أيام ويبدأ حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج للعام الهجرى 1438، وتيسيرًا على الحجاج بدأ اليوم السابع وعلى مدار الشهر نشر كل ما يخص الحاج من تعريف لما يجب عليه قبل الحج، وما ينبغى أن يؤديه خلال المناسك والمحظورات التى قد تبطل حجه أو توجب عليه الكفارة، وذلك من خلال الاستعانة بكتاب وزارة الأوقاف التيسير فى الحج، والذى أشرف عليه كبار العلماء .
ونتعرف اليوم أيها الحاج الكريم على حكم المبيت بمنى، فالمبيت بمنى إما أن يكون يوم التروية (ليلة عرفات) أو ليالى التشريق، وبيان ذلك فيما يلى:
أولاً: حكم المبيت بمنى يوم التروية:
يوم التروية هو اليوم الثامن من ذى الحجة، والمقصود بالمبيت فيه ليلته التى هى ليلة عرفة، وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن المبيت بمنى يوم التروية ليس بفرض ولا واجب عند جميع الأئمة، وإنما هو سنة، ومن المعلوم أن من يفعل السنة يثاب على فعلها، ولا يأثم بتركها، والسنة إذا تعارضت مع أداء الواجبات، أو أدت إلى هلاك النفس فى الزحام أو التخلف عن الرفقة فى حال الحج مع وفد أو مجموعة فإنها تكون غير مطلوبة.
ثانيًا: حكم المبيت بمنى أيام التشريق
يبدو من أقوال الفقهاء: أن حكم المبيت بمنى أيام التشريق يختلف بحسب الأعذار وما يصاحب أداء المناسك من المشاق وعدم وجود تلك الأعذار والمشاق وذلك كما يلى:
فى حالة الأعذار
يجوز تركه تلافيًا للأعذار التى يشق على الحاج فعله معها، وذلك قياسًا على أحوال الرعاة والسقاة والمرضى والمسنين الذين رخص لهم النبى فى تركه أيام الرمى لانشغالهم بالرعى خارج حدود منى، وقيامهم على أمور السقاية بمكة، وقد ورد أن العباس استأذن النبى فى أن يبيت بمكة ليالى منى من أجل سقايته فأذن له، وعن عكرمة، عن ابن عباس ( رضى الله عنهما) قال: "إذا رميت الجمار بت حيث شئت وعن عطاء قال: " لا بأس أن يبيت الرجل بمكة ليالى منى إذا كان صنيعته" أى إذا كان ذلك عادة لهم-، وهذه الأعذار إذا كانت تبيح ترك المبيت فى أيام التشريق، فإنها تبيح تركه يوم التروية عند من يقولون بأنه مستحب، وذلك من باب التيسير، قال الشوكانى: يجوز الترك لكل من له عذر يشابه الأعذار التى رخص لأهلها رسول الله، وهو قول جمهور أهل العلم.
ومن الأعذار المبيحة لترك المبيت بمنى أيام التشريق ألا يكون للحاج مكان يبيت فيه بمنى، فإنه إذا لم يكن له مكان فيها أو لم يتيسر له يجوز أن يبيت خارجها قريبًا منها أو بعيدًا عنها بحسب قدرته واستطاعته ولا فدية عليه، لعجزه وعدم قدرته على المبيت فى منى، ولقوله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ".
يبدو من أقوال الفقهاء: أن ترك المبيت بمنى مكروه عند مالك ولم تتفق كلمة المالكية على وجوب دم بتركه وعند الشافعية: المبيت مستحب وغير واجب؛ لأنه مبيت فلم يجب كالمبيت ليلة عرفة، وعند الحنفية: هو سنة يثاب فاعله لاقتدائه بفعله فى حال العزيمة التى لا تقتضى التخفيف ولعدم وجود العذر، فإن وجد العذر، فإنه يجوز تركه بــه ولا شىء علـيه لأن المبيت ليس واجبًـــا، بـل سنة، والحنابلة، وإن كانوا يرون أن المبيت واجب، وتركه يوجب دمًا، إلا أن ذلك الوجوب مرهون بالاستطاعة فإذا لم تتحقق تلك الاستطاعة كما فى أحوال ذوى الأعذار الذين لا يقدرون على المبيت إلا بمشقة تهدد حياتهم أو صحتهم، ولا يقدرون فيها على استحضار نية العبادة والقرب من الله تعالى فإن وجوب المبيت يرتفع عنهم، وذلك معلوم من مقاصد الشرع العامة وقواعده الكلية.
ومن المعلوم أن وجود العذر فى الحج لم يعد حالة فردية، بل أصبح حالة عامة تتعلق بالشأن الإسلامى كله، وبكافة الحجاج؛ لأن القوى فى الزحام يصبح كالضعيف من حيث التعرض للمخاطر المهلكة، ولأن وقوع الحوادث وسقوط القتلى فى الزحام بسبب التدافع لا يفرق بين شاب قوى، أو شيخ ضعيف، وهذا من المستجدات التى يتعين أخذها فى الاعتبار للوصول إلى الحكم الشرعى الصحيح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة