا، والتوازن الدقيق يقتضى الرجوع إلى الثوابت الوطنية، لأن السنوات السابقة شهدت تقلبا فى المواقف والتحولات من أقصى اليمين لأقصى اليسار، فالذين تغيروا أكثر من الذين ثبتوا، والمتحولون أكثر من الصامدين.. ولا بد من تحديد مؤشرات ضرورية:
 
أولاً: 
الحفاظ على النسيج الوطنى قضية لا تقبل الجدل والنقاش، وقوامة العلاقة الآمنة بين عنصرى الأمة، وتدعيم أواصرها بكل السبل، ووأد محاولات الفتن أولاً بأول، فلا يصح أن يرقص المغرضون على أصوات صغيرة يصنعون منها حرائق كبيرة، فلا مستقبل مطمئن لهذا الوطن، إلا إذا اتحدت إرادة الأمة، للحفاظ على حق المواطنة، كقوة ردع تضرب من يحاول تعكير صفو العلاقات بين شركاء الوطن، عاش المسلمون والأقباط تحت راية الوطن فى الأفراح والملمات، ودافعوا عن تراب وطنهم صفا واحدا، وارتوت الأرض الطاهرة بدمائهم وعرقهم، ولن يقبل الوطن غير هذا التلاحم القوى.
 
ثانيا: 
مصر لا ينفع معها صراع دينى أو مذهبى، فمسلموها لا يعرفون شيعاً وأحزاباً، ومساجدهم واحدة وطقوسهم واحدة وصلاتهم واحدة وقبلتهم واحدة، وأذانهم واحد، وأخطر شىء هو محاولة استنساخ الصراع السنى الشيعى على أرض المحروسة، لن ينجح ولن ينفع ولن يستمر، فالمصريون يرفضون كل صنوف الحروب الدينية التى فرقت دولاً وشعوباً مثل العراق واليمن وسوريا.
 
ثالثاً: 
على مستوى الأحداث الإرهابية، لم يعد مستقبل البلاد موضوعاً للمراهنات، فالإرهاب هو الإرهاب، ولا يمكن تبرير أفعاله باللجوء إلى ترسانة الأسانيد الزائفة، مثل الظلم والفقر وحقوق الإنسان وغيرها.. ففاتورة العمليات الإرهابية تكفى رفع المستويات المعيشية لملايين المواطنين، والسيارة المفخخة التى تقتل أبرياء قد تصل تكلفتها إلى نصف مليون جنيه، ولم يعرف يوماً عن الإرهابيين أنهم دعاة بناء وتنمية وتعمير، بل صناع موت ودماء ودمار، ولم يكونوا يوماً عوناً لأوطانهم، بل نقمة عليها.
 
رابعاً:
مؤسسات الدولة خط أحمر، فهى الأعمدة الراسخة فى الأرض، وتثبت وجودها فوق الأرض، فالجيش المصرى هو المنقذ الذى يظهر فى أوقات المحن والشدائد، فيحمى الوطن ويصون حياة المواطنين، وهذا عهده منذ مئات السنين وليس فى السنوات الأخيرة فقط، وهدفه الثابت الذى لا يحيد عنه هو المواطن المصرى، لا يرفع فى وجهه سلاحاً ولا يلحق به أذى، ولا يتحرك إلا دفاعاً عنه، وحماية لمكتسباته، ولا ينبغى أن يكون موضوعاته لانتقادات صبيان الجحيم العربى الذين ابتلى بهم الوطن. 
 
خامساً:
نحن نعيش زمن التآمر بالشائعات، وتحاصرنا بالليل والنهار آلاف المنصات التى تطلق قذائفها دون توقف، تارة تستهدف الأوضاع السياسية والاقتصادية، لتنشر بين الناس اليأس والإحباط، وإذا استراحت قليلاً استهدفت الفنانين والشخصيات العامة، المهم عندهم أن تظل البلاد فى حالة بلبلة لا تنقطع، وجذب الرأى العام دائماً فى اتجاهات التشكيك وعدم اليقين.
 
سادساً:
احترام رموز الدولة يعلى شأن البلاد ويعظم صورتها فى الداخل والخارج، فليس من الشجاعة أو الديمقراطية أن تطل آلة هدم الرموز نشيطة طوال الوقت، فعندما نقول احترام الرئيس، فهذا لا ينصرف إلى اسم بعينه، وإنما إلى المنصب الرفيع الذى يتبوأه والمهام الجسام المكلف بها، وكلها تقتضى أن يكون النقد محفوفا بالنظافة والاحترام، توقيراً لوطن كبير يجلس على مقعد رئاسته، ومنذ قدم التاريخ لا تكون مصر قوية ومتعافية، إلا إذا كان رئيسها قوياً وحاسماً.
 
سابعاً:
عندما نقول إن مصر تتعرض لمؤامرة، فهذا ليس للتخويف أو الابتزاز السياسى، أو كفزاعة لتبرير إجراءات معينة، بالفعل مصر مستهدفة وتحاك ضدها المؤامرات الداخلية والخارجية، وكلما وقفت على قدميها، جاء من يحاول أن يجذبها للخلف، والمثل الصارخ هو العمليات الإرهابية التى لا تنتعش إلا إذا بدأت السياحة فى التعافى، فيكون الهدف هو الاستمرار فى ضرب واحد من أهم مصادر الدخل القومى، للتضييق على الناس وقطع أرزاقهم، أملا فى زيادة مساحات الغضب والاحتجاج.
 
ثامناً:
ما زالت الأصابع تلعب من وراء الستار، أملاً فى استعادة أجواء الاعتصامات والإضرابات والتوقف عن العمل، وإصابة عجلة الإنتاج بالشلل، فى وقت صعب لا يحتمل شغباً أو عبثاً، وليس فى وسع البلاد أن تعود لأجواء 25 يناير، بعد أن ذاق الناس بأنفسهم كأسها المرة، وتحولت من التعبير عن الحالمين بالتغيير إلى الكارهين للفوضى، ولكن ما زال هناك من يحرض ويحرك ويتمنى استعادة الخراب والدمار.
 
تاسعاً:
التحدى الأكبر هو استعادة الشخصية المصرية لملامحها المميزة، وأهمها الشجاعة والأخلاق والنبل والشهامة، وغيرها من السمات التى كانت تميز المصريين، ولكنها اندثرت وتلاشت فى السنوات الأخيرة، وصرنا نرى مصريين بالاسم وليس الصفات، وانقلبوا إلى النقيض، متسلحين بمساوى الأخلاق وانعدام الضمير ولم نعد نرى - إلا قليلاً - المصرى الذى يهب لنجدة جاره وأهل حارته، وأصبح يكتفى بتصوير مأساته بالموبايل ويبثها على مواقع التواصل الاجتماعى.
 
الثوابت الوطنية هى أن نحمى البلاد من موجات التدنى التى هبت عليها، فجعلت الناس يطلقون الاتهامات وكأنها حقائق ثابتة، ويتنابزون بالخيانة والوطنية، مع أن مصر التى نعرفها لها معايير راسخة وثابتة ثبات الأهرامات، وتحتمى بثقافتها وحضارتها وأصالتها فى مواجهة المحن والأزمات، والمحنة الكبرى هى أن تنهار هذه الثوابت.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة