يوسف أيوب

الأزمة مع إيران سياسية وأمنية وليست دينية

الخميس، 24 أغسطس 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تصدر خبر زيارة الزعيم الشيعى العراق مقتدى الصدر للسعودية ولقائه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن بعدها زيارته للإمارات العربية المتحدة ولقائه الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى، عناوين الصحف الإقليمية، كما اهتم به الإعلام الغربى باعتبار الزيارة تغييرا مهما فى استراتيجية الرياض وأبوظبى فى التعامل مع كل من له علاقة بالمذهب الشيعى، آخذا فى الاعتبار الخلاف الخليجى الإيرانى، الذى أخذ أبعادا خطيرة الشهور الماضية، خاصة بعد ثبوت تورط طهران فى إثارة الفتن داخل دول الخليج، وخاصة البحرين والسعودية، ودخولها على خط العلاقة الملتهبة حاليا بين قطر والدول العربية، وعلى رأسهم الرباعى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، من خلال دعم نظام تميم الإرهابى فى الدوحة فى مواجهة الرباعى العربى الداعم لمكافحة الإرهاب الممول من قطر.
 
وبعيدا عما قيل بشأن زيارة مقتدى الصدر للرياض وأبوظبى، فإننى أعتبرها رسالة مهمة تكشف عن أمور ربما كانت غائبة عمدا عن المتابعين لما يحدث حاليا فى المنطقة، وأقصد هنا أن استقبال الرياض تحديدا للقيادة الشيعى العراق، إنما يؤكد أن الخلاف مع إيران ليس دينيا أو مذهبيا، وإنما فى الأساس سياسى وأمنى، وإلا ما استقبل الصدر فى الرياض، ولما أصبح مرحبا به فى عدد كبير من العواصم العربية.
 
التعامل مع الصدر ومن قبله عمار الحكيم الذى أجرى جولة بعدد كبير من العواصم العربية وزار القاهرة، لم تكن من منظور مذهب، وإنما تم التعامل معه باعتباره مكونا سياسيا مهما داخل التركيبة العراقية، فضلا عن أن الصدر ومن قبله الحكيم لم يثبت إنهما مخالب للقط الإيرانى، الذى يريد استخدام المذهب الشيعى كستار لتمزيق المنطقة وبث الفتن الدينية والطائفية فى الدول الكبرى خاصة السعودية ومصر.
 
أعود مرة أخرى إلى استقبال مقتدى الصدر فى الرياض، التى تكشف عن حقيقة كانت غائبة عن كثيرين، وهى أن السعودية ومعها عواصم عربية كثيرة لا تعادى المذهب الشيعى، وإنما أزمتها مع استغلال إيران للشيعة فى الدول العربية لتأليب العرب على بعضهم البعض، وإثارة الفتن كما حدث فى العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين، فالقضية لا علاقة لها بالمذهب الشيعى بقدر ارتباطها بإيران ومخططاتها الدائمة، لكى تثبت للعالم أنها قائدة الشيعة فى العالم.
 
وما يدلل على ذلك هو أنه منذ فترة وتحاول نقل القيادة الدينية للشيعة من مدينة النجف العراقية إلى مدينة قم الإيرانية، ليكون لطهران القيادة السياسية والدينية على شيعة العالم، واستخدامهم فى تنفيذ ما تخطط به من أهداف فى المنطقة.
 
كما فعلت حينما مولت شيعة البحرين لتأليبهم على النظام الملكى هناك، وحينما دعمت الحوثيين باليمن ليكونوا شوكة فى ظهر السعودية، لمحاصرة المملكة من ناحية اليمن والضغط عليها أيضا من خلال أقلية شيعية موجودة فى المنطقة الشرقية، فضلا عن سيطرتها السياسية على الحكومة العراقية، خاصة خلال الفترة التى ترأس الحكومة ببغداد نورى المالكى، الذى تم إعداده جيدا فى دمشق وطهران بمساعدة من المخابرات الإيرانية، وحينما تهيأت الظروف عاد المالكى للعراق، وأصبح العميل رقم واحد للنظام الإيرانى، لدرجة أن عددا ليس بقليل من شيعة العراق وقفوا ضده فى العديد من المواقف، لأنهم رأوه امتدادا لنظام الملالى بإيران، وأنه أضاع الشخصية العراقية، تماما كما حدث ومازال يحدث مع حزب الله اللبنانى.
 
حزب الله هو المثال القوى على المخططات الإيرانية المدمرة فى المنطقة، فهو ذراعها الأمنى والسياسى والعسكر فى المنطقة، انطلاقا من لبنان التى حولها إلى مزرعة خلفية لألاعيب إيران القذرة، التى يحاولون من خلالها إتمام سيطرتهم على المنطقة، ولم يستبعد بعض الخبراء وجود تنسيق إيرانى أمريكى إسرائيلى حول هذا الأمر، وأن الشعارات العدائية التى نسمعها كل حين فى الدول الثلاث ضد بعضهم البعض، ما هى إلا ستار لعمليات تعاون قذرة بين الأجهزة الأمنية بالدول الثلاث، والدليل على ذلك التعاون الأمريكى الإيرانى فى العراق وأفغانستان، الذى أدى إلى تمكين الموالين لإيران من إحكام قبضتهم على الدولتين، كما أن التعاون الاقتصادى والأمن- الخفى- مازال قائما بين تل أبيب وطهران، وهو ما ينفى كل الشعارات التى حاول قادة إيران تصديرها للعالم العربى مثل الموت لإسرائيل أو أن إيران هى الحامى للقدس وللقضية الفلسطينية.
 
كل الشواهد تؤكد أن الخلاف مع إيران ليس دينيا أو مذهبيا، وإلا قاطعت الدول العربية كل من له علاقة بالمذهب الشيعى، وما استقبلت الرياض وأبوظبى مقتدى الصدر، ومن قبلها القاهرة لعمار الحكيم وغيرهما من القيادات الشيعية فى العراق ولبنان.
 
لكن تبقى المشكلة مع طهران سياسية وأمنية، وستظل هذه المشكلة والأزمة قائمة إلى أن تغير إيران استراتيجيتها أو يتغير نظام الحكم فى طهران، وتتنازل طهران عن أطماعها فى دول المنطقة، خاصة دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التى ينظر لها قادة إيران، باعتبارها العدو الذى يجب القضاء عليه، ليس فقط ليكون لإيران الزعامة على منطقة الخليج، وإنما ليكون لها الزعامة الدينية أيضا. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة