أثرى الفنان حسين صدقى قبل إعتزاله الفن فى ستينيات القرن الماضى السينما المصرية بالعديد من الأعمال الفنية الهادفة التى لا تخلو من العلم والحكمة والأخلاق، لذلك أطلقوا عليه داخل الوسط الفنى "الفنان الملتزم".
نشأت حسين صدقى
ولد حسين مرسى صدقى فى التاسع من يوليو عام1917 فى حى الحلمية الجديدة، وسط أسرة ثرية تملك العديد من الأراضى الزراعية"الأطيان" لأبٍ مصرى وأمً تركية، أنجبا ثلاثة أنباء أصغرهم"حسين" الذى حرم من حنان الأب ولم يتجاوز سن الخامسة، فتحملت الأم تربية أبنائها وإتجهت بهم إلى التربية الإسلامية، فدفعت بهم إلى الذهاب للمساجد وأداة الصلاة فى وقتها وخاصة صلاة الفجر فى المسجد وحفظ القرآن الكريم والأحاديث، وحضور حلقات الذكر وسماع قصص الأنبياء لتعلم منها، كما حرصت على ملازمتهم العلماء الأزهرين حتى تكون صحبتهم صالحة، فأصبح أبنائها صالحون وملتزمون ديناً .
من داخل حى المعادى وبالتحديد فى ميدان"حسين صدقى" يدهشك ذلك المبنى الأبيض ذا المأذن العالية والقبه الرخامية رائعة الجمال، إنه المسجد الذى بناه فى الأصل الفنان حسين صدقى، وأهتم به بعده وقام بتطويره حتى أصبح كقطعة من الجنة إبنه"حسين"الذى يحرص على خدمة المسجد حتى الأن، فيديو 7 قناة اليوم السابع المصورة أجرت معه حوار خاص عن والده الفنان الراحل وخاصة الجانب الإنسانى الذى لم يعرفه أحد، فى البداية شعرنا أن الزمن عاد بنا إلى ستينيات القرن الماضى، كأننا نقف أمام الفنان حسين صدقى من شدة التشابه بينهما إلا أن جسم الأخير النحيل بعض الشئ هو الفارق.
أبناء وأحفاد "حسين صدقى"
فى البداية قال حسين حسين صدقى أن نشأة والده الدينية جعلته يتزوج فى سن صغير من والدته السيدة فاطمة محمد المغربى التى أحبها كثيراً فكانت بالنسبة له كل شئ، فأنجب منها ثمانية أبناء الأولاد هم "أحمد ،حسين، أشرف، إيمان وإسلام" أما البنات فهن" عقيلة، سوزى، مايسة" نالوا جميعهم أعلى الدرجات العلمية منهم" البحاراً ،الطيار، دكتور امراض النساء،و المهندسين، وايضاً البنات حاصلات على الدكتوراه سواء كان فى الطب أو الدرجة علمية"، أما عن الأحفاد فلدى الفنان الراحل حسين صدقى خمسة وعشرون حفيد .
الزوج المتفانى فى إسعاد زوجته
عاش الفنان حسين صدقى مع زوجته وأبنائه فى فيلته التى تطل على النيل داخل حى المعادى ما يقرب من ستة عشر عاما، ثم قام ببناء عمارة سكنية كبيرة ملاصقة لمسجده وأطلق عليها"برج المعادى" وإفتتحت فى إبريل1967 ميلادى، وقام حسين صدقى وقتها ببناء مقبرةً له أمام المسجد، روت السيدة "إيمان صدقى" زوجة إبنه "حسين" أجمل قصة حب مرت بين زوجين، فكان فتى الشاشة الأول وفتى أحلام البنات فى زمن الفن الجميل عاشقاً لزوجته محباً لها بجنون غيوراً من نسمة الهواء عليها، تقول إيمان" حماتى كانت تعشق اللون "البنفسجى" جداً لذلك حمايا جاب لها كل حاجة فى العمارة والفيلا بتعتها فى الدورين الأخرين بالون البنفسجى بداية من المدخل لأخر العمارة ،حتى العربية بتعتها جبهالها "لينكون البنفسجى" طلبها أوردر من بره"، وتابعت إيمات"فى عيد ميلادها مرة جاب لها حجر للرجلين محاط بالفضة ونازل منها فصوص أماتس البنفسجى لأنها بتحبها وعملها مفاجئة ".
وإسترجعت زوجة إبنه زكرياتها قائلة"والدى كان دكتور أسنان وكانت حماتى معتادة التردد على العيادة ومن هنا جاءت المعرفة بين العائلتين، وفى وقتها كان حسين صدقى فنان كبير ومعروف ومشهور بحب الجميع له وخاصة أنه كان فارس أحلام البنات، فكنت بدعى ربنا إنى أتجوز أحد أولاده عشانه،كان جميل ووسيم وزاد من جماله أخلاقه، صوته الهادئ، بشوش، معطاء وذكى، وفى مواقف كثير بنا تثبت حنانه وحبه وإنسانيته لحد كبير"وتابعت" الفترة إللى عاشرته فيها لازم يسيب بصمة فى القلب، لما توفى بكيته زى أبويا بالظبط".
التقرب إلى الله والإلتزام دينياً
كان الفنان حسين صدقى يسعى فى حياته إلى كل ما يقربه من الله عز وجل؛ فأنشأ مسجده الذى أفتتحه رئيس جمهورية مصر العربية وقتها اللواء أركان حرب محمد نجيب فى الجمعة 23 إبريل عام 1954 وذلك بحضور رئيس مجلس الوزراء آن ذاك البكباشى جمال عبد الناصر وجموع قيادات مجلس الثورة بالإضافة إلى الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر ووزير الأوقاف وقتها، يقول حسين صدقى الإبن: أنه فى أغلب التوقعات أن والده الفنان الراحل هو من خطب الجمعة يوم الإفتتاح لأن هناك صورة تجمع بين مجلس قيادة الثورة كاملاً وشيخ الأزهر ينصتون إلى الخطبة وهناك صورة اخرى يظهر فيها والده على الممبر أيضاً يوم إفتتاح المسجد.
إلتقتت الحديث زوجته السيدة"إيمان" حيث قالت أن فنان حسين صدقى كان ينتهز كافة المناسبات الدينية للتقرب إلى الله عز وجل؛ فكان البيت مليئ بالإحتفالات الدينية مثل ليلة الإسراء والمعراج والنصف من شعبان وليالى شهر رمضان وليلة رأس السنة الهجرية، فكان يجمع كافة شيوخ مصر وبعض السياسيين، بالإضافة إلى النساء الثقافيات اللآتى يدعونً إلى الثقافة والأدب، فكان الليلة عبارة عن دورس فى الدين وحلقات الذكر ثم إطعام الطعام، فكان الجميع ينتظر هذه المناسبات للإستمتاع بروحانياتها.
بداية الفنان حسين صدقى للتمثيل
حصل حسين صدقى على دبلومة التمثيل، وكان من زملائه جورج أبيض، وعزيز عيد، وزكى طليمات، ونظراً لوسامته الشديدة المصحوبة بروح الخجل والجدية كانت له أعمالاً سنيمائية مميزة تتسم بالحكمة والوقار بهدف إصلاح المجتمع ، فالتحق بالعمل السينمائى فى حقبة الثلاثينات واستمر حتى مطلع الستينات، وقدم عدد كبير من الأفلام السينمائية، ولم يقتصر عمله السينمائى على التمثيل فقط، فقد كان منتجًا ومخرجًا وكاتبًا، خاصة بعد تأسيسه لشركة أفلام مصر الحديثة.
عمل حسين صدقى مع معظم نجمات مصر فى ذلك الوقت منهم"شادية، ليلى مراد، صباح، تحيا كاريوكا، سميرة خلوصى، مديحة يسرى، فاطمة رشدى، ماجدة، مها صبرى، ليلى فوزى، فاتن حمامة، نجاة على، حسيبة رشدى" وغيرهم من فنانات ذلك العصر .
أما عن الأفلام التى أنتجها وقام ببطولتها الفنان حسين صدقى" تيتا وونج، العزيمة، الأبرياء، المصرى أفندي، الحبيب المجهول، شاطئ الغرام، يسقط الإستعمار، أدم وحواء، كلمة الأبطال، القاتل، العامل، البيت السعيد، أنا العدالة ، وطنى حبى، قلبى يهواك، الحظ السعيد، نحو المجد، طريق الأشوال، الشيخ حسن، الجيل الجديد، ياظالمنى، خالد بن الوليد"وغيرها من الأفلام التى أثرت السينما المصرية، ولكن ما يدمع العين أن الفنان القدير أوصى قبل وفاته بحرق كافة أفلامه لخوفة من الله عز وجل أن يكون من بينهم ما يغضب الله أو يبث الفتنه داخل المجتمع.
روى كابتن طيار "حسين حسين صدقى" أنه لم تكن هناك أى صدقات بين والده وأى شخصية داخل والوسط الفنى حيث أقتصر الصداقة على الفنانة شادية والفنان حسن فايق ومحسن سرحان، فكان يقضى معظم وقته داخل البيت مع الأولاد والزوجة .
إعتزال الفنان حسين صدقى
فى ستينيات القرن الماضى وفى عز نجاحه ومجده شعر الفنان حسين صدقى أنه فى حاجة إلى التقرب إلى الله أكثر ،فتوجه إلى الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر والذى كانت تربطهم علاقة صداقة قوية لإستشارته فى ذلك الأمر، فشجعه الشيخ الجليل على الإعتزال ، وبالفعل إعتزل الفنان حسين صدقى الفن .
النائب البرلمانى حسين صدقى
يقول ابن الفنان حسين صدقى أن والده كانت له علاقة قوية مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فبعد إعتزاله أوصاه بالترشح فى الإنتخابات البرلمانية عن دائرة المعادى؛ حيث ثقت أهالى الدائرة فيه وحبهم الشديد له، فتقدم "صدقى" واجتاز الإنتخابات البرلمانية عن دائرة المعادى،وعندما تقدم النائب البرلمانى بمشروع قانون عن تحريم وتجريم بيع الخمور فى الأماكن العامة داخل البرلمان فؤجئ بالرفض من الجميع، وعندما تحدث مع الرئيس"السادات"فى ذلك قال له"دى آمال مانقدرش نحققها"فرفض حسين صدقى ترشحة فى الدورة التالية له وعزم على ان يعيش حياة هادئة دون أدنى مشكلات.
حسين صدقى الإبن ينفى أى علاقة لوالده بالجماعة الإخوانية
كما نفى ابن الفنان حسين صدقى أى علاقة بين والده وبين جماعة الإخوان المسلمين أو أى جماعاتٍ أخرى، مؤكداً "البعض يريد أن يشوه كل ما هو جميل ووالدى ليس له علاقة بإى جماعات أو إتجاهات دينية أو سياسية، فكان أبى مسلم وسطى يجب الله ورسوله ولا ينتمى لأى جماعة فما تداولته بعض المواقع الإلكترونية بأن أبى ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين كذب".
وفاة الفنان حسين صدقى
"أوصيكم بتقوى الله" كلماته الأخيرة لأبنائه قبل وفاته، فقد عاش فى حياته يخاف الله عز وجل وقبل وفاته أوصى أحبائه بتقوى الله، ففى صبيحة يوم 16 فبراير عام 1976 لفظ الفنان القدير حسين صدقى أنفسه الأخيرة وفارق الحياة بعدما إشتد عليه المرض؛ فقد أصيب بجلطه فى المخ قبل وفاته بعام تقريباً، سافر على أثها لأمريكا بهدف العلاج وبعد تماثله للشفاء تمام عاد إلى مصر وظل عاماً كاملاً فى صحة جيدة، إلا أن المرض عاوده من جديد ليكون سبباً فى عودة الروح إلى مالكها.
يروى حسين صدقى الإبن أن الشيخ الجليل عبد الحليم محمود كان بصحبة أبيه وهو من لقنه الشهادة، وصلى عليه وهو أيضاً من دفنه بيده، حيث دفن الفنان حسين صدقى داخل مقبرته التى بناها بنفسه أمام المسجد ومجاورة كى يصاحبه الأذان حتى نهاية الخليقة ، فلم يحضر أحد من الفنانين جنازة حسين صدقى سوى الفنان محسن سرحان، ولكن عوضه الله بأغلب المشايخ وعلماء الأزهر الشريف ليزينوا جنازته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة