لا توجد أرقام جديدة لاحتياطات القارة الأفريقية من النفط الخام إلا أن بعض التقديرات السابقة تشير إلى أنها تبلغ نحو 6 فى المائة فقط من الاحتياطات العالمية المثبتة، وتأتى نيجيريا العضو فى أوبك فى المرتبة الخامسة فى قائمة المصدرين الرئيسيين للولايات المتحدة، أما الدول التى تركز عليها الولايات المتحدة فتقع فى وسط وغرب القارة وهى أنجولا والكونغو والجابون وتشاد والكاميرون ومؤخراً انتقل اهتمام الولايات المتحدة إلى السودان، التى تقدر احتياطاتها النفطية فى الوقت الحاضر بنحو 1.25 مليار برميل. الكاتب والباحث عبدالكريم الحمودى تحت عنوان «خطط أمريكية حثيثة للسيطرة على منابع النفط فى العالم» كشف الكثير من الحقائق مستخدما تقرير صدر عن الكونجرس يشير إلى مشروع خطة لاعتبار «خليج غينيا» وهو شريط ساحلى ملىء بالنفط بين أنجولا ونيجيريا «منطقة اهتمام حيوى» للولايات المتحدة، بناء على المعلومات التى تفيد بغنى المنطقة الفعلى بالنفط، حيث إن إنتاج المنطقة النفطى يتعدى 5.4 مليون برميل يوميا، وهى كمية تزيد على مجمل إنتاج فنزويلا وإيران والمكسيك.
كما أن أنجولا تعد تاسع أكبر مصدر للنفط فى العالم، حيث يقل الإنتاج قليلاً عن مليون برميل يوميا، إضافة إلى أن خليج غينيا يشمل مجموعة دول أخرى تنتج مئات الآلاف من البراميل يومياً بصورة تتعرض للارتفاع المستمر مثل غينيا الاستوائية، وتشاد، والكاميرون، والجابون، أما عن تشاد، فبحلول عام 2003 ضخت نحو 250 ألف برميل فى اليوم الواحد، ويفسر ذلك قيام شركة إكسون موبيل الأمريكية باستثمار ضخم فى التنقيب عن النفط فى حقول «دوبا» بما يقدر بأربعة مليارات دولار.
وذكرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أن إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش تولى اهتماما خاصا بالنفط فى جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، التى تجاوز إنتاجها من النفط الخام أربعة ملايين برميل يومياً، وهى نسبة تفوق ما تنتجه إيران وفنزويلا والمكسيك معاً.
وقالت الصحيفة: إن الولايات المتحدة تحصل فى الوقت الراهن على 16 فى المائة من وارداتها النفطية من منطقة جنوب الصحراء الأفريقية، وقد تصل هذه النسبة إلى 25 فى المائة، حيث ستجلب الكمية الأكبر من النفط من الشريط الساحلى الواقع بين نيجيريا وأنجولا، الذى يطلق عليه اسم «خليج غينيا» الواقع غرب أفريقيا.
وأكد «بول ميكائيل ووبى» مدير المعهد الأمريكى للدراسات الاستراتيجية المتقدمة فى كلمته، التى ألقاها فى ندوة «النفط الأفريقى وأولوياته الأمنية للولايات المتحدة والتنمية فى أفريقيا»، والتى عقدت فى السادس من «يوليو» الماضى بلاجوس- نيجيريا، أن المؤشرات والأرقام والإحصاءات الصادرة من الإدارة الأمريكية لشؤون النفط والطاقة تؤكد عمل كل الترتيبات لرفع نسبة الاستيراد الأمريكى من النفط الأفريقى إلى 50 فى المائة من مجموع النفط المستورد.
تصنف الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الدول الكبرى المنتجة للنفط والمستوردة له فى نفس الوقت، فهى ثالث دولة منتجة للنفط فى العالم لكن نصيبها من احتياطات النفط العالمية المثبتة لا يتجاوز 2 فى المائة، وهى أيضاً أكبر دولة مستهلكة للنفط.
وبحسب الأرقام الصارة مؤخراً عن وزارة الطاقة، فإنها تستهلك نحو 19 مليوناً و366 ألف برميل يومياً، أى ما يعادل ربع إجمالى استهلاك العالم من النفط الخام، سيرتفع إلى نحو 26 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020، تستورد منه نحو 11 مليوناً و600 ألف برميل يومياً، أى ما يعادل 54 فى المائة من مجمل استهلاكها من النفط، وهذه الكمية سترتفع إلى أكثر من 16 مليون برميل يومياً بحلول العالم 2020، وإلى أكثر من 20 مليون برميل يومياً بعد عام 2030 وذلك نتيجة اتجاه الإنتاج المحلى فى الولايات المتحدة إلى الانخفاض لنحو يقدر بخمسة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020 بسبب نضوب الحقول الحالية، وعدم اكتشاف حقول جديدة، لذلك فإن الولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق هدفين معاً الأول: تأمين حصولها على النفط ضمن ظروف وشروط تدعم النمو والازدهار الاقتصادى الأمريكى، والثانى: ضمان عدم ارتهان صادراتها من النفط للدول المنتجة.
وانطلاقاً من هذه الأهداف، جاء اهتمام الولايات المتحدة بالنفط الأفريقى، واعتباره أكثر جاذبية من النفط الروسى الذى كثر الحديث عنه خلال الفترة الماضية كمنافس لنفط الشرق الأوسط، وفى هذا السياق قالت صحيفة التايمز: إنه بالنسبة للولايات المتحدة يقدم منتجو خليج غينيا الأفريقى مصدر طاقة أكثر جاذبية من روسيا، ذلك لأن نيجيريا قريبة من المصافى الأمريكية على الساحل الشرقى ومن خليج المكسيك، وفى نفس الإطار أشار الملحق الاقتصادى لصحيفة «أل باييس» الإسبانية إلى خطة مهمة للولايات المتحدة فى أفريقيا تجمع بين الاستثمار النفطى فيها ووجود القوات الأمريكية.
ولفتت النظر إلى أن الاحتياطى النفطى للدول الأفريقية جنوب الصحراء من الضخامة بحيث بات يشكل اهتماماً متزايداً لدى الولايات المتحدة، باعتبارها أكبر دولة مستهلكة للنفط فى العالم، ويتزامن مع رغبة الولايات المتحدة فى تنويع مواردها النفطية، بحيث تعتمد بصورة أقل على المملكة العربية السعودية والدول الأخرى المنتجة للنفط فى المنطقة العربية، خاصة بسبب حالة عدم الوثوق التى تخيم على المنطقة الآن نتيجة الحرب ضد الإرهاب.. ونواصل الأسبوع القادم.